العثورعلى بقايا أحدِ أقدمِ المَسَاجد التي بُنِيت في الأندلس

العثورعلى بقايا أحدِ أقدمِ المَسَاجد التي بُنِيت في الأندلس

د . السّفير محمّد محمّد خطّابي

    شاءت الأقدار أن أقيم منذ بضع سنوات غير بعيدة لمدّة يوميْن في فندق  يُسمّى (La Reina Cristina الملكة كريستينا) بمدينة الجزيرة الخضراء، واكتشفت خلال هذه المدّة أنه  يوجد داخل الحديقة الكبرى لهذا الفندق المترامي الأطراف بقايا مسجد عتيق، ولم أتردّد قيد أنملة ساعتها أن أقوم  بتصويره حيث ما انفكّت  تحيط  به أسوار متداعية، وأعمدة متآكلة آيلة للسقوط، تعلو هذه الجدران المتآكلة نباتات متسلقة متشابكة من صنف اللبلاب التي تكوّن عريشاً حوله، وتتوسّط بقاياه (جُبّ) أو بئر مستديرة يظهر في قعرها الماء بوضوح، لابدّ أنّ هذه البئركانت تُستعمل للوضوء، ولأغراض الطهارة والنظافة ولمآرب أخرى، ولقد أخبرنا القائمون على هذا الفندق الكبيربالفعل، وكما رأينا ذلك في مطبوعاته الإشهارية، بأنه يوجد بحدائقه على بعد بضعة أمتار من الباب الرئيسي الكبير لمبنى الفندق واحد من أقدم المساجد التي تمّ تشييدها على الأرجح غداة الفتح الإسلامي لهذا الصّقع الجميل في شبه الجزيرة الإيبيرية الذي أصبح يُعرف فيما بعد بـ: (الأندلس). هذا الفندق يوجد على مقربةٍ من نفس الشّاطئ الذي نزل فيه الفاتح طارق ابن زياد وجيشه العظيم سنة 711م، وهو المكان الذي أصبح يحمل اسمه والمعروف اليوم باسم “جبل طارق Gibraltar”. يقع هذا الفندق في الآكام العالية المحيطة بهذه المدينة السّاحلية التي أصبحت تسمّى منذ الفتح الإسلامي  باسم( الجزيرة الخضراء) والتي تنطق مُحرّفة في لغة سيرفانتيس باسم: (Algeciras). 

 مؤتمر الجزيرة الخضراء 

   يُخبرنا التاريخ أنه في هذا الفندق ذي الطابع الفيكتوري الكلاسيكي كان ُقد  عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء الشهير عام 1906 حول المغرب كمُستعمَرَة أوروبية بمشاركة اثني عشر دولة أوروبية، وشارك في هذا المؤتمر الرئيس الأمريكي روزفلت كوسيط. كان هذا الفندق في ذلك الوقت من أفخم فنادق مدينة الجزيرة الخضراء، وتعلو جدرانه الداخلية، وتملأ قاعاته وباحاته الفسيحة العديد من الصّور التاريخية التذكارية لمختلف التظاهرات، والمؤتمرات الدولية التي عقدت بمبناه الكبير، منها صور فعاليات ووقائع مؤتمر الجزيرة الخضراء التاريخي الآنف الذكر، كما نجد مجسّماً تذكارياً وصوراً للشاعر الغرناطي ذائع الصّيت فديريكو غارسيا لوركا الذي كان ينزل في هذا الفندق ويؤمّه أيام عزّه وأوجه، فضلاً عن صور ورسومات ولوحات تاريخية أخرى، كما كان هذا الفندق أثيراً لدى العاهل الإسباني الأسبق خوان كارلوس الأول، ولرئيس الوزراء البريطاني المعروف ونستون تشرشل، بالإضافة إلى شخصيات سياسية،وتاريخية، وفنيّة، وأدبية أخرى شهيرة في مستهلّ العشرين.

 هجوم قراصنة الفايكينج 

   كما تخبرنا بعض المراجع التاريخية، ومصادر القرون الوسطى أن هذا المسجد-الجامع أمر بتشييده على الأرجح عبد الرحمن الاوّل الداخل المعروف بـ صقر قريش، وقد عُهد للمهندس المعماري عبد الله بن خالد مهمة بنائه، حيث كان يحتوي على خمسة مبانٍ مغطاة في اتجاه ناحية الشمال، وكانت به مئذنة إلاّ أنها اندثرت ولم يصلنا منها أثر إلى أيامنا، كما يؤكد المؤرّخون أن هذا المسجد بني على  أنقاض بناية سابقة كانت توجد في المكان الذي بني فيه. 

وتشير نفس المراجع  التاريخية  السابقة أن هذا المسجد- الجامع- قد تعرّض لهجوم  القراصنة الفايكينج عام 859، الذين كانوا قد قاموا بغزوات انطلاقاً من مضيق جبل طارق على هذه المدينة طمعاً في غنائم، وخيرات، وممتلكات أهلها، ففرّ سكّان المدينة إلى المرتفعات العالية وتعقبتهم جحافل قراصنة الفايكينج حيث أضرموا النار في المسجد ممّا أثار غضب وحفيظة الجزيريّين (ساكنة مدينة الجزيرة الخضراء)، فهاجموا بدون هوادة الغزاة وأمكنهم أسر اِثنين من سفنهم الكبيرة، وشيّدوا بخشبها أبواباً، ونوافذ، وعوارض للمسجد الذيأعيد بناؤه  من جديد. 

مجسم عبد الرحمن الداخل على ساحل مدينة المنكب التي نزل بها عام 138 هـ (755 م)
مجسم عبد الرحمن الداخل على ساحل مدينة المنكب التي نزل بها عام 138 هـ (755 م)

وتشير ذات المصادر التاريخية الآنفة الذكر أن العاهل الاسباني ألفونسو الحادي عشر (1344) أمكنه استعادة مدينة الجزيرة الخضراء وأمر بتحويل المسجد-الجامع إلى كاتدرائية أطلق عليها اسم (Santa María De Palma سانتا ماريا دي بالما)، وهي قديسة المدينة. وتؤكد لنا معظم الرّوايات أنه في عام 1369 عاد هذا المبنى وأصبح مسجداً إسلامياً من جديد على يد سلطان غرناطة ومُجدّد قصر الحمراء بها  العاهل الأندلسي الشهير محمد الخامس، بعد أن أمكنه استرداد مدينة الجزيرة الخضراء من يد الإسبان، وشاءت الاقدار ان يعود ويُدمّر هذا المسجد من جديد عام 1379. 

وتشير المصادر التاريخية في هذا السياق أنه خلال نهاية القرن الثامن عشر، استُعمِلت غرف وأروقة بقايا المسجد لتخزين البارود، ويُسمح  لنزلاء هذا الفندق التاريخي الكبير اليوم بزيارة الجدران الثلاثة الباقية من هذا المسجد، وكذا مشاهدة البئر التي تتوسطه، وحفرة قبو فناء الوضوء حيث تمّ دمج كلّ ذلك في حدائق فندق الملكة كريستينا كما سبقت الإشارة الى ذلك في مُستهل هذا العرض.

أين هم بُناة هذا المَعلمة الفريدة..؟ 

   التساؤل الذي أمسى يدور بخلد كلّ زائر لهذا الفندق وبالتالي بهذا (المسجد–الجامع) الذي يوجد بداخل حديقته هو أين هم أرباب وأصحاب وبناة هذه المعلمة التي رفعت أسوارها بعد الفتح الإسلامي لهذه الجزيرة المحروسة في نطاق حضارة متألقة نشأت، وسادت ثم بادت في الأندلس بعد أن ظلّت تنير دياجي الظلام في هذه الأصقاع زهاء ثماني قرون؟ أين هم أحفاد أجداد هؤلاء الذين شيّدوا هذا المسجد الذي أصبح اليوم نسيّاً منسيّاً، ومهمّشاً مهجوراً في حدائق هذا الفندق القديم، هذا المسجد الذي أصبح  اليوم في حالة تتمزّق لرؤيته نياط  القلوب؟ ثم أين هي البلدان العربية التي قيّض الله لها أن تكون على أيّامنا في بحبوحة من العيش والثراء والرّخاء؟ وأين هي الجمعيات، والمؤسّسات، والمنظمات الثقافية الكبرى، سواء المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم “الألكسو”، التابعة لجامعة الدول العربية أو منظمة اليونسكو العالمية التي تُعنى بحفظ التراث الإنساني وصونه، وترميمه؟ 

 كلّ هذه الجهات وسواها لم تحرّك ساكناً لإنقاذ هذه المعلمة التاريخية نظراً لأقدميتها، ورمزيتها، ودلالاتها التاريخية، خاصّةً وأنّ إسبانيا ترحّب اليوم بإعادة ترميم معظم المآثر، والمعالم، ومُخلّفات العرب، والأمازيغ، إسلامية كانت أو مسيحية، أم يهودية موجودة في إسبانيا أو البرتغال.

 معالم أندلسية تمّ ترميمها 

   أصبح الإسبان وجيرانهم البرتغاليون اليوم شغوفين بمثل هذه المبادرات، وعلى هذا الأساس تجدر الإشارة والإشادة بالجهود المتواصلة التي بُذلت في هذا القبيل، خاصّة  خلال عقد الثمانينيات من القرن  المنصرم حيث شاركتُ في بعضها عن كثب بحُكم تقلدي في ذلك الابّان منصب المستشار الثقافي لسفارة المغرب في اسبانيا؛ إذ تمّ اكتشاف وترميم العديد من المعالم الإسلامية، أذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر مدينة “سياسة”) (Medina Siyasa en Cieza) الموحّدية بالقرب من مدينة مورسية (مسقط رأس شيخ المتصوفة المعروف ابن عربي المُرسي)، ولقد ظلّت “سياسة” مطمورة ومواراة عن الأنظار لقرون، فضلاً عن ترميم قصبتها المعروفة بـ “Alcazaba Castillo de Cieza”.   

يُضاف إلى ذلك ترميم مآثر ومواقع تاريخية أخرى ذات أهمية قصوى بالنسبة للتاريخ الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية، مثل مدينة “بني رزين” (Albarracin)  القريبة من مدينة (Teruel) الإسبانية المُسمّاة على اسم المدينة المغربية “تروال” القديمة الواقعة ناحية مدينة وزّان المغربية، فضلاً عن المواقع، والحصون، والقلاع، والقصور الموجودة بنواحي مدينة سراقسطة، التي كانت تنافس بقيّة المدن الأندلسيّة في الشّعر، والآداب، والعلوم والفلسفة، والفلك والرياضيات في بلاط أبي جعفر المقتدر مشيّد قصر “الجعفرية” الشّهير في القرن الحادي عشر الميلادي الذي ما يزال  قائماً شاهداً ماثلاً للعيان على روعة وجمالية المعمار العربي- الأمازيغي بهذه الدّيار الى اليوم. 

يُضاف إلى ما سبق مدينة” أليكانتي” (القنت) التي ينتمي إليها الطبيب والعالِم الأندلسي محمد الشّفرة، وقد أطلِق اسم هذا الطبيب على أحد أكبر الشوارع  بهذه المدينة، كما يتمّ تنظيم مسابقات علمية بهذه المدينة كلّ عام حول أعماله وإسهاماته في ميدان الطب في زمانه. عاش (محمد الشّفرة) عيشة بحث متواصل في ميدان العلوم والنباتات، وتذكر المصادر العربية أنه كان طبيباً ماهراً ، كما يؤكد الباحـــث الفرنسي “لوسّيان لوكلير”، في كتابه “تاريخ الطبّ عند العرب”: “أنّه لم يكن طبيباً وحسب، بل كان نباتياً كبيراً أيضاً يبحث عن النباتات الغريبة ويجمعها بنفسه كيفما كانت صعوبة الأرض ووعورتها، وكان يملك في مدينة (وادي آش) Guadixحديقة نباتية من طراز فريد يُجري فيها أبحاثه وتجاربه في العلوم النباتية” .

يُضاف إلى ذلك مشاريع ترميم جوانب من  حيّ البيّازين، بغرناطة وموقع البِشْرات، وقصر الحمراء نفسه الذي أصبح اليوم يكتسي هنداماً جديداً بعد ترميمه بما فيه ساحة السّباع، أو بهو الأسود، وتجديد أرضية الحمراء ذات المرمر الموضون، فضلاً عن ترميم أسوار مدينة “مجدريط” القديمة (مدريد الحالية) وهي المدينة الوحيدة التي أسّسها المسلمون تأسيساً في أوربّا (على يد محمّد بن عبد الرحمن الثالث في القرن التاسع الميلادي) والوحيدة التي تحمل اسماً عربيّاً صريحاً كما يؤكد جمبع الباحثين والمؤرخين الثقات من الاسبان وغير الاسبان. 

فضلاً عن اعتراف منظمة اليونسكو العالمية مؤخّراً بمدينة “الزهراء” التاريخية (القريبة من مدينة قرطبة) كتراث إنساني عالمي، وسواها من المآثر، والمعالم، والمواقع الأخرى التي تعرّضنا لها في مختلف المقالات والدراسات التي نشرناها عن الأندلس في مختلف الصّحف والمجلات العربية حول هذا الموضوع. ويتضح لنا ممّا سبق أن الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الايبيرية لم ينحصر أو يزدهر فقط في إقليم الأندلس وحسب، بل أن إقليم “أراغون” كذلك الذي يضمّ عدّة مدن مثـل “سرقسطة”، و”طرطوشة”، و”ترويل” و”قلعة أيوب”، و”وِشقة”، و”بني عروس”، و”بني قاسم”و بني رزين إلخ… عرف فيه الوجود العربي-الأمازيغي ازدهاراً لا يقلّ أهميةً عن مثيله في جنوب اسبانيا بـ (الأندلس). 

 نخلة الأندلس وصقر قريش 

   خلال عملي بسفارة المغرب بمدريد وفى نطاق الأنشطة والتظاهرات الثقافية والفنية التي كنا ننظمها مع بعض البلديات الاسبانية التي كانت لها صلة بالوجود الإسلامي باسبانيا ومنها بلدية مدينة المنكّب أو ما أصبح يُعرف اليوم باللغة الاسبانية Almuñecar  كنتُ في هذا السياق قد قمت بتحسيس عمدة هذه المدينة الساحلية الجميلة أواسط الثمانينات من القرن الفارط  السّيد Carlos Vinavides، بأهمية تشييد مُجسّم كبير لصقر قريش عبد الرحمن الداخل (731 – 788) على ساحل مدينته نظراً لنزوله بها وصحبه سنة 755م بعد عدوته من قبيلة نفزة بشمال  المغرب إلى الأندلس فارّاً من بطش العبّاسيين الذين ظلّوا يقتفون أثره حتى بعد وصوله إلى الأندلس، حسب معظم المؤرّخين الثقات في تاريخ الأندلس. وبالفعل لقد تمّ تنفيذ فكرة إقامة مجسّم كبير على الساحل نفسه الذي وطئته قدما عبد الرحمن الداخل، ويرتفع هذا التمثال اليوم في فضاء هذا الثغر السياحي على علوّ يبلغ تسعة أمتار، وقد كُتبت على رخامة تحاذي ركبتيه عبارة موجزة عن وصوله إلى عَدْوة الأندلس، وقصّة نزوحه ونزوله في شطآن هذه المدينة التي انطلق منها إلى قرطبة حيث أسّس أوّل إمارة أموية بالأندلس، كما كُتبت على النّصب التذكاري لهذ الرّخامة أبيات مشهورة له مترجمة إلى اللغة الإسبانية يصف فيها نخلة تبدّت له في هذه الديار الأندلسية النائية عن بلده الأصلي غداة وصوله إليها، يقول فيها: 

تبدّت لنا وسط الرّصافة نخلة   / تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل 

فقلتُ شبيهي في التغرّب والنوىَ  /  وطول التنائي عن بنيّ وعن أهلي 

نشأتِ بأرضٍ أنتِ فيها غريبةٌ  / فمثلكِ في الإقصاء والمنتأىَ مثلي. 

مسجد المُونستير الملكيّ 

   تجدر الإشارة في هذا القبيل أنّ  هناك مسجداً يسمّى: (مسجد المونستير الملكي)، الواقع بإقليم ويلفا بجبال غرب الأندلس، على مسافة 120 كيلومترا من مدينة إشبيلية الفيحاء، بالقرب من الحدود البرتغالية، يعود تاريخ هذا المسجد إلى ما ينيف عن ألف سنة؛ إذ أسّس خلال الخلافة الأموية بقرطبة، بين القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، ويُعتبر من أقدم المساجد في أوروبا كذلك. بني على أنقاض معبد قوطي قديم، وبعد حرب الإسترداد التي قادها الملكان الكاثوليكيان فرناندو وإزابيلاّ  بجحافلهما المُرعبةعاد هذا المسجد وأصبح كنيسة من جديد، علماً بأن كلا المعبديْن يعتبران بيتين من بيوت الله. 

ويشير الباحثون ان هذا المسجد يكتسي أهمية بالغة لأنه المسجد- الجامع الأندلسي الوحيد الذي حافظ على بنائه الأصلي في هذه المنطقة البدوية النائية. ومنذ 1931، تمّ اعتباره من المعالم الأثرية الوطنية كتراث تاريخي إنساني ذي قيمة كبرى. ويشير المؤرخ أبو عبد الله البكري (حسب ليفي بروفنسال) إلى أن “إقليم المونستير وباقي القرى الإشبيلية جمعوا ما ينيف على 35000 دينار من الجباية”، ولقد استردّ الاسبان المونستير في القرن 13، وتقام في المسجد اليوم تظاهرات ثقافية كل عام، ويسمح بالصّلاة فيه وتلاوة القرآن الكريم، وإقامة الشعائر الدينية الإسلامية والمسيحية في آنٍ واحد. وفي سنة 1975، ومع انطلاق العهد الديمقراطي في إسبانيا، وزيادة الاهتمام بترميم  المآثر العمرانية الأندلسية، تمّ ترميم مسجد المُنستير، الذي فتح أبوابه منذ ذلك التاريخ للمسلمين من أجل أداء  فريضة صلواتهم. ومن بين مرافقه التي توجد في حالة جيدة جداً، بالإضافة إلى المحراب وصحن الوضوء، هناك قاعة الصلاة التي تبلغ مساحتها 118 متراً مربعاً، والمئذنة. وقد قام “مركز الدراسات الأندلسية وحوار الحضارات” بإنتاج شريط وثائقي حول المسجد، وحول التظاهرات الثقافية والدينية التي تُقام فيه كل عام. 

شكراً للقائمين على فندق “الملكة كريستينا” العريق ولإسبانيا لأنهم تركوا مسجد مدينة الجزيرة الخضراء على حاله، ولم يهدموه حتى ولو أصبح أو كاد أن يُصبح ركاماً دارساً، أوطللاً بالياً تتساقط أحجارُه، وتتهاوى لبناته يوماً بعد يوم. على كلّ حال، لا بدّ أن تكون لنا عودة لهذا الموضوع في مستقبلٍ قريب نظراً لأهميته التاريخية، وعمق رمزيته ودلالته بالنسبة لكلّ مَنْ يشعر بغيرة على مخلفات أجدادنا الميامين في الدّيار الأندلسية حتى ولو أصابها البلى، وطالها النسيان والإهمال! 

خلال إقامتي بهذا الفندق، التقطتُ بعض الصور التذكارية لمبناه، ولحدائقه الفسيحة، ولبقايا المسجد الذي اندثر ولم يبق منه سوى جدرانه وأطلاله المتهالكة التي – كما قال في الأزمان الغابرة الشاعر العربي المأسوف على شبابه طرفة ابن العبد – تلوح للناظر إليها-  كباقي الوشم في ظاهر اليد!. 

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. محمد محمد الخطابي

كاتب، وباحث، ومترجم من المغرب عضو الأكاديمية الاسبانية- الأمريكية للآداب والعلوم بوغوتا كولومبيا