احتفاء بإفريقيا في فرادتها وتعددها

احتفاء بإفريقيا في فرادتها وتعددها

باريس- المعطي قبال

   احتفاء بإفريقيا في فرادتها وتعدده من وراء كل مشروع طموح وواعد يقف مهندس أفكار هو الذي يصمم ويوجه ويحصل له أن ينتقل إلى طور الإنجاز. هذه حالة الفنان والكاتب ماحي بينبين الذي يقف ومجموعة من مساعديه وعلى رأسهم يونس أجراي، خلف التظاهرة «إفريقيا بكل الأحرف»، التي هي احتفاء بالكتاب والأفكار في مدينة مراكش التي سبق وأن استقبلت معرضا للكتاب الفرنسي والإنجليزي علاوة على تظاهرات فنية وثقافية أخرى.

   وقد سعى منظمو هذا المهرجان إلى خلق روابط وامتدادات مع تظاهرات أخرى مثل المعرض التشكيلي الذي ينظمه محمد المرابطي بتحناوت في إطار معرض الفن الإفريقي الحديث 1- 54 وهو عبارة عن بينالي تشكيلي يقام بمراكش، نيويورك، بروكسيل، لندن، باريس الخ…سبق لماحي بينبين أن عين رئيسا لتظاهرة «مراكش عاصمة الثقافة الإفريقية» عام 2021 قبل أن يجهض المشروع في المهد. بإطلاقه لـ «إفريقيا بكل الأحرف»، سعى ماحي إلى رفع التحدي وفي نفس الوقت إظهار أن ممارسة الثقافة في شكلها اليومي والمعقد تبقى في متناوله. وقد أظهر خبرته في التسيير الثقافي اليومي في هذا المجال إلى جانب نبيل عيوش في إدارة المراكز الثقافية لسيدي مومن، والتي أصبحت اليوم فضاءات فنية وثقافية مرجعية في كل من فاس، طنجة، أكادير، ومراكش التي تحتضن المهرجان الحالي. بقيت إفريقيا إذا هما شاغلا يلح ويراود فكر ماحي وفريقه، وبالأخص يونس أجراي، إلى أن تم القيام بقفزة جسورة إلى الأمام بإطلاقهما لهذا الملتقى الثقافي المتعدد. إفريقيا حاضرة بالمغرب وهذا الأخير متواجد بإفريقيا على المستوى الاقتصادي والتجاري والعسكري والرياضي والفني. لكن تبقى قنوات الحوار واللقاء غير مكتملة وفي بعض الأحيان مغيبة في الفنادق المكيفة والمنتديات الدولية. ويأتي مشكل المهاجرين حيث يشكل المغرب أحد أقطاب اللجوء والعبور لألاف اللاجئين ليحجب علاقات الحوار والتواصل.. إفريقيا بصيغة الجمع تساءلنا بإلحاح وتستدعي منا تفكيرا جديا في الإشكاليات التي تطرحها، لأنها إشكاليتنا.

   من هذا المنطلق السياسي الفلسفي أصبحت إفريقيا ضرورة فكرية محايثة لمعاش المغاربة. غير أن مشكل اللجوء والهجرة لم يأخذ بعد المكان الذي يستحقه في النقاش والتبادل ولربما كانت هذه التظاهرة مناسبة لمليء هذه الثغرة في مداخلات الباحثين والمتخصصين في الموضوع. وفي مداخلات المفكرين الذين يطرحون المسألة الإنسانية والأخلاقية لمشكل الهجرة. من هنا كانت الحاجة إلى دعوة مفكرين وسياسيين أفارقة للنظر في هذه القضايا وفي أبعادها المتعددة. ويعتبر الفيلسوف اشيل ميمبي أحد المفكرين المرجعيين في قضايا الاستعمار ومابعد الاستعمار، والعنف المستدام الذي يرافق نظرة الغرب لإفريقيا.

   في هذا الإطار فالأسماء الوازنة التي جندها ماحي بينبين وفريقه سواء في مجال الأدب، جان-ماري لوكليزيو، في العلوم الاجتماعية والفكر، والموسيقى، ستعطي لا محالة مصداقية وشفافية إعلامية لهذه التظاهرة. إن كانت الغاية من هذه اللقاءات هي تقريب المغرب أكثر من إفريقيا وتقريب إفريقيا من المغرب، فمن الضروري برمجة إفريقيا، بصيغة الجمع، في المقررات الدراسية، وتصحيح الصورة النمطية عن القارة السمراء، تدريس كبار الشعراء والكتاب والفنانين، ومصممي الأزياء، والفنانين الموسيقيين والسينمائيين الخ… بكلمة إدراج أحد المكونات المفقودة لهويتنا. كما أن الرهان هي استمرارية هذه التظاهرة مع نقلها إلى مدن أخرى ومن حول تيمات وقضايا جديدة.

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".