ماكرون – نيتانياهو: نفس المعركة
باريس- المعطي قبال
الأول يواجه غضب الشارع الفرنسي منذ ثلاثة أشهر. الثاني يتعرض لمظاهرات يومية منذ 12 أسبوعا. الأول قرر رفع سن التقاعد إلى سقف 64 سنة. الثاني وضع خطة لـ “إصلاح القضاء” الغاية منها سحب السجاد من تحت أقدام المحامين والقضاة.
بين فرنسا وإسرائيل قاسم مشترك ألا وهو ترسخ ثقافة العنف، يعززها من جهة رجال الأمن في حالة فرنسا، ومن جهة الجيش في حالة إسرائيل. ثقافة العنف هذه من شأنها تقويض صرح الديمقراطية. غدا، ستكون فرنسا مسرحا للمظاهرة العاشرة ضد قانون التقاعد. وعلى مر الأشهر الثلاث التي انطلقت خلالها الاحتجاجات ضد قانون يعتبره 70 في المائة من الفرنسيين مجحفا وغير عادل، تطور الوضع في اتجاه انبثاق عنف مقنن أصبح ملازما لحياة الفرنسيين. فمشاهد تراكم القمامات وإحراق أكياسها، وتخريب واجهات المحلات وتدخل البوليس بشتى فرقه لتعنيف المتظاهرين جسديا ومعنويا هي من تجليات هذا العنف المنهجي. في هذا الخضم، بقي ماكرون صم بكم، الشيء الذي عمق شقة التباعد بينه وبين الفرنسيين. تحت ضغط الشارع، دفع بالوزيرة الأولى إلى فتح الباب على نصفه لتهدئة الوضع مع العلم أن النقابات تطالب، بشيء واحد هو التخلي عن القانون المذكور.
كم سيكون غدا عدد المتظاهرين، وهل سيرفع عمال النظافة إضرابهم بعد هذا الاستحقاق النقابي؟ المهم ان رواسب الأزمة، أزمة الثقة، أزمة الغلاء، أزمة المستقبل، ستثقل كاهل المجتمع الفرنسي للأشهر، بل للسنوات القادمة.
أما بإسرائيل فقد انفجر المجتمع الهجين وتبين أن السياسة ما هي إلا ممارسة لترقيعات ظرفية لا تلبث أن تتمزق على محك الواقع. وتعتبر حكومة نيتانياهو أفضل مثال على ذلك. فالعنف هو ما يسند سياسة هذه الحكومة: مباشرة بعد تعيينه دخل وزير الأمن الوطني الإسرائيلي الجديد، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، مجمع المسجد الأقصى.وهي خطوة استفزازية عنيفة. في باريس وخلال أمسية نظمها الجناح الصهيوني المتطرف، استدعي بتسلئيل سموتريتش لأخذ الكلمة فأطلق فتواه الشهيرة التي تظهر جهله التام بقواعد السياسة في الشرق الأوسط حين صرح أنه لا يوجد شعب فلسطيني! وإلى كونه يشغل وزيرا للمالية فإن سموتريتش يشغل أيضًا منصب وزيرٍ ثانٍ في وزارة الدفاع إلى جانب وزير الدفاع يوآف جالانت، (من حزب الليكود)، الذي ألقى بعود كبريت على الزيت لما طالب نيتانياهو بسحب قانون إصلاح العدالة، الشيء الذي أدى إلى إقالته واشتعال الحريق في أغلب المدن الإسرائيلية.
ما هو مآل العلاقة بين يوآف جالانت وبتسلئيل سموتريتش غدا؟
حتى وإن سحب نيتانياهو قانون إصلاح العدالة، فإن ذلك لن يفيد في شيء وضع الفلسطينيين لأن عنف المتطرفين الإسرائيليين في تصاعد مستمر ويبقى همهم الوحيد هو زوال الفلسطينيين.