هل يجبر التاريخ المغرب على الحرب لضمان وحدته؟

هل يجبر التاريخ المغرب على الحرب لضمان وحدته؟

اسماعيل طاهري

الدفاع عن استقلال المغرب ووحدته الترابية ليس موضوعا قابلا للتصرف.

ولابد من الإستعداد للتحديات التي قد يفرضها الواقع بما فيها الرد على مصادر النيران التي تستهدف الوحدة الوطنية. فدولة المغرب  واحدة من أقدم الدول المركزية في العالم الى جانب الصين والهند ومصر… وليس من السهل أن يقبل الشعب المغربي أي إهانة تمس وحدته الوطنية والترابية.

ونخبة العسكر الحاكم في الجزائر لا تريد أن تبتعد عن المغرب، ولن تبتعد عنه بخصوص الصحراء الغربية، حتى لا يبقى للمغرب وقت أو جهد لمجرد التفكير في استرجاع الصحراء الشرقية. وبناء دولة ديمقراطية قوية اقتصاديا.

وقد نجحت نسبيا الجزائر في خطة الإلهاء. لأن النظام الجزائري يدرك أن حسم المغرب ملف الصحراء الغربية سيكون مقدمة للمطالبة بالصحراء الشرقية، وهذا بالنسبة له بمثابة فتح باب جهنم، مما قد يقوض أسباب وجوده، لأن دول أخرى ستحذو حذو المغرب حينها وتتجرأ على المطالبة باسترجاع أراضيها التي احتلتها فرنسا في غربي تونس وليبيا وشمال مالي . وتتصور النخبة الجزائرية أن هذا المشهد هو نهاية عملية لكيان الجزائر الحالي، وإذا أضيف إلى هذا وجود تيارات انفصالية في القبائل وطوارق الجنوب. لهذا تعي هذه النخبة الحاكمة للجزائر حجم التحديات التي تنتظرها إذا خسرت ملف الصحراء مع المغرب.

لذلك تجعل من معاداة المغرب قضية وجود، بادعاء دفاعها عن مبدا تقرير المصير. ودعم حركات التحرر، وهو حق يراد به باطل. بل تستغله كريع سياسي لشرعنة نظام الحكم العسكري الديكتاتوري. وهو نفس ما تفعله مع قضية الشهداء وحرب التحرير والذاكرة التي فطنت لها فرنسا وكانت لرىيسها إيمانويل ماكرون الشجاعة الأدبية في فضح هذا الريع السياسي، ولاحظنا كيف كان رد فعل السلطة الجزائرية الغاضب، لان تصريحات ماكرون ضربتها في مقتل.

ولم تكتف الجزائر باعتبار ملف الصحراء ريعا سياسيا، بل انتقلت مؤخرا الى ملفات ثقافية لبناء هويتها على حساب المغرب. واصبحت منشغلة بقضايا ترتبط بأصل الكسكس والطاجين وفصل القفطان وجد أهازيج العلاوي والكناوي وحتى صومعة الكتبية لم تسلم .، لتقنع نفسها أن المغرب سرق ثراتها وهويتها. بل ولجأت الى منظمة اليونيسكو لتسجيل هذا الثرات باسمها. وتبحث عن كل الدلائل أنها هي الأصل وال، ولكن ماكرون ذكرها بكونها لم تكن أمة قبل الإستعمار الفرنسي.

واذا كانت الجزائر أنفقت على المشروع الانفصالي ما بين 300 و500 مليار دولار فإنها لن تتراجع بسهولة. ولا يمكن تصور تراجعها ألا بدمقرطة نظام الحكم في الجزائر أو بحرب مدمرة مع المغرب.

قد يقول قائل إن المغرب أتفق مع الجزائر على التنازل على الصحراء الشرقية في 1972 نقول له المغرب قدم عدة مبادرات وتنازلات مبررة وغير مبررة، ولكن رد فعل عسكر الجزائر دائما يخدع المغرب ولايلتزم بأي انفاق. ومن أخطر التنازلات التي قدمها المغرب فعلا هو التوقيع على اتفاقية 1972 الخاصة بترسبم الحدود والتعاون الإقتصادي، وهذه الاتفاقية، ورغم التنازلات الكبيرة التي قدمها المغرب فيها، لم تلتزم الجزائر بها.

لهذا يمكن تسجيل بعض الخلاصات حول هذه اتفاقية 1972 التي اعتقد أنها صارت من التاريخ ولم تعد لها شرعية قانونية أوسياسية:

1-  أن هذه الاتفاقية لم تنفذ لحد الآن، بل تنصلت منها الجزائر عمليا، بدعم البوليساريو بعد عام واحد من توقيعها. لأن الإتفاقية تنص على عدم معاكسة المغرب في وحدته الترابية.

2- هذه الاتفاقية غير دستورية على الجانب المغربي وفيها إخلال بعقد البيعة. فلا يسمح الدستور المغربي للملك الحسن الثاني بالتفريط في شبر واحد من التراب الوطني، وشرط الدفاع عن حوزة البلاد في دائرة حدودها الحقة، وتحرير الثغور والجزر والأراضي المحتلة من شروط البيعة.

3- هذه الاتفاقية أصبحت لاغية بمجرد طرد المزارعين المغاربة في مزارع العرجات بفكيك، وفي عدد من المناطق الحدودية “المؤقتة” شرق المغرب.

4- هذه الاتفاقية أصبحت لاغية بمجرد تدشين منجم الحديد بغار اجبيلات من طرف وزير الطاقة الجزائري في 30 يوليوز 2022. وعقد اتفاقية لاستغلاله مع الصين.

لهذا يتعين على المغرب إعداد مذكرة قانونية ورفعها الى الأمم المتحدة واعلان الانسحاب من اتفاقية 1972 بسبب تنصل الجانب الجزائري منها من جانب واحد. ووضع ملف الصحراء المغربية وسبتة ومليلية والجزر في لجنة تصفية الإستعمار. ورفع دعوة قضاىية لدى محكمة العدل الدولية ضد فرنسا ومطالبتها بتسليم المغرب الصحراء الشرقية وفتح حوار مع إدارة الجزائر لتسهيل العملية في إطار سلمي وحضاري.

واذا فشلت كل هذه المساعي القانونية والدبلوماسية فعلى المغرب التفكير جديا في تنظيم مسيرة شعبية سلمية لتحرير تندوف  والقنادسة وبشار وجميع حبات رمل الصحراء الشرقية. والا فلن ينفع معط المحتل الجزائري ألا لغة القوة العسكرية…..

وحدة الجبهة الداخلية هي صمان الأمان للدفاع عن وحدة الوطن. وهذا يرتبط بتعزيز المسار الديمقراطي، الذي سيفتح ملف الوحدة الترابية لتكون القوى الديمقراطية طرفا في ملف الصحراء والوحدة الترابية الترابية، وعدم احتكاره من طرف الدولة لأن احتكاره في دواىر رسمية ضيقة يجعل الدولة تسقط في أخطاء فادحة يستغلها الخصوم بمكر.

وانحراف الموقف التونسي وقبله الكولومبي في شهر واحد يراجع إلى أخطاء دبلوماسية وسياسية مغربية لايمكن الهروب منها.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب