في تخثر الأحلاف وانكماش التوجهات الديموقراطية بمغرب اليوم (تداعيات)

في تخثر الأحلاف وانكماش التوجهات الديموقراطية بمغرب اليوم (تداعيات)

 عبد الله راكز

ظهرت نتائج ما سبق في هيمنة الانقسامات على التيارات المتنوعة في حركية النهوض الديموقراطي؟ وتوالت الارتكاسات في ذاتية تينك الحركية؟

لقد سجل تاريخ الانتفاضات الوطنية والنضالات السياسية المغربية منذ الاستقلال وحتى اليوم، أنها كانت بمثابة البالوعة التي امتصت أفرغت زخمها المتراكم (على كل حال)، همشت قواه،وأسست للتشرذمات والإلحاقات التي لاتزال تنيخ بثقلها على القضية الديموقراطية، فتقلص دور التيار الديموقراطي، إما انكفاء أو انصهارا في الرواسب الجزئية الداخلية، أو استغراقا في مواجهة الترتيبات المضادة لطموحها والمتواصلة في ذات السياق.  

 1/  حكومة “الاستدماج” ليست “اجتماعية”:

لطالما قيل أن حكومات “الاستدماج”، وهي ذات طبيعة سمجة، هي الحل في مجتمعات متخلفة، بعيدة كل البعد عن الإنتاجية ذات النفع الاجتماعي. لكن يختلف هذا البعد من مجتمع ليبرالي حقيقي (إذا قبلنا بهذا) وآخر يعيش مفارقة بهذا الصدد (المغرب لامحالة) تركت أثرا بالغا في ممارسات التيارات المذكورة وفي وعيها أيضا.

سيدفع هذا (بعد أن يضع التيارات المذكورة في ذهول) بالتناقض بين شعار الدولة الاجتماعية و”الاستدماج” الاجتماعي القسري إلى تمحور خاص هو: حرص الكمبرادور وهو يعاني من الضعف على مستوى نقطتين: السيطرة على وسائل الإنتاج الريعية، وتشديد القبضة على السلطة السياسية. بعد أن لخصت ممارسة الدولة الصعد الاقتصادية والسياسية، ما بقي من ثقل النفوذ الطبقي والثقافي المعياري للمركب البورجوازي الهجين والملاك العقاري.

2/ في بعض أسس انهيار التيار الديموقراطي:

لنقل مع المتفائلين على قلتهم، إن التيار المذكور، وعلى رأسه حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (وسليله اليوم الاتحاد الاشتراكي وما يسمى بقوى اليسار الجذري؟)، تعرض لما يشبه النكوص عملياتيا، غير أن نكوصه العام وجد أحد أهم أسباب قيامه في انعدام الفصل بين نضاله الديموقراطي المحلي، وبين فهمه أو رؤيته لما كان يعتبره نضالا قوميا؟

كمحصلة لظروف خارجية اتسمت بتراجع الاستعمار القديم، وكذلك بروز مقدمات صعود جديد وهمي لأفكار وممارسات التحرر القومي، أصبح العمل لديها للظفر بالاستقلال نقطة ازدلاف لمجمل التيارات المجتمعية، وتكثيفا للكتل السياسية منها والاجتماعية، واحتل هذا الطموح لديها من حيث البناء البنيوي ووحدة التناقضات التي تربطهما، ومنه يمكن القول أن هذه الخاصية (وهي استدماج أصلا ) هي نفسها التي تحكم المركب البورجوازي الهجين الآن، بنيوي متأصل في الممارسة السياسية بالمغرب، وحكم من دون مبالغة آلية وسيرورة حركية التيار الديموقراطي (أو التحرري عند البعض) المتجددة اليوم بأبعادها الشعبية شعاريا (حدث هذا أيضا بجل الأقطار العربية. بدءا وانتهاء بتجربة عدن “الاشتراكي”)، أما الباقي فحدث ولا حرج.

3/  في العلامات الفارقة:

لربما(وهذا اعتقادي)، كانت العلامات الفارقة التي طبعت التيار الديموقراطي بالمغرب كحركية استدماجية متجددة، علامات تفصح عن نوع من التنازع الحاصل في بنيتها (بعد فشله في إدارة الصراع الديموقراطي بل فشل نيته في ذلك؟): تيار مبني موضوعيا على من محصلات وافاعيل محلية، وآخر بنى مشروعه الفاشل أصلا من تطلعات “قومجية” ذاتيا، حيث تركت هذه المفارقة أثرا بالغا في ممارساته، وشكلت نوعا من الفجوة البنيوية لديه (= منظمة العمل الديمقراطي الشعبي كنموذج اعتاش على المشرق، وسليلها شيء اسمه الحزب الاشتراكي الديموقراطي. انتهى ومضى في الظروف المعروفة).

إن الاطناب الميتافيزيقي الذي اتسمت به الايديولوجيا” القومجية” لدى هذا التيار وغيره (هو كان محسوب على التيار الديموقراطي قسرا للأسف) هو تعبير عن ضحالة ومحدودية قاعديته المحلية بمكوناتها البشرية والمادية والثقافية انعكست في نزعته المؤسطرة للقومية.فكان فشله من فشلها.وضاعف فشله هذا من انعدام الثقة في كل مايتصل بالنضال الديموقراطي؟

فهل “الاستدماج” مقتصر فقط وكديدن على المركب البورجوازي الهجين، أم هو كذلك متأصل بالبنية الداخلية؟ التنظيمية والسياسية للتيار الديموقراطي؟

هذا بعض من الأسئلة التي نراها مفتاحا في فهم انكماش توجهات من نعتبره تيارا ديموقراطيا بالمغرب.

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد الله راكز

حقوقي وناشط سياسي