عندما يهذي حسن نصر الله

عندما يهذي حسن نصر الله

د. رودريك نوفل

بات معلوماً دائماً عندما تقّل خيارات حزب الله أو عندما يحسّ ان الوضع الداخلي ليس لصالحه، يلجأ إلى سلاحه غير الشرعي لتسوية الأوضاع بطريقة مباشرة أو رسالة ما عبر حدث أمني أو إستفزازي، يجّر الداخل و الشارع إلى ما لا تُحمد عقباه و يُبعِد النظر والحديث المعارض عنه، خاصةً أن المشهد والأرقام في جلسة الغد لانتخاب رئيس للجمهورية، تدلّ بوضوح إلى معارضة اللبنانيين لمشروع الحزب.

التوقعات جميعها تؤشر الى أن جهاد أزعور حتى و أنه لن يصل إلى أي منصب في جلسة الغد، سيحصد “إذا حصلت و تم العدّ” بالتأكيد أكثر مما سيحصده سليمان فرنجية من اصوات و قد أشار الأخير بخطابه يوم الأحد في ذكرى مجزرة إهدن أنه يرسم حدود الخلاف بينه و بين الآخرين، كأنه يعيد فتح جراح الماضي فما هي مصلحته من خطاب ناري عالي السقف لشدّ العصب و من دفعه بهذا الإتجاه و ما الهدف؟ خاصةً أنه كان دائماً يشدد على طوي هذه الصفحة و قد ذهب شخصياً سنة ٢٠٠٣ إلى سوريا و أعاد إلى لبنان “حنّا شليطا” المتهم بقتل شقيقته و الذي كان موقوفاً لدى النظام.
هل هذه إحدى مناورات الحزب الذي بعد أن زاره المطران بولس عبد الساتر موفداً من البطريرك الكاردينال بشارة بطرس الراعي خاصةً انه استغل تلك الزيارة كمناسبة لشيطنة الطائفة السنيّة و إلهاء المسيحيين بمشكل سنّي-مسيحي جديد؟
هذيان حسن نصرالله وصل به هذه المرّة إلى اتهام فؤاد السنيورة و حكومته التي كان ممثلاً بها عبر محمد فنَيش بالطعن بالمقاومة عبر مسعى لترحيل شيعة لبنان إلى جنوب العراق؟!!!

الجدير بالذكر أن السنيورة وقتها كان يرزح تحت وابل نيران و طيران العدوان و سعى جاهداً لوقف إطلاق النّار الذي أنقذ الحزب بعد ان ناشد أمينه العام في اطلالة ٩ آب ٢٠٠٦ و طالب الإلتزام بالنقاط السبع وكان يرجو العالم كلّه لوقف اطلاق النار بتلك الإطلالات اليومية في تلك الحقبة و ما لبث أن تم ذلك وهدأت النيران فوق رؤوسنا بفضل مساعي السنيورة حتى تهم الحكومة بالخيانة في خطاب ١٤ آب ٢٠٠٦.
طبعاً نفى السنيورة و الوزير أحمد فتفت اللذان كانا في الحكومة حينها هذه الإتهامات التي كان الهدف منها واحد وهو شيطنة الطائفة السنيّة و توجيه البوصلة عليهم بالوقت الذي لا أحد يعطّل و يتحدّى في موضوع رئاسة الجمهورية غيره، خاصةً بعد توحيد الرؤية والصفوف المسيحية العريضة بإتجاه جهاد أزعور بعد أن وصفوا عبر نبيه برّي أن المشكل هو ماروني-ماروني. وللتذكير أن مسيحيي تلك الحكومة بتنوّعهم لم يذكروا يوماً هذه الحادثة فما هي إلا هذيان ورواية صبيانيّة من نسج الخيال وتأتي اليوم في سياق القَول أنّ الأمس كان دَورنا نحن الشيعة بالترحيل و إذا لم تتحدوا معنا اليوم سيكون غدكم مشروع ترحيل كما يفعلوا معنا وسلاحنا الذي يطمننا ويضمن وجودنا سيضمنكم و ضمن وجودكم و تناسى أن سلاحهم سلاح غير شرعي و ستقوون به في كل مناسبة و أحتلّوا عبره الرئاسة الثانية و أتوا برئيس ميليشيا على رأس البرلمان غيّر القوانين وعدّل الدساتير لضمان بقائه على نفس الكرسي أكثر من ٣٠ سنة وتناسى الأهمّ أن السنّة منذ نشأة لبنان الكبير لم يأتوا برئيس “ميليشيا” على رئاسة الحكومة و لم يحكموا بالامتيازات التي كرسها لهم الدستور كما الحال بالنسبة للمسيحيين حتى في اقوى مراحل لبنان حين كانوا يمثلون ٧٠٪؜ شعبياً و ٦/٥ مكرر برلمانياً كانوا رمزاً للإعتدال و العمران و الإزدهار.

كما طالبوا أيضاً في نفس اللقاء مع المطران عبد الساتر بضمانات و بطبيعة الحال تلك الضمانات المزعومة تأتي من خارج النصوص و الدستور بل تلك الضمانة تأتي بخرق الدستور، مطالبة برئيس “لا يطعن” ظهر المقاومة و الطعن بنظرهم تقديس سلاحهم و الرضوخ تحت نيرهم؛ وعدم تنفيذ القرارات الدولية و على رأسها ١٥٥٩، ١٦٨٠، ١٧٠١، ٢٦٥٠. ألا يعني ذلك تغيير الصيغة و الميثاق إلى صيغة تشرعن وجود المقاومة الثابت وسيطرتها الدائمة على كلّ مكامن ما تبقى من لبنان الكبير…خرق يريدونه كما خرق ميشال عون مرات عديدة و عديدة جداً المادة ٦٠ من الدستور فالمعركة اليوم بالنسبة لهم وجودية ومصيرية ومواجهة نهائية و مفتوحة أهم من انتخابات ٢٠٠٥ بالنسبة لهم والتي أدخلتهم للمرة الأولى الندوة البرلمانية بعد أن فقدوا بعض هذه السيطرة في مجلس ٢٠٢٢ حيث كانت مطلقة سابقاً وكانت الأمور بفرض القوة و السلاح تجعل الدّولة على الشاكلة التي يتمنّاها الحزب فالذي أوهم الناس بإنتصار غير موجود في حرب تمّوز ٢٠٠٦ و دمّر بيروت في ٧ أيّار ٢٠٠٨ لم يعد لديه القدرة اليوم على خوض غمار أيّة مغامرة داخليّة فكلّ قدراته الوهميّة لا تستطيع إرغام ١٥ نائب على إعطائه أصواتهم و إيصال رئيس “صورة” على كرسي “واجهة” لطاغية أجرمت وهجّرت الشعب السوري من أرضه و تهجّر اليوم بكل قواها اللبنانيين الأحرار من بلدهم.
آن الأوان لمواجهة الطاغية في الوقت الذي هو مكبّل فيه و الإجماع على مشروع رئيس و ليس شخص رئيس يحصل حوله إجتماع اللبنانيين و العودة إلى صيغة لبنان الكبير المزدهر الذي شهده وشهد له العالم عبر الشراكة التي لا تزال صيغة ميثاق ١٩٤٣ و هيكلية لبنان الكبير.
للأمانة و منعاً للتأويل زار وفد لجنة التنسيق مع الأزهر ضم  احمد فتفت، خالد قباني، فؤاد السنيورة، لينا التنير، حسن منيمنة، مصطفى علّوش، أنطوان مسرّة و فارس سعيد يوم الأحد المنصرم بكركي و التقوا الكاردينال الراعي ونقل لهم هذه المعلومات.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. رودريك نوفل

باحث وناشط سياسي لبناني