المطبعون.. والشرعية المفقودة!!

المطبعون.. والشرعية المفقودة!!
عبد العلي جدوبي

     كان الاعتقاد لدى العديد من المتفائلين، أن عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني ستحل كل منغلق وتخفف من معاناة الفلسطينيين، وستكون بمثابة الطريق المناسب للوصول إلى إحلال سلام دائم وعادل بمنطقة الشرق الأوسط،
ولكن الذي حدث بعد مرور الوقت، هو أن اسرائيل تقوت شوكتها، وكأنها تسلمت من المطبعين “تفويضا” لتواصل وبكل حدة وشراسة ممارسة سياستها الإجرامية ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع بدعوى “الدفاع عن النفس”.
   بيد أن ما يزيد هذا الموقف سلبية، على رغم ما تطبع المرحلة من سمات التردد والعجز العربي، هو أن الدور الاسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط زاد غطرسة وقوة وصلابة، بعكس ما كانت تعول عليه الأطراف الداعمة لإسرائيل، ويكفي الإمعان في الاعتداءات اليومية المتكررة على الفلسطينيين، لنسجل بؤس سلطات الاحتلال وعجزها عن اندماج في متغيرات المرحلة، وظل الخوف هاجسا يوميا يورق مضاجع الاسرائيليين رغم الإمتيازات التي حصلوا عليها والضمانات الأمريكية والمساعدات المالية والعسكرية التي تمنح لهم على مراحل.
   بماذا استفاد المطبعون من عملية التطبيع؟ وماذا تحقق بعد ذلك؟ وإذا كانت وراء المسألة تبادل للمصالح، فأين تكمن مصالح المطبعين سرا أو علنا؟
   وقع المغرب، كما هو معلوم، بيانا مشتركا في 22 ديسمبر 2020، وحصل بموجبه على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كحل لنزاع الصحراء المغربية – وهو اعتراف أمريكي ناقص غير مكتمل – وتم فتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، وكان المؤمل أن تفتح في المرحلة  الثانية قنصلية ثانية لها  في العيون، لكن شيء من هذا لم يحدث!!
   فتحت امريكا قنصلية لها في الداخلة لتأمين وتدعيم وتسيير مصالحها الاقتصادية، انطلاقا من ميناء المدينة، ولتأمين مصالحها أيضا مستقبلا خصوصا وأن المنطقه تتوفر على خيرات وفيرة من المعادن الثمينة،  وكخطوة استباقية من شركات أمريكية، لتجد حضورا اقتصاديا، ولا تريد منافسين لها من دول أخرى ..
   التطبيع العربي- الإسرائيلي الذي خططت له الإدارة الأمريكية السابقة بدقة، هو ما كانت تبحث عنه إسرائيل، فمن جانب حققت اختراقا على أوسع نطاق، دون أن تلتزم بأي تنازل في المسار الفلسطيني، وهي بذلك تحصل على شرعية الاحتلال، ولكن في الحقيقه شرعية مفقودة، تحاول استغلالها للاستمرار في نفس سياستها الإستطانية (750 ألف مستوطنه جديدة)، للإجهاز على القضية الفلسطينية، وقد ينجح الكيان الصهيوني في إحداث اختراقات ديبلوماسيةأخرى قادمة!
   حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) تسوق دائما لمقولة تفيد بأن الاستمرار في التعاون مع سلطات الاحتلال إنما يمنح لها شرعية الاحتلال، والمطبعون يدعمونها في ذلك!، ويقول بعض الفلسطينيين من الضفه الغربيه بأن السلطة الفلسطينية في أعقاب اِتفاقية (أوسلو) اضطرت إلى الالتزام بتعهداتها الأمنية تجاه إسرائيل، بعد التنسيق الأمني، وهو في نظر (حماس) أوجه التطبيع بين السلطة وإسرائيل، وهذه المسألة ما يزال الجدل قائما بشانها في الساحة الفلسطينية.
  فبعد انتصار اليمين الإسرائيلي في الداخل، وتغير في النظام العربي، اِنهارت العملية السلمية تماما،  وإتر ضغوط غربيه تم التخطيط لها بعناية، “فضلت” بعض الدول العربيه ودول الخليج التحالف مع إسرائيل، كمحاولة يائسة منها لاحتواء الخطر القادم من إيران!! (إيران أقامت علاقات حسن الجوار مع السعوديه مؤخرا)، حيث وصل الانقسام إلى حد أضعف من قدرة الفلسطينيين على ممارسة أي ضغط على القرار العربي.. أما الجامعة العربية فما تزال  ولأزيد من 70 سنه “تشتغل” على مبدأ (التنديد اللفظي) ضد إسرائيل!!
   والظاهر أن الكيان الصهيوني من خلال ممارسته الإجرامية اليومية، يواصل تحديه للعرب واحتقاره للمطبعين دون أن يكون هناك توسع جغرافي لصالح الفلسطينيين، فغاية إسرائيل من التطبيع مع المطبعين هي الحصول على ثرواتهم بطرق ملتوية، مستغلة كل الاتفاقيات السابقة التي وقعتها مع الفلسطينيين، حتى تنفتح على العالم وحتى تحتفظ لنفسها بثمرات الاتفاقيات، دون الاستمرار فيها ودون تطبيقها ولو لبند واحد منها، وهذا ما مكنها في اعتقادها من القيام بدور الدولة الإقليمية الكبرى في المنطقة، وهي تسعى منذ مدة الى تحقيق هذا التحول إلى الدولة الإقليمية في الشرق الأوسط،  وبالتالي تستطيع بكل حرية ممارسة علاقة الابتزاز والضغط على العرب وعلى المطبعين معها، وزرع اليأس فيهم لتحقيق المزيد من المكاسب السياسيه.

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي