آفة الإدمان على البورنو

آفة الإدمان على البورنو

باريس- المعطي قبال

ثمة أطروحة، قابلة للنقاش طبعا، أدلى بها بعض علماء النفس مفادها أن الإدمان على البورنو، مثله مثل الإدمان على الخمر والمخدرات والجنس، لعب دورا مهدئا للنزوات والميولات العدوانية والانتفاضية لبعض الشعوب. ويفسرون اختفاء الثورات أو قلتها بالإسراف في التعاطي لإشباع هذه الفانتزمات. المهم أن مستعملي الإنترنت في الجهات الكونية الأربع، يفضلون الدخول إلى المواقع الإباحية للتفرج على مشاهد متحررة من محرمات الدين والأعراف أو مشاهد سادو – مازوخية لنساء يعنفن الرجال والعكس بالعكس، بدل حمل البنادق أو توزيع المناشير الدعائية. ولم يسلم من سيادة وسلطة البورنو أي مجتمع. بعضها يمارسه بشكل خفي والأخر بشكل علني، بدءا من الإشهار لنساء نصف عاريات والذي يعتبر الدرجة صفر للبورنو.

 بفرنسا، ارتفعت مرة أخرى أصوات الجمعيات المعنية بحماية الطفولة والمراهقة، للمطالبة بوضع حد لوباء البورنو المتفشي هذه المرة في أوساط أطفال ما قبل المراهقة، وتحديدا البالغين 12 سنة. وفي هذا الاتجاه دعت هذه الجمعيات إلى توقيف 5 مواقع إباحية الأكثر تصفحا بفرنسا.

من جهتها طالبت هيئة تقويم الإعلام المرئي والرقمي، والتي تقوم بضبط ومراقبة كل ما يتعلق بالصورة المرئية سواء على قنوات التلفزيون أو الإنترنت بإقفال المواقع التي لا تحترم قوانين المراقبة . وشرع قانون 30 يوليوز 2020، للهيئة بمتابعة المواقع الالكترونية التي لا تحترم مراقبة سن مستخدمي الإنترنت.  وستكون هذه الخطوة، في حالة ما إذا نجحت، سابقة عالمية في مجال الرقابة على مؤسسة وصناعة البورنو، التي تقارب أرباحها 100 مليار دولار سنويا. ولنا في مثال الأخوين باكو، وهما فرنسيان لا أحد يعرف عنهما شيئا. شبحان بلا رقم هاتف ولا حساب فايسبوك أو تويتر ولا عنوان إلكتروني أو بريدي، ومع ذلك يتربعان على موقعين بورنوغرافيين يزوره شهريا مليار مستعمل للإنترنت. بفرنسا وحدها يستعمله 20 مليون شخص. كما أن موافقة المحكمة على طلب “لاركوم” (هيئة تقويم الإعلام المرئي والرقمي)، ستكون خاتمة لإجراء قانوني تم طرحه بعد تصريحات إيمانويل ماكرون عام 2017 غداة  انتخابه للولاية الأولى، والتي طالب فيها بإجراءات أكثر صرامة للحد من استخدام البورنو على الانترنت لحماية القاصرين. أما وضع نافذة على الشاشة تطلب من المستخدم هل تجاوز سن 18 عشرة، فقد تبينت عدم نجاعتها. على إثر خطاب ماكرون طالبت الحكومة  وجمعيات تعنى بالدفاع عن الطفولة من “لاركوم” بأن يقوم الموزعون الرئيسيون مثل أورانج، بويغ، فري، إس إف إر، القيام بالإشراف بأنفسهم على «تنقية» أهم المواقع البورنوغرافية مباشرة. لكن محكمة باريس رفضت في شهر أكتوبر من العام الماضي هذه الدعوة وبقيت الأمور على حالها. واستأنف المسلسل القضائي حلقاته هذه المرة بمطالبة 3 جمعيات من مؤسسة “لاركوم”بتوقيف 5 مواقع بورنوغرافية. اليوم تبث المحكمة في القضية. على أي تبقى هذه الاستراتيجية حلا مؤقتا، ذلك أن إقفال باب البورنو لن يمنع المستعملين والمدمنين من دخول المواقع من النافذة. فقد يبحثون عبر غوغل عن مواقع «هارد» بديلة. لذا تبدو كل الحلول التي طرحت على الطاولة لوضع حد لهذا الإدمان مجرد «بريكولاج» لا يتصدى، من الأصل، لما يسميه البعض بـ «الوباء».

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".