“اجتماع باريس” لعبة فرنسية أفشلها الموقف السعودي
حسين عطايا
في اللقاء الباريسي الذي عُقِد الجمعة في السابع عشر من هذا الشهر آذار – مارس، وحضره عن الجانب الفرنسي مستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط في الرئاسة الفرنسية “باتريك دوريل”، وعن الجانب السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، وسفير المملكة السعودية في بيروت وليد البخاري. حيث تم بحث الوضع الرئاسي اللبناني، وهو الاجتماع الذي لم يتم التوصل فيه إلى أية نتائج، ومن دون تحقيق أي تقدم، أو تحديد موعد قريب. وقد يظهر أن اللقاء الخماسي الذي كان مقرراً أن يلتئم نهاية الأسبوع أيضاً قد تبخر هو الاخر .
وفي جديد المواقف، إن الرأي الفرنسي لازال متوقفاً عند فكرة انتخاب سليمان فرنجية رئيساً، والسفير نواف سلام رئيساً للحكومة، وحاول دوريل إقناع السعوديين بهذه الفكرة على ان يحصل على ضمانات من حزب الله، ولكن هذا الاقتراح القديم الجديد لم يلق ترحيباً أو موافقة، حيث أصر الوفد السعودي على المواصفات التي سبق وأن قدمها في اللقاء الخماسي، الذي عُقد سابقاً ويستند إلى البيان الصادر عن لقاء الوفود الثلاثة، الأمريكي والفرنسي والسعودي، في لقاء نيويورك مع بداية هذا العام.
وقد أتى الرفض السعودي لأن لبنان بحاجة لعملية تغيير في نهج الحكم والمؤسسات، والتي أصابها الضمور والانحلال، نتيجة الست سنوات الخالية من عهد ميشال عون، الذي أوصله إلى الحكم حزب الله .
لذلك فإن الموقف السعودي يرفض استمرار هذا الأمر، ويطالب برئيس إصلاحي يُشكل انتخابه توازنا داخل السلطة، ولا يكون محسوباً على طرف، ومن خارج الطبقة السياسية الحالية، وبالتالي غير مشارك بالفساد، خصوصاً أن السلطة التشريعية برئاسة نبيه بري محسوبة على حزب الله وحلف الممانعة، وبالتالي فوجود رئيس للحكومة يُمثل بقية أطراف المعارضة لنهج حزب الله، بحاجة لرئيس جمهورية وسطي يكون الحَكَم، ويقود لبنان إلى عمليةٍ إصلاحية تُنقذ البلاد والشعب من الأزمات التي يتخبط بها منذ سنوات من دون أن تجِدَ الحلول اللازمة لتجاوزها .
كل هذه الأمور، والتي تُصر عليها المملكة العربية السعودية، وإن تحققت قد تُساهم بنقل لبنان من مرحلةٍ إلى أخرى، يعود فيها الوطن الصغير إلى النهوض من كبوته، بينما الموقف الفرنسي يُعبر عن ذهنية التاجر، يبيع ويشتري وفق مصالحه، وهي متقاربة مع نظرة حزب الله وحلفائه في الممانعة، ويُريد حلولا ترقيعية لتقطيع الوقت.. ليس أكثر .
هذا الاختلاف في ذهنية مُقاربة الأمور وعقلية التوصل إلى حلول ناجعة، تُساهم في انتشال لبنان من ظروفه وأوضاعه التي يتخبط بها، وحدها كفيلة بوضع المسار على سكة الحل، لينتقل بلبنان من مرحلة الأزمات إلى مراحل جديدة، تبدأ بمباشرة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وبدء عهد جديد من تدفق المساعدات والرساميل التي تفتح أبواب الاستثمار على مصراعيه، مما قد يُحقق أملاً للبنانيين بعودة من هاجر وتهجَّر خلال السنوات القريبة الماضية، ويجد حلولا لحاجات شباب لبنان للاستقرار في بلدهم من جديد .