بدايةُ نهاية الوزير عبد اللطيف وهبي.. و معه “البَّامْ”
مصطفى ملكَو
على سبيل الاستهلال.. إنّ شخصية عبد اللطيف وهبي، تشبه إلى حدّ بعيد شخصية عبد الإله بنكيران، تَصَنُّع شعبوي، تذاكي مفرط (كَيْفَهْمُوها وهي طايْرَة)، هوس بإثبات الذّات، بسبب الأصول الاجتماعية المتواضعة، تشابه في بداية تلمّس المشوار السياسي عبر بوّابة الشبيبة الاتحادية، و بعدها ترحال إلى آفاق رحبة، حيث استقرّ بنكيران في “البيجيدي” (حزب العدالة والتنمية)، ووهبي في “البَّامْ” (حزب الأصالة والمعاصرة).
لوضع الأحداث في سياقاتها لا بدّ من التذكير بأنّ الدولة العميقة، بعدما أجهضت تجربة “التناوب التوافقي” بـ”الخروج عن المنهجية الديموقراطية” سنة 2002، كانت قد عَدّت العدّة لتجعل من “البَّامْ” الوكيل الحصري لها، خلفاً لحزب أحمد عصمان (التجمع الوطني للأحرار)، الّذي نال منه الوهن. لكن أتت “حركة 20 فبراير” في خضمّ الربيع العربي لتفسد مخطّط الدولة العميقة، الّتي، ولاِحتواء الانتفاضة، أقدمت بسرعة فائقة على إجراء تعديل الدستور مع انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، بوّأت “البيجيدي” الصدّارة ومكّنته من تشكيل الحكومة سنة 2011.
أعادت الدولة العميقة ترتيب أوراقها وبدأت بتأليب الرأي العام والطيف السياسي ضدّ بنكيران أوّلا، وبعدها ضدّ “البيجيدي” كحزب – إفراز 20 فبراير- حتّى تمّ اجتثاثه في انتخابات 8 شتنبر 2021.
صرفت الدولة العميقة النّظر عن “البَّامْ” حزب هجين وغير مُؤْتَمن بعدما غادره فؤاد عالي الهمة – وتمّت العودة إلى حزب التجمّع الوطني للأحرار، لرجال الأعمال الأقحاح، بعدما طرد رئيسه النّشاز صلاح الدّين مزوار، و نودي على عزيز أخنوش سنة 2016 ليجمع أشلاءه، عن طريق استقطابات بالجملة طالت أحزاب عبد الله القادري ومحمود عرشان والاتحاد الدستوري، حتى أصبح حزب الأحرار الحزب الأوّل بالمغرب وحقّق الاختراق المعروف في انتخابات 2021.
إنّ تهميش “البّامْ” لفائدة “الأحرار” هو سبب العداوة والبغضاء الصّامتة القائمة بين رئيس “البَّامْ” الحالي عبد اللطيف وهبي، وبين رئيس “الأحرار” عزيز أخنوش، يؤجّجها انتماء الرجلين إلى نفس الأرومة الأمازيغية، مع الفارق في السلم المجتمعي بمفردات التراكم المالي.
وهذا هو ما يشرح الصمت المريب لعزيز أخنّوش، وهو رئيس الحكومة، إذْ لم يتدخّل، لا لتهدئة الوضع النّاتج عن مغبة تزوير امتحانات المحاماة، ولا لإسعاف وزير في حكومته، تاركاً عبد اللطيف وهبي يغرق في أتون أزمة أخلاقية سيكون لها ما بعدها، وقد تؤذن ببداية نهاية الوزير وهبي ومعه “البَّامْ”، الّذي قد يعود إلى مستوى التمثيلية الحالية لحزب كالاتحاد الدستوري، بعدما غادراه المؤسّسان المرحومان المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي.