تشييع نائل .. وماكرون يؤجل زيارته الى ألمانيا و”الطوارىء” قيد الدرس
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرجاء زيارة رسمية إلى ألمانيا بسبب الوضع في بلاده، فيما تدرس الحكومة الفرنسية إمكانية فرض حالة الطوارئ بعد ليلة رابعة من أعمال العنف والشغب تبعت مقتل القاصر نائل وهو من أصل جزائري مغربي برصاص شرطي على إشارة مرور الثلاثاء الماضي، ما أثار موجة غضب عارمة وخروج الآلاف إلى الشوارع خاصة من الشبان. وخيار فرض حالة الطوارئ تم استخدامه في أعقاب الاعتداءات الدامية عام 2015، وكذلك في 2005 جراء أعمال الشغب التي اندلعت بعد مقتل شابين طاردتهم الشرطة.
وجرت اليوم مراسم تشييع جنازة الفتى نائل السبت، الذي قتل برصاص شرطي في نانتير بضواحي باريس الثلاثاء الماضي، حيث ووري جثمانه الثرى في مقبرة مون فاليريان بالضاحية نفسها في حضور جماهير غفيرة.
ودعا محامو عائلة الفتى وسائل الإعلام إلى عدم حضور الاعلام المراسم “احتراما لخصوصية العائلات الثكلى”. هذا وذكر صحافيون أن جثمان نائل نقل إلى مسجد ابن باديس في نانتير حيث اقيمت عليه صلاة الجنازة بالتزامن مع صلاة الظهر، ثم انتقل موكب التشييع إلى المقبرة غير البعيدة عن المسجد. ومنع عمال الحراسة الذين يؤمنون المراسم الصحافيين بشكل صارم وعنيف.
وسادت احتجاجات عنيفة في مناطق مختلفة من فرنسا إثر مقتل نائل. وأعلنت وزارة الداخلية توقيف أكثر من 1300 شخص في الليلة الرابعة على التوالي من اندلاع أعمال العنف في مدن عدة.
وشهدت مرسيليا، ثاني أكبر مدن فرنسا، ليلة من أعمال الشغب الجمعة ما بين إلقاء مقذوفات على آليات الشرطة وإطلاق قنابل مسيّلة للدموع وأعمال نهب، ما دفع وزير الداخلية لإرسال تعزيزات.
وفي فالو-إن-فالين بضواحي مدينة ليون الفرنسية، أطلق شخص النار باتجاه شرطيِّين وجرح منهم ثلاثة، حسب مصدر من الشرطة.
واجتمعت الحكومة الفرنسية صباحا مرة جديدة لتقييم الأوضاع بعد ليلة رابعة من العنف إثر مقتل الفتى نائل، وفق ما أفاد قصر الماتينيون بباريس.
من جهة ثانية أوقفت الشرطة في بلجيكا “94 شخصا، بينهم 80 قاصرا و14 بالغا”، حسب صحيفة “لو سوار”، وذلك أثناء تجمعات في مركز العاصمة نظمت تنديدا بقتل الفتى نائل. وأضافت الصحيفة أنه تم توقيف 7 أشخاص في منطقة بروكسل-نورد ونحو 30 آخرين في مدينة لييج.
وتعرضت مطاعم ماكدونالدز ومكتبة للإحراق في منطقة موزيل. وقال عمدة بلدية مدينة ميتز اليميني إن هناك “نقصا كبيرا” لقوات الأمن والشرطة “في مواجهة مئات الجانحين”. كما دمرت مكتبة ميتز-بورني جراء تعرضها للحرق. وأضاف فرانسوا غروسديديه عبر فيس بوك أن “رجال الإطفاء، ضحايا شهب حارقة، لم يتمكنوا من التدخل”.
وشهدت منطقة نيو آكيتين ليلة أكثر هدوءا من سابقتها، إذ انخفض عدد الحوادث من بوردو إلى بو وبواتييه.
وفي منطقة جيروند، أصدرت خمس بلديات قرارا بحظر التجول لتجنب المزيد من الأضرار. وكانت مدينة بوردو قد شهدت في الليالي السابقة الكثير من أعمال العنف، وما لبث أن عاد الهدوء نسبيا الليلة الفائتة، حسبما أورد صحافيو وكالة الأنباء الفرنسية.
وقالت وزارة الداخلية في حصيلة لا تزال مؤقتة إن “79 شرطيا ودركيا أصيبوا بجروح” خلال أعمال الشغب “التي تراجعت حدتها”. وأضافت أن النيران أضرمت في حوالي 1350 سيارة، فيما تعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب وأحصي 2560 حريقا على الطرقات العامة.
واندلعت أعمال شغب في منطقة البحر الكاريبي، وتحديدا في غويانا التي تخضع للحكم الفرنسي، احتجاجا على مقتل نائل. وقتل شخص واحد على الأقل، عندما أشعل محتجون النار في صناديق للقمامة، وألحقوا أضرارا بالمباني.
وأقدم ملثمون على نهب العديد من المحلات التجارية وسط مدينة ليون. وأشعل المحتجون النار في صناديق للقمامة، قبل أن يتفرقوا مع اقتراب الشرطة. وأحصت السلطات المحلية في ليون حوالي عشرين متجرا منهوبا في نهاية مساء الجمعة.
وتحدى مئات الأشخاص في مونبلييه مساء الجمعة، أمر الحكومة بعدم الاحتجاج. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في ساحة “لا كوميدي”، ما جعلهم ينفضون من المكان. وخلال المظاهرة، تحطمت نوافذ العديد من المتاجر، بما في ذلك متجر “أورانج” للهواتف المحمولة، ومتجر “شواروفسكي” للمجوهرات. واعتقلت الشرطة عددا من الأشخاص.
هذا وشدد نجم باريس سان جرمان بطل الدوري الفرنسي لكرة القدم كيليان مبابي، على ضرورة أن تكون الاحتجاجات سلمية. ونشر تغريدة، قال فيها إنه في حين يدعم الاحتجاجات، يجب أن ينتهي العنف.
وأصدر لاعبو المنتخب الفرنسي لكرة القدم بيانا على إنستغرام اكدوا فيه “يجب وقف العنف لإفساح المجال للحداد والحوار وإعادة الإعمار”.
ونهب اللصوص عشرات المتاجر وأضرموا النار في نحو ألفي سيارة منذ بدء أعمال الشغب. وألغت السلطات بعض الفعاليات من بينها حفلتان موسيقيتان في ملعب فرنسا بضواحي العاصمة. ويقول منظمو سباق (تور دو فرانس) إنهم مستعدون للتعامل مع أي موقف عندما يدخل المتسابقون البلاد يوم الاثنين بعد انطلاق السباق في مدينة بلباو الإسبانية.
وقال محمد جاكوبي، صديق أسرة الضحية إن ما يؤجج حالة الغضب هذه هو الشعور بالظلم في الأحياء الفقيرة بعد أن مارست قوات الشرطة العنف ضد الأقليات العرقية، وكثيرون منهم ينحدرون من المستعمرات الفرنسية في السابق. وقال “سئمنا، نحن فرنسيون أيضا. نحن ضد العنف ولسنا حثالة”.
ومع توسع الاحتجاجات العنيفة في فرنسا إلى مناطق مختلفة، بدأ هذا الوضع يلقي بظلاله على السياحة في هذا البلد الذي يجذب عشرات الملايين من السياح كل عام. وظهرت المؤشرات الأولى بإلغاء حجوزات.
وقال تييري ماركس رئيس الجمعية الرئيسية لأصحاب الفنادق والمطاعم إنه منذ وفاة نائل مرزوق “شهدت الفنادق الأعضاء في الجمعية موجة من إلغاء الحجوزات في جميع المناطق المتضررة جراء التخريب والصدامات”. وقال ماركس إنه يتلقى رسائل يومية من أصحاب هذه المؤسسات التي تعرضت “لهجمات ونهب وتخريب، بما في ذلك بعض المطاعم والمقاهي“.
وأضاف “مؤسساتنا هي في جوهرها أماكن ضيافة وأحيانا ملاجئ وأماكن للمساعدة في حالات الأزمات. لا ينبغي تحميلها عواقب الغضب الذي لا يد لها فيه، ونحن ندين هذه الأعمال”.
من جانبه، دعا اتحاد متاجر التجزئة الفرنسي الشرطة إلى تعزيز التدابير الأمنية حول المتاجر. وقال المدير الإداري للاتحاد جاك كريسيل إن أعمال الشغب “تم تخريب أو نهب أو إحراق أكثر من مائة من متاجر المواد الغذائية أو غير الغذائية المتوسطة والكبيرة”. وأضاف أن هذه الحوادث “خطيرة للغاية وكلفتها باهظة للغاية”. وقالت غرفة التجارة بباريس إيل دو فرانس إنها تعمل على نشر فرقها “لتقديم الدعم الضروري والمساعدة الفنية، لا سيما فيما يتعلق بضمان استمرار العمليات وتعويضات التأمين وما إلى ذلك”.
وأعربت جمعية الفنادق والمطاعم المستقلة في فرنسا عن أسفها لأن قنوات التلفزيون “الأجنبية تعرض مشاهد تصور باريس وقد لفتها الحرائق وغرقت في الدماء، وهذا يجانب الواقع”.
وقال فرانك ترويه المدير الإداري في الجمعية: “هل ستستمر أعمال العنف والشغب وتتسبب في موجة حقيقية من الإلغاءات؟ هنا مكمن الخطر”.