اجتماع باريس وحماية لبنان عربيا
أحمد مطر
ان اجتماع باريس المنوي عقده في السادس من شباط 2023 والذي يضم مندوبين عن الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب قطر والسعودية والذي قد تحضره مصر،يكتسب أهمية كبيرة ولا سيما أنه يأتي في وقت تتعثر فيه الانتخابات الرئاسية وتغيب المبادرات لتحقيق نوعاً من التوافق على إسم الرئيس .
سيبقى إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان معلقاً على احتمالات تسوية ما بين محور الممانعة الذي يقوده حزب الله المدعوم من إيران، والمحور السيادي التغييري المعارض المتحالف مع الدول الغربية والعربية، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر للتفاهم بين قوى الجانبين قد تتقاطع على مرشح معين ينهي الشغور، في حين يتعذر الاتفاق الكامل بين المعسكرين الأساسيين.
بات شبه محسوم، من خلال المؤشرات التي خلفتها الجلسات الاحدى عشر التي عقدها البرلمان منذ 29 أيلول الماضي، أنه لا اتفاق حتى داخل كل من المعسكرين على مرشح واحد، بدليل عدم قدرة مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض على تجاوز عتبة الـ45 صوتاً، فيما هو يحتاج إلى الـ65 في الدورة الثانية .
فيما بات معروفاً أن حزب الله وحلفاءه يلجأون بطلب منه إلى الورقة البيضاء نتيجة عجز الحزب عن إقناع حليفه النائب جبران باسيل بدعم مرشحه المفضل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
أما باقي الأصوات فتذهب من جهة تحالف السياديين والتغييريين والمستقلين، إما إلى شعارات من نوع لبنان الجديد أو إلى الكاتب والمؤرخ عصام خليفة الأقرب ترشيحه إلى الشعارات السياسية منه إلى الجدية.
وفق مصادر سياسية متابعة، تجري محاولات بعيدة من الأضواء من أجل إحداث اختراق في الجمود، على الرغم من قناعة من يقومون بها أو يسربون أخباراً عنها، أنها تجري من باب رفع العتب وتقطيع الوقت أو من باب التمرين السياسي، جراء ضغوط وتشجيع عواصم الدول الكبرى الملحة على استعجال ملء الفراغ، لاقتناع معظم الوسط السياسي والمراجع الفاعلة أن القصة طويلة، والفراغ سيمتد أشهراً وليس أسابيع، كما كان يعتقد البعض.
كما أن المحاولات الجارية بحثاً عن مخرج تتم على أساس ضمان انضمام الفرقاء من كلا المعسكرين إليها بحيث يتم ضمان نصاب الثلثين لأي جلسة انتخاب، للحيلولة دون قيام أي منهما بتعطيل هذا النصاب لمنع انتخاب المرشح الذي يشمله الاتفاق.
وبعد الجلسات الاحدى عشر، فشل كل المرشحين المطروحين من الحصول على عدد وازن من الأصوات تمكنه من إكمال الشوط الرئاسي وبلوغ بر الأمان، فميشال معوض بقي مرشحاً ولكن، فكل الذين أيّدوه أعلنوا صراحة أنهم غير متمسّكين به، مما يدل أن اسمه لم يكن فقط للحرق إنما شكّل بالون اختبار لاستمزاج هوى الكتل وعد أصوات النواب، ولقد ذهب عدد من الكتل التي أيدته إلى الإعلان أنها لا يمكن الاستمرار بترشيحه لأن ذلك أوصل المجلس إلى طريق مسدود، حتى أن بعض مؤيدي معوض بدأ برمي عدد من الأسماء دفعة واحدة في البازار الرئاسي، وهذا يعطي انطباعاً أن عملية رمي الأسماء هذه ما هي إلا محاولة يائسة لذر الرماد في العيون، والإيحاء أنها تسعى لتسهيل عملية الانتخاب بينما الواقع يقول عكس ذلك .
أما عن حظوظ قائد الجيش والوزير فرنجية فبقيت في الحدود الدنيا، بعد أن تحدث أكثر من مؤيد لقائد الجيش أن انتخاب هذا الأخير بحاجة لتعديل دستوري والذي من اولى شروطه الحصول على ثلثي عدد أصوات المجلس النيابي ليس حضوراً لتأمين نصاب إنما انتخاباً لتمكين التعديل الدستوري من المرور، ويقول العارفون أن ذلك من سابع المستحيلات، فلو كان أي فريق أوتكتل بإمكانه تأمين ثلثي أصوات المجلس لكان بالإمكان انتخاب أي رئيس وليس إنجاز تعديل وحسب .
أما عن حظوظ فرنجية فإنها لم تتقدم قيد أنملة مع فشل حزب الله من تأمين أكثرية له وذلك بالرغم من تبني رئيس المجلس لهذا الترشيح. فالتيار الوطني الحر أعلن صراحة عدم تأييده لهذا الترشيح، علماً أن قائد الجيش والوزير فرنجيه ينهلان من نفس النبع أي العربية السعودية .
ختاماً قد تكون الصيغة التوافقية لمبدأ ديموقراطية الإنتخابات، التي تفتح أبواب التنافس بين مُرشحيْن أو أكثر، ولكن المحنة القاسية التي يتخبط فيها البلد، والإنقسامات العامودية الحادة بين الأطراف السياسية، والحساسيات الطائفية التي بدأت تظهر على الجسد اللبناني، تقضي بتجنب لبنان، الصيغة والدولة، معارك كسر عظم، يُنتج عنها منتصر ومنهزم، حتى لا تأخذ القضية الطابع الطائفي البغيض، ونعود إلى دوائر المواجهة والنفور والإحباط
في المبدأ، نحن ضد التوافقية التي تُعلِّب الممارسة الديموقراطية، ولكن الظروف الإستثنائية التي يمر بها وطننا المنكوب، تتطلب اللجوء إلى خطوات وخيارات إستثنائية، للخروج من النفق المظلم وبلوغ شاطئ الأمان ، فهل من يسمع قبل فوات الأوان