صعوبات أمام ترتيب الحديقة الخلفية لروسيا في الفضاء السوفياتي
خالد العزي
لا تزال روسيا تمارس دبلوماسية مكوكية في فضائها السوفياتي من اجل تأمين هامش تابت بظل العقوبات الاقتصادية التي تفرض عليها بسبب الحرب الحالية، لان تطوير حديقتها الخلفية سيؤمن لها فضاء دبلوماسي واسع وتعزيز نفوذها في مناطق باتت رخوة للسياسة الروسية ومقصدا لطموحات دول اخرى .
حاولت روسيا خلال قمة الإتحاد الاقتصادي ــــ الأوروبي الآسيوي التي انعقدت في سوتشي في 8 حزيران/يونيو 2023 من تطوير علاقاتها التجارية والمالية مع الشركاء المتواجدين من دول الاتحاد السوفياتي السابق بشكل ثنائي ومن خلال الشراكات المشتركة بين اكثر من دولة، وقدمت عددًا من المقترحات للشركاء. لإنشاء صندوق غذائي للطوارئ ونظام لمراقبة الأمن الغذائي.
لكن في ظل الظروف الجيوسياسية الجديدة، تبين ان الدول المشاركة في حذرة من مثل هذه المقترحات، وبشكل عام تجاه تكامل أعمق بسبب التهديد بفرض عقوبات ثانوية عليها.
وبحسب موسكو فإن تشكيل مثل هذا الصندوق يساعد على استقرار الوضع في حالة حدوث أزمة. وإمكانات دول الاتحاد لا تسمح فقط بإطعام نفسها، ولكن أيضًا لإرسال المنتجات للتصدير. ودول الاتحاد بحاجة إلى تقريب مواقفها في مجال المناخ، ودراسة المزايا التنافسية للنظم البيئية الرقمية التي تم إنشاؤها في روسيا اتخاذ خيار لصالحها.
يعمل القطاع غير الحكومي ووسائل الإعلام الغربية العاملة في دول الاتحاد الأوروبي على تسخين هذا الموضوع، وتخويف الدول المستقلة من الاندماج بالمشاريع الاقتصادية الروسية، لان سلطات دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي نفسها، ومعظمها من آسيا الوسطى، تلعب أيضًا لعبتها الخاصة حول هذا الموضوع. ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه لا توجد أجندة إيجابية داخل البلدان للتطوير.
أحجمت طاجيكستان عن الانضمام إلى المنظمة وبحسب معلومات خاصة لدى طاجيكستان أجندة سياسية، ورغبة في الحفاظ على السيادة الاقتصادية. مما يؤشر إلى أن صورة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بين دول آسيا الوسطى ليست عالية، بالرغم من أنه يتمتع بعدد كبير من المزايا لجميع المشاركين، لكنهم يفضلون التزام الصمت عنها .
لم تفلح محاولة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل موشيستين من إقناع أذربيجان ايضًا في الانخراط في هذا النموذج بالرغم تمثيلها في المنتدى لانها ترى بأن طموحاتها تتعدى البقاء ضمن هذه المجموعة الضيقة، وبالرغم من الخلاف السياسي والجيوسياسي في المنطقة لا تزال مولدافيا بعيدة عن الانخراط في هذا الاتحاد وهي تعيد دراسة الاتفاقية الموقعة مع الدول المستقلة وسيكون خروجها هو الافضل للاندماج مع الاتحاد الأوروبي .
بالمقابل موسكو تبذل جهودًا لحل مشكلة ناغوني كاراباخ، لكن بحسب يريفان، هذا لا يكفي، فبعض الاتفاقات لا تعمل. وأكد الرئيس الأرمني نيكول باشينيان لزميله الروسي أن أرمينيا “مستعدة لفتح الاتصالات الاقتصادية والنقل الإقليمية في إطار مبدأ السيادة، والولاية القضائية لتلك الأطراف التي تمر من خلالها هذه الاتصالات”.
لا تزال الجهود المبذولة من قبل موسكو في اطار تطوير عمل هذا الاتحاد الاقتصادي تسير ببطء لان الدول المشاركة غير جاهزة للانخراط والاندماج الاقتصادي نتيجة العديد من المشكلات ذات الرواسب القديمة ونتيجة الاهمال الروسي لحلها وكذلك انخراط روسيا بالحرب الروسية ـــ الأوكرانية وعقوبات الغرب قد جمد توجهات الدول الصغيرة .