ملح الوطن وحلم الأجيال

ملح الوطن وحلم الأجيال

د. رودريك نوفل

 

14 آذار 2015 .. صرخنا مُوَحَّدين دفاعاً عن لبنان العظيم: “سيادة، حرّية، استقلال“…

14 آذار 2020.. لا سيادة و البلد لا يزال محتلّ..

لا حرّية فقد دخلت الأحزاب وصارت فقط تبعيّة..

غاب الاستقلال بمصادرة السّيادة والحريّة..

   اليوم حزب الله يسيطر على مكامن البلد أجمع وتوقيفه عند حدّه لا يكون بالحرب بل بالسياسة التي فقدناها مع فقدان رجالاتها.

اليوم الشعب التبعي الذي يقول زعيمي على حقّ وأنا معه مهما قال و أيّ كان الذي سيقوله هو شعب “عبد” وليس شعب حرّ.

اليوم نمشي بجنازة الحريّة وبعد أنّ دفنّا السيادة ولم نذق طعم إستقلالاً كان بين أيادينا و فقدناه.

لو قدر لبعض الشهداء أن يعودوا إلى الحياة لقاتلوا من ماتوا لأجلهم.

ثورة الأرز و14 آذار هي ثورة شعب لبنان..

الذي نادى بلبنان أولاً..

وبسيادة وحرية لبنان..

وبسحب السلاح غير الشرعي للميليشيات..

وبتحرير لبنان من الاحتلال السوري ومحاسبته والتعامل معه من دولة حرّة إلى دولة حرّة..

هي ثورتنا وقضيتنا وإيماننا، وما وقفنا في وجهه هو خيانة من سمّوا أنفسهم “زعماء 14 آذار” لهذه المبادئ، ومن يسمّي نفسه اليوم وطني وثوري ويقول بأنه لا مع 14 ولا مع 8 هو إما جاهل أو منافق أو الإثنين معاً.

لذلك هذا التاريخ لا نزال نقول عنه “ملح الوطن” فكما الأكل لا يكمل دون الملح كذلك الوطن لا يكمل دون وحدة شعبه وهذه الوحدة هي اللّوحة التي لا تزال في ذاكرة كلّ لبناني وطني حرّ و لا يزال هذا التاريخ “حلم الأجيال” التي وقفت في صفوف متراصة وأقسمت مع جبران “أن نبقى موحّدين… دفاعاً عن لبنان العظيم“..

هذا في الشق العاطفي وفي الحنين أمّا بالواقع فنحن لم نحافظ على تلك اللحظة ولا نزال نفتش عن السيادة والحريّة والاستقلال، أمّا بالنسبة للحقيقة… حقيقة اغتيال العصر التي ظهرت حقيقتها رغم كلّ المحاولات لطمسها وهذا الأسبوع بعد أن بلغت هذه الجريمة سن الرشد ها هي المحكمة الدولية تطلب من الأنتربول جلب المجرمين للعدالة وكم طالبنا بالعدالة خلال 18 سنة.

اليوم أيضاً نسمع مطالبات فرنسا بالعدالة لشهدائها في انفجار بيروت 1983 ، هذا يعني شيء واحد “ما من حق يموت وخلفه من يطالب به“..

هذا درس لنا أن نكثف مطالباتنا ونتابع موضوع المحكمة الدولية حتى النهاية بالتوازي مع تدويل القرارات الدولية 1559، 1680، 1701 ومؤخراً 2650.

والمطالبة المفروض أن تكون من الشعب وليس من السلطة فإنتظار السلطة هو مطابقة لنظرية ملئ السلّة بالمياه، هذه السلطة التي باعت أكثر من 1000 كم من المساحة البحرية المملوءة نفط وغاز لا يمكن أن نستبشر منها أي خير لشعبها الذي يرزح تحت نير الإحتلال الإيراني وتحت نير الجوع اليوم واقطاع الخبز والدواء العادي غير المدعوم كما أدوية السرطان وغيرها

هذه السلطة التي قتلت حافلة من شهداء 14 آذار تكمل تقتل اليوم وكل يوم شعبها بعد أن نقلته من إحتلال سوري إلى احتلال إيراني قضى على القلّة المتبقيّة وبعد أن كنّا مستشفى الشرق وجامعة الشرق ومَصيَف الشرق ومصرفه وبوابته على المتوسط حتى كنّا الواجهة الفرانكوفونيّة للشرق وكان ذلك جلياً في مؤتمر الفرانكوفونية الذي انعقد في لبنان جامعاً بلدان العالم بسعيٍ حثيث من الشهيد رفيق الحريري… أصبح طلابنا بلا جامعة ومرضانا بلا مستشفيات ومع قرض الحسن المنافي للقوانين الدولية والأعراف والأنظمة الذي خرقها وحتى مرفأنا تم تدميره وأضحى مقبرة بدل أن يكون بوابة! مقبرة رجال لبنان وأبطاله الدين يقبعون في عليائهم ويرزح أهلهم للتهديد كل ما اجتمعوا مطالبين بالعدالة لضحياهم.

<

p style=”text-align: justify;”>ملح وطننا سيبقى وحدتنا الداخلية وتكاتف أبنائه التي من دونها عانَينا ولا نزال نعاني ونرزح تحت نَير الاحتلال ولا زال المحتل ينكّل فينا وكما سرق من ملح الوطن وعبث به، ها هو يسرق من أحلامنا ومستقبلنا وحتى محاولة سرقة أحلام الأجيال التي ستبني لبنان ولكنهم نسوا ولو بعد حين مدته 18 سنة سيبقى لبنان، سيبقى لبنان وسيبقى لبنان!

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. رودريك نوفل

باحث وناشط سياسي لبناني