مهدي عقبايي لـــ “السؤال الآن”: الشعب الايراني غاضب ولم يعد أحد يخشى بطش السلطة

مهدي عقبايي لـــ “السؤال الآن”: الشعب الايراني غاضب ولم يعد أحد يخشى بطش السلطة

 حاورته فاطمة حوحو

نهاية الشهر الماضي أعلن رئيس السلطة القضائية في العاصمة الإيرانية طهران أن ألف شخص وجهت إليهم تهم ارتكاب أعمال شغب، وقاموا بأعمال تخريبية في الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الاعتداء على حراس الأمن أو قتلهم، وإضرام النار في الممتلكات العامة، سيحاكمون في محكمة ثورية خلال اسبوع.

هذا التهديد امام انظار العالم طرح من جديد مسؤولية كبيرة أمام منظمات حقوق الانسان العالمية لا سيما في الامم المتحدة، الا ان ذلك لم يؤثر على معنويات الناشطين في الانتفاضة الايرانية التي تتوسع يوما بعد يوم وتشهد اشكالا جديدة من التحركات تعبيرا عن الاحتجاج واتساع رقعة الغضب الشعبي لا سيما عند الطلاب والجيل الجديد الذي لم يعد بمقدوره تحمل الظلم والاحكام التي تخرق حقوق الانسان وكرامته.

“السؤال الآن” حاور عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مهدي عقبايي حول هذا الموضوع هنا نصه:

*هل سيؤثر التهديد بإعدام 1000 على سير الانتفاضة كيف ولماذا وما الفرق بين الامس واليوم؟

ـــــ بطبيعة الحال، استمر نظام الملالي معتمداً على ركيزتين لمدة 43 عامًا. القمع والإعدام في الداخل ونشر الحروب وتصدير والأزمات والإرهاب إلى الخارج. لقد أعدم هذا النظام حتى الآن 120 ألف شخص، وفي عام 1988 وفي فترة وجيزة أعدم بفتوى من الخميني 30 ألف سجين سياسي معظمهم من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.

منذ يناير ــــ كانون الأول 2018 حتى اليوم، حدثت انتفاضات متعددة على مستوى البلاد التي زعزعت أسس النظام، بما في ذلك انتفاضات نوفمبر ــــ تشرين الثاني 2019 الضخمة، التي قتل خلالها الملالي أكثر من 1500 متظاهر في الشوارع بشكل وحشي.

تجاوز عدد شهداء الانتفاضة التي اجتاحت 219 مدينة خلال الأيام الـ52 الماضية 550 شهيدا وتم نشر أسماء وهويات 377 منهم حسب شبكة مجاهدي خلق داخل إيران.

وفي العام الماضي، عندما رأى خامنئي الأزمات الاجتماعية المستعصية ورأى نظامه في مأزق، قام بشكل غير قانوني بهندسة وتعيين إبراهيم رئيسي، الذي كان أحد العملاء الرئيسيين لمذبحة السجناء السياسيين في عام 1988، كرئيس للنظام في صندوق الانتخابات المزيف عن طريق الغش والقضاء على منافسيه، من أجل منع وقوع الانتفاضات.

وبعد انتفاضة 2019، تمكن خامنئي من تأجيل الانتفاضة الشعبية لثلاث سنوات من خلال استغلال جائحة كورونا، لكن كان واضحًا جدًا أنه لا يستطيع منع انفجار مجتمع يشبه برميل البارود بسبب المشاكل الاقتصادية والقمع الوحشي إلى الأبد

أخيرًا، كما كان متوقعًا، بدأت الانتفاضة بمقتل مهسا أميني، والآن بعد شهرين لم يتمكن النظام من إخمادها ولو ليوم واحد”.

استمرار الانتفاضة له عوامل مختلفة، يمكن ذكر عاملين رئيسيين، أحدهما هو الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الشديدة على الناس على مر السنين، والتي وصلت إلى العظم وضاق الناس ذرعاً بها ولا يمكن السيطرة عليها.

والثاني هو تنظيم الانتفاضة. إن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تخطط لمثل هذه الانتفاضات منذ سنوات، وشكلوا وحدات المقاومة في كل المدن والمناطق الكبرى، وهي شرارات الانتفاضة، والقيادة والموجه لها، وسبب استمرارها أيضاً، لا يمكن إسكات الانتفاضة التي تملك مثل هذه المنظمة القيادية بسهولة.

*ما هو الهدف من الإعلان عن محاكمة الف ناشط في الانتفاضة وتهديدهم بالاعدام؟

ـــــ من الواضح أن هدف النظام من إعلان محاكمة ألف ناشط للانتفاضة هو التخويف وإثارة الرعب لمنع استمرار الانتفاضة.

النظام في مأزق مطلق. هدد قادة النظام مرارًا وتكرارًا الشعب والشباب من المشاركة في الانتفاضة.

كانت الخطة الأكثر سخافة هي هجومهم الفاضح على ضريح “شاهجراغ” في شيراز، والذي خططوا لربطه بطريقة ما بالانتفاضة واستخدامه لقمع الانتفاضة وإخمادها.

لهذا الغرض ووفقًا للخطة المعدة مسبقًا، توجه حسين سلامي قائد حرس الملالي الإرهابي إلى شيراز بعد أيام قليلة من هذه الجريمة وأعلن خلال حديثه أن اليوم هو آخر أيام الانتفاضة ومن غدًا لا أحد يجب أن يخرج إلى الشوارع والمشاركة في الاحتجاجات.

لكن في اليوم التالي، رد عليه طلاب وأهالي مدن إيرانية مختلفة على أرض الشارع وهتفوا في انسجام تام في جميع أنحاء إيران، « الرجل المشلولة يده (خامنئي) هو قاتل شاهجراغ».

*كيف سيؤثر ذلك على الانتفاضة سلبا ام ايجابا؟

ــــ كما أشرت، فإن المأزق الذي يواجهه النظام هو أنه إذا لم يقمع انتفاضة الشعب، فسوف ينهض المزيد والمزيد من الناس وسينضمون إلى الانتفاضة.

من ناحية أخرى، فإن بدءه القمع الدموي وتنفيذ الإعدامات، يفتح مرحلة جديدة من الانتفاضة حيث لم بعد أحد يخشى بطش السلطة. وعليه، فإن كل شهيد يسقط على الأرض سيزيد اتقاد الانتفاضة أكثر.

لقد اختبر النظام ذلك بشكل جيد في مهاباد وزاهدان، والناس يرددون الشيء نفسه كشعار مستمر في كل مكان ويقولون: “إذا ما قتل شخص سنتفض ألف آخرون” وسيرفعون رايته.

*هل يتجرا النظام على تنفيذ هذه الخطوة برأيكم؟

ــــ يجب القول أنه فيما يتعلق بنظام الملالي وشخص خامنئي، يميلون ولديهم مثل هذا القرار بتنفيذ أحكام الإعدام، لكن يبدو أنه بعد 43 عامًا من القمع والضغط والاختناق للحفاظ على حكمهم المشين، وصل نظام الملالي الآن إلى نقطة لم يعد قادرًا فيها على فعل ما يشاء.

لا يتعلق الأمر بالشجاعة أم لا.

هذا النظام متطرف وبربري ويعود للعصور الوسطى ولن يتوانى عن تنفيذ أي جريمة للحفاظ على حكمه المشين. لكن في الوضع الحالي، فإن بعض العناصر داخل النظام هي أيضًا ضد طريقة القمع هذه، والقمع يسبب المزيد من الانقسامات والانشقاقات داخله

من ناحية أخرى، يُطرح هذا السؤال بالنسبة لخامنئي وقادة النظام، ما إذا كان القمع الدموي وتنفيذ الإعدامات ستكون في صالحهم أكثر من أجل الحفاظ على الحكم، أم على العكس من ذلك، ستؤجج غضب الشعب و الانتفاضة. خامنئي ونظامه يفكرون في كونهم أو عدم كونهم ويتصرفون وفق هذا المؤشر.

أظهرت أحداث وتوجهات التطورات، خاصة في الشهرين الماضيين، أن القمع والإعدامات هما العاملان الأكثر تحفيزًا للناس للمشاركة في الانتفاضة ومؤشراً لاشتعالها واتقادها.

أمام النظام الآن طريقتان، وكلاهما سيؤدي إلى الإطاحة به، أحدهما التهاون والتراخي، والثاني زيادة القمع والإعدام والقتل.

يجب معرفة أي من هذين الخطأين يرتكبه النظام، فنتيجة أحدهما لا تختلف كثيراً عن الآخر. فالعاقبة سواء مهما تأخرت أو تقدمت.

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

فاطمة حوحو

صحافية وكاتبة لبنانية