مسقط تنشط المساومة الإيرانية – الأمريكية
د. خالد العزي
زار سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد إيران، وناقش ليس فقط العلاقات الثنائية، بل شملت المحادثات جدول أعمال إقليمي. ووصفت الرحلة بأنها مهمة بالنظر إلى مسار طهران الواضح نحو المرونة في الاتصالات مع العواصم العربية. بعد مصالحتها مع المملكة العربية السعودية، وحصول تقارب مع مصر. حيث اعتبرت عمان قناة وسيطة مهمة. وفقًا لمسؤولين إيرانيين، ولم تمر المحادثات بالطبع من دون تناول الحوار بين إيران والولايات المتحدة.
ومن المعروف بأن عُمان قدمت لبعض الوقت خدمات الوساطة، ليس فقط في إطار الحوارات الإيرانية – السعودية، ولكن أيضًا الحوارات الإيرانية – المصرية، وقد حدثت تغييرات إيجابية في هيكل العلاقات الإقليمية من رحلة هيثم بن طارق.
سبق أن أدى سلطان عمان دور وسيط بين إيران ودول غربية في ملفات مهمة، منها الملف النووي. وجاءت هذه الزيارة في ظل تقارير أفادت عن تواصل بين طهران والقاهرة، يفضي إلى رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى سفير. ويبقى السؤال المطروح في زيارة السلطان إلى طهران بتاريخ 28 أيار/مايو 2023 ، هل حمل سلطان عمان رسالة من أمريكا إلى إيران خلال هذه الزيارة. إذ لطالما لعبت عمان دوراً مؤثراً وإيجابياً في القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية للجمهورية الإيرانية، ولطالما تعتبر هذه الإجراءات الخيرة والإيجابية لسلطنة عمان.
لكن هل أصغت إيران بانتباه للسلطان، وهل ستنظر إلى ما حمله في رسالته للقيادة الإيرانية؟
الجدير ذكره بأن إيران وسلطنة عمان تربطهما علاقات سياسية واقتصادية وثيقة. وكانت السلطنة قد أبقت تمثيلها الدبلوماسي في طهران على حاله مطلع العام 2016، على الرغم من مراجعة دول في مجلس التعاون الخليجي علاقاتها مع إيران بعد الأزمة بين الرياض وطهران.
لقد ازداد الوزن الدبلوماسي لسلطنة عمان بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث بدأ يُنظر إلى السلطنة على أنها منصة وساطة ذات أولوية للحوار بين أوكرانيا وإيران. وتعقدت الاتصالات بين الدولتين منذ عام 2022، بسبب شكوك كييف في أن طهران تقدم دعمًا عسكريًا فنيًا لموسكو. ففي الخريف الماضي، استضاف الجانب العماني محادثات سرية بين وفدي البلدين على أراضيه. خلال الاجتماع، حاولت أوكرانيا أن تقدم للإيرانيين استنتاجاتها حول أصل الطائرات المقاتلة بدون طيار المشاركة في منطقة العمليات الخاصة الروسية، لكن ممثلي إيران تصدوا لجميع الاتهامات.
من هنا فإن زيارة هيثم بن طارق لطهران كانت مهمة في المقام الأول من وجهة نظر الأجندة الثنائية. والاتصالات غير المباشرة التي يتم إنشاؤها بطريقة هادئة، دون الإعلان عنها علانية، ففي الماضي، عندما تم إنشاء قنوات اتصال غير مباشرة، وتم استخدام عمان كمنصة تفاوض، لم تكن هناك حاجة إلى زيارات، خاصة على مستوى السلطان.
لكن اليوم بسبب تعقيد الوضع في التواصل بين إيران وأمريكا، باتت تطلب الواسطة زيارة مباشرة من السلطان عمان لطهران، ومن المتوقع أن يحدث أثناء هذه الزيارة اختراقات دبلوماسية عبر زيارة السلطان هذه.