بوكماخ.. نابغة الإبداعِ في التعليمِ بالمغرب

بوكماخ.. نابغة الإبداعِ في التعليمِ بالمغرب

أحمد إفزارن

تعرّفتُ عليهِ في طنجة.. وأجرَيتُ معه لقاءاتٍ وحِوارات، حَول سِلْسِلتِه التّربَويّة: “اِقرَأْ“..

يُطلَقُ عليه “مُرَبّي الأجيال”.. وقد ترَبّت على “اِقرَأْ” أجيالٌ منَ المُستَوياتِ الدراسيةِ الابتدائية..

وكانت أخواتٌ وإخوِةٌ تتناوِبُ على قِراءتِها، وتَصِلُ إلى بَناتِ وأبناءِ الجيران، وتَنتقلُ مِن طفلٍ إلى آخر..

كُتُبٌ رَخِيصةُ الثّمن، كثيرةُ الفائدة، ولها مِيزةٌ تعليميةٌ وتربوية، وما زالت حاضرةً في ذاكرة أجيالٍ قد أصبحَ بعضُها أُطُرًا في الداخلِ والخارِج..

كانت لي جلساتٌ مع “أستاذِ الأجيال”.. وقال لي في جريدة “الخضراءِ الجديدة”: “أستغربُ لحالةِ التّعليم.. أرى أطفالاً يَحملُ كلّ واحدٍ منهُم 10 كيلوغراماتٍ من الكُتُب“...

والكُتُبُ ليست كيلوغرامات.. ليست حُمُولة.. إنها مَضمُون..

أحمد إفزارن مع أحمد بوكماخ (1991)
أحمد إفزارن مع أحمد بوكماخ (1991)

  إنّ هذا المُربّي حاضرٌ إلى الآن في الذاكرة التعليميةِ المَغربية.. فماذا كان يَخطُر ببالِ الرجُل؟ رُبّما كان يُفكّرٌ في وزنٍ خفيف، مع فعاليةٍ أكبَر..

وماذا كانَ سيَحصُلُ اليومَ لو تَيَسّرَ لهُ تطويرُ “اِقرَأْ”؟ هل كان سَيتَخَلّى عن حَيواناتٍ أليفةٍ، باعتِبارِها شريكًا في التعليمِ الابتِدائي؟

أم تُراه يُفكرُ أيضًا في إقحامِ كائناتٍ رُوبُوتيةٍ تكنولوجية، لتنشيطٍ أكثَرَ فعاليّةً لسِلسِلةِ “اِقرَأْ”؟ وربّما كان يُفكّرُ في إدخالِ لُغاتٍ حيّةٍ لتسهيلِ حِواراتٍ للأطفال؟

المُؤكّدُ أنه كان يفكّرُ في تطويرِ “اِقرَأْ“..

وأكدَ لي أنه يشتغلُ على قامُوسٍ خاصّ بالأطفال..

فهمتُ من مُلتقياتٍ مع الأستاذ بوكماخ، أنهُ يُفكّرُ في تحويلِ “اِقرَأْ” إلى نمُوذجٍ تعليمِيّ للتّحمِيسِ على النُّبُوغ، بَدَلَ الدّفعِ بالتعليم إلى التراجُع، بسبَب جعل الكتابِ المَدرَسي مُجرّدَ تِجارة..

لو تيَسّرت الظروفُ للرّجُل، وهو ذُو بُعدِ نَظَر، لَمَكّنَ الكتابَ المَدرَسي من مُواكبةِ التّقدّمِ أكثَر، بدلَ جَعلِهِ عُرضةً للانقِراض..

كان الأستاذ بُوكماخ سابقًا لوَقتِه في زمنِ “اِقرَأْ“..

وما أحوجَ التعليمَ اليوم إلى تغذيةِ هذا الكتابِ، المُوجّهِ للأطفال، بقواميسَ تُماشِي التّطوُّرِ العِلمِي العالَمِي، وتَنعكسُ إيجابيًّا بتعابيرِها ومُصطلَحاتِها على اللغةِ العربية، وحتى العامّية والأمازيغية..

والأستاذ أحمد بوكماخ مارسَ التّلاقُحَ بين اللّهجات واللغات والكائناتِ الأليفة.. ويستطيعُ إحضارَ التّطوُّرأت الحيّة إلى التّواصُل البشري الحَالي، حيث باتَ مُمكِنًا تنشيطُ اللغاتِ الحالية بما يُفيدُ القامُوسَ المغربي، على مُختلفِ المستويات..

وهذا التّطوّيرُ المَنهَجِي بحاجةٍ إلى أدمغةٍ وديناميكيّةٍ ومُحاربةٍ للانقِراضِ اللغوِي.. وما أحوجَ تعليمَنا إلى المزيدِ مِن بُعدِ نَظَر، في المَنهجيّةِ الدراسيةِ المغربية، وإلى تنسِيقٍ مع الفُنون المَعنيّةِ بالدّراسة والفَهمِ والوَعيِ والخَلقِ والإبداع..

أحمد بوكماخ” مِن نوابِغِ الإبداعِ في التعليمِ العُمومي المغربي..

Visited 90 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة