إسبانيا تعيد إحياء احتفالات “ليلة النار “

إسبانيا تعيد إحياء احتفالات “ليلة النار “

 فالنسيا – عبد العلي جدوبي

   انطلق رسميا المهرجان السنوي (لاس فاياس) بمدينه فالنسيا يوم 14 مارس 2023، وسيستمر لمدة أسبوع .

لقد شهدت مدينة فالنسيا هذه السنه حضورا جماهيريا كبيرا من داخل اسبانيا ومن خارجها، فاق كل توقعات منظمي المهرجان وسلطات المدينة، ونشطت بذلك حركة السياحة هذه الايام بشكل غير مسبوق، وقد تجند لهذا المهرجان السنوي الكبير حسب ما صرح به لنا السيد توماس أحد رؤساء لجان المتطوعين بحوالي 20,000 متطوع متطوعة، وبمشاركه 800 لجنة مسؤولة، ومساهمة من طرف 160 بلديه بالمدينة .

فخلال بدايه الأسبوع استيقظ السكان ليجدوا مدينتهم قد غزتها آلاف المجسمات العملاقه لدمى كاريكاتورية، كل منهما يجسد موضوعا مختلفا، ومنها المخصصة لوجوه عدد من الشخصيات المعروفة.. فقد اعتادت سلطات مدينه فالنسيا تنظيم هذا الاحتفال السنوي، وهو يرمز إلى إحياء احتفال تقليدي يرجع إلى نهايه القرن الثامن عشر، تحت مسمى الاحتفالات المسيحية العربية، وكتعبير أيضا عن إحياء التراث العربي بفتح الممالك الإسلامية.

تنطلق الاستعدادات منذ أول أيام مارس، وبعد أسبوعين تنطلق الاحتفالات الرسمية، حيث تجوب عدة فرق موسيقية الشوارع يوميا، تتقدمها سيدات بلباسهن التقليدي المصنوع يدويا من الحرير الخالص الذي اشتهرت به فالنسيا. كما يمثل الفوكلور في هذه الاحتفالات، بجذوره المتشعبة، خيوطا تحيل الوجدان الاسباني خارج المواجهة التاريخيه مع الحضور العربي بالأندلس،  فلم يستطع توالي السنين أن يخفي أو يحجب إشعاع تلك الحقبه الأندلسية، فالاسبان الذين أجهدوا أنفسهم في البدايه في التعتيم على تلك الحقبه أو تجاهلها، وجدوا أنفسهم في رحابها. فمن لم  يكن منهم من أصول عربية،  فإن الحضارة العربية وصلت بصورة من الصور وخلقت تأثيرها الواضح، وحتى الساعة ما تزال هناك عائلات إسبانية من أصول عربية تحتفظ بالكثير من الذكريات والآثار المختلفة عن تلك الحقبة،  ولربما جاءت احتفالات “لاس فاياس” لتختزل العديد من الأحداث التاريخية؛ وما يشير إليه بعض الكتاب الاسبان هو أن هذه الاحتفالات انطلقت فكرتها في نهاية القرن 18 من طرف حرفيي النجارة  بالمدينة، والتي اشتهرت أيضا  بحياكة الحرير والزخرفة على الخشب، وكانوا عند نهايه كل موسم يجتمعون بالمدينة ويقيمون احتفالات في كل جهة، ويصنعون بعض المجسمات البسيطة من بقايا الخشب المستعمل، وفي نهاية الاحتفالات يحرقون تلك الأخشاب والدمى، كرمز إلى حركه تجديد النشاط الاجتماعي.

ومع مرور السنين، تطور المهرجان ليصبح بشكله الحالي، وقد اعتبرته اليونسكو لعام 2016 كتراث ثقافي لا مادي، وأدرج ضمن قوائمها التمثيلية للتراث الثقافي العالمي.

إلا أنه في اليوم الأخير من المهرجان، تنتخب أميرة (لاس فاياس) ، كما تخصص جوائز لأفضل مجسم، ولأحسن لوحة فنية في فن الإبداع الضوئي..

ونشير أيضا إلى أن هذه الاحتفالات التي كانت تقتصر على مدينة فالنسيا والإقليم ، بدأت قبل سنتين  في بعض المدن الاسبانية، مثل برشلونة ومايوركا، تنظم نسخ من  (لاس فاياس) بشكل مصغر، كما انتقل المهرجان بكل تفاصيله خارج اسبانيا إلى الأرجنتين..

وفي ليلة الاختتام، تحرق  المجسمات والدمى الضخمة أمام الجماهير الكبيرة، التي اشتغل عليها الفنانون لمدة سنة كاملة.

وخلال الصباح الموالي لـ: (ليلة النار) يستيقظ السكان وزوار المدينة  ليجدوا شوارعهم وأزقتهم نظيفة، بعد أن كان عمال النظافة باشروا أشغالهم طيلة الليل.

Visited 85 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي