مدينة طنجة بين أزمة الرياضة ورياضة الأزمة!

 مدينة طنجة بين أزمة الرياضة ورياضة الأزمة!

الصادق بنعلال

   منذ سنوات عديدة ونحن ننتظر انطلاقة فعلية وجادة للحياة الرياضية الصحية والمسؤولة لمدينة طنجة، مقارنة ببعض المدن المغربية المرجعية في هذا المضمار، منذ مدة ليست بالقصيرة ونحن نترقب انعطافة مفصلية تقطع مع المسلكيات العفوية غير المهنية لأصحاب القرار الرياضي في هذه المدينة العزيزة على قلوب المغاربة، لكننا سمعنا في مناسبات كثيرة “جعجعة ولم نر طحينا”، إلى درجة أصبح بعض الغيورين يطرح أسئلة “محرجة”، من قبيل:

– لماذا لا تشهد عروس الشمال أنشطة رياضية وازنة؟

– وما هي العوامل التي طالما كانت بمثابة فرامل تمنعها من هذه الحركية المطلوبة؟

– وماهي الحلول والبدائل الكفيلة بإصلاح هذا الوضع غير المقبول؟

   وحتى لا يفهم كلامي خطأ، فأنا لا أحكم بجرة قلم على التاريخ الرياضي لمدينة أحبها بلا حدود، ولا أنكر فترات مشرقة عرفتها في مجالات عدة، كرة القدم والسلة والطائرة واليد والمضرب وسباق الدراجات.. أحرزت فيها نتائج مشجعة جدا، كما أنني أدرك الدور الكبير والهام الذي يقوم به بعض المختصين بالشؤون الرياضية في ميدان التكوين والتأطير والرعاية التقنية.. لكن “مخرجات” هذه المجهودات مجتمعة أو منفصلة لا تعكس النتيجة المأمولة ولا تجسد أفق انتظار المعنيين بالثقافة الرياضية في الجهة الشمالية للمملكة. أين الخلل؟ لقد استفادت عروس الشمال منذ عقود من بنية تحتية لا بأس بها مقارنة بعدد من المدن المغربية العزيزة، كما أن الرأسمال البشري الرياضي كان ومازال رفيع المستوى، ولا زلنا نتذكر النجوم الساطعة في كرة القدم والسلة والذين كانوا في مجملهم من أبناء المدينة، ولست في حاجة إلى التذكير “باكتفائنا الذاتي” على مستوى الأطر التقنية ذات الكفاءة العالية، والقادرة على إحداث تأثير بالغ الإيجابية في النهوض الرياضي المحلي، لكن “زامر الحي لا يطرب“!

   الذي ينقص مدينة طنجة ويضعها في مرتبة متواضعة بل مخجلة في الميدان الرياضي والثقافي والاجتماعي.. هو غياب الكفاءة والمهنية والوعي الاستراتيجي عند “المسؤولين السياسيين”، وأنا في هذا المنحى لا أدعو إلى “رحيل” رجال السياسة عن الدائرة الرياضية ولا يحق لي ذلك، غير أن المنتسبين “للمشهد السياسي” الطنجوي غالبيتهم متطفلون على الفعل السياسي النبيل، يعانون نقصا في “المناعة الديمقراطية، ولا يتأخرون في “النضال” من أجل مصالحهم الضيقة وغاياتهم المادية مهما كانت “الوسائل” ، صحيح هناك نساء ورجال يمارسون التجربة السياسية بمعناها الراقي الشريف، لكن عددهم قليل مقارنة مع الفئة الأولى، ولعل فيروس “الارتزاق السياسي” وراء المآسي المحزنة لهذه المدينة، التي كان من الممكن أن تضاهي أرقى العواصم العالمية تنمية و ازدهارا وتقدما، لأنها باختصار تتوفر على كل عناصر القوة الضاربة وأخص بالذكر الموقع الجيوستراتيجي الاستثنائي، والجماهير المتذوقة والعاشقة للفعل الرياضي متعدد المجالات.

   وخلاصة القول لن تقوم للمنجز الرياضي قائمة في مدينة طنجة على يد كائنات سياسوية متخلفة منغلقة متجاوزة، عاجزة كل العجز عن الفصل المطلوب بين العمل السياسي المرتبط بالمشاريع المجتمعية المركزية والمحلية، وبين التعاطي الذكي مع المنجز الرياضي كرافعة اقتصادية حيوية، تخلق مناصب شغل وازنة وتنتج الثروة، وتعمل على تمتين أواصر الساكنة التي ستشعر بقدر كبير من القيمة الحضارية، الأمر الذي يحثها على المزيد من الإبداع والعطاء والإشعاع في سياقات مجتمعية أخرى، وهذا يستدعي كفاءات تدبيرية وأطر تسييرية مثقفة تحسن الفصل المحكم بين السياسة والرياضة، وهذا النموذج من الأطر والكفاءات حاضر بقوة في عروس الشمال، لكن كيف الوصول إلى موقع القرار في مناخ سياسي غير سليم حتى لا أقول أكثر من ذلك؟

Visited 28 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

الصّادق بنعلّال

إطار تربوي – باحث في قضايا الفكر والسياسة