خيبة المهزومين وإحباط الفاشلين
حسين عابديني
ليس بالإمکان القول بأن النظام الإيراني ومنذ قيامه لم يتمکن من تحقيق الکثير من أهدافه، کما أنه في طريقه لتحقيق أهداف وغايات أخرى، من خلال مخططات رسمها ويأمل من ورائها ضمان المحافظة على بقائه، في عالم يحفل بالمتغيرات والتناقضات والتطورات السريعة وغير المسبوقة، ولئن کان النظام قد عانى الکثير من الصعوبات والعقبات في طريق تحقيق بعض من أهدافه، لکنه مع ذلك قد مشى فيها أشواطا لايمکن الاستهانة بها، نظير برنامجه النووي المشبوه وتدخلاته في بلدان المنطقة والعالم، لکنه في نفس الوقت کان هناك ثمة هدف لم يتمکن النظام من تحقيق هدفه بخصوصه وأن يتنفس الصعداء من جراء ذلك، خصوصا إذا ماکان ذلك الهدف يدخل ضمن نطاق أولوياته وحتى إنه يمس قضية مصيره، وهذا الهدف هو المعارضة الإيرانية الفعالة والنشيطة، التي لم تتوقف عن مواجهته وخوض الصراع ضد منذ قيامه، وبطبیعة الحال ليست هناك من معارضة إيرانية يمکن أن تستحق هذا الوصف سوى المقاومة الإيرانية.
الحقيقة الثابتة والمهمة التي يجب أن لا نتغاضى عنها هي إن هذا النظام قد تمکن بطرق وأساليب مختلف من القضاء على المعارضة أو تحجيمها أو إقصائها وتهميشها، لکن المعارضة الوحيدة التي لم يتمکن أن ينال منها وبقيت تواصل نشاطها داخل إيران بشکل خاص، إلى الحد الذي يمکن تشبيهها کالشفرة العالقة في بلعومه، فلا هو يتمکن من إخراجها مثلما لايستطيع بلعها.
مشکلة النظام الإيراني مع المعارضة الإيرانية، أنها حاضرة ومواجهة له حيثما يکون أو يريد أن يکون، وإذا ماتحدثنا عن الأساليب القمعية والإعدامات والاعتقالات، فإن دور “مجاهدي خلق” يفرض نفسه من خلال فضح ممارساته هذه، ومن کونها الدينامو الأساسي لصدور 69 قرار إدانة دولية ضده في مجال انتهاکات حقوق الإنسان.
وإذا ماتناولنا ملف تدخلاته في بلدان المنطقة وتأسيس أحزاب وأذرع تابعة له فيها، فإن ما قد نشرته وتنشره المعارضة الإيرانية من معلومات وأمور بخصوص المشروع الذي يريد النظام أن يحققه من وراء تدخلاته هذه، وضعت وتضع کل من يعنيه هذا الأمور في الصورة.
فيما يتعلق بالبرنامج النووي للنظام، فإن الحديث هنا سيطول وهو ذو شجون بالنسبة للنظام الذي عانى ويعاني الأمرين من جراء الدور الذي قامت وتقوم به هذه المنظمة منذ عام 2002، بخصوص فضل الجوانب السرية والمشبوهة للنظام من ورائها وهدفه بإنتاج السلاح النووي، وهناك الکثير من التصريحات لمسؤولين في النظام يعترفون فيها بدور المنظمة في وضع برنامجهم النووي تحت الاضواء.
وبطبيعة الحال، فإن دور المعارضة في فضح الفساد المستشري في مختلف مفاصل النظام وکذلك الصراع والمواجهات بين أقطابه وعمق الأزمة الحادة التي يعاني منها، هو دور يشار له بالبناء، خصوصا وأنه يرتکز على أساس لغة الارقام والمستبدات، ولذلك ولأسباب أخرى، فإن النظام وضع ضمن أولوياته کما أسلفنا مهمة القضاء على هذه المعارضة، أو على الأقل تحجيمها وعرقلة دورها ونشاطاتها داخل وخارج إيران، لکن انتفاضات عام 2017 و2019 و2022، أثبتت قوة وحيوية دور ونشاطاتها داخل إيران وباِعتراف قادته، وعلى رأسهم خامنئي، کما أن تجمع إيران الحرة لهذه السنة والذي سعى النظام بکل الطرق والأساليب الممکنة من أجل الحيلولة دون انعقاده، وکذلك دون القيام بالتظاهرة الکبرى في باريس، ولکن جهوده بهذا الخصوص قد ذهبت أدراج الرياح، إلى الحد الذي يمکننا فيه القول بأن النظام يعاني وبشدة من جراء عدم تحقيقه لهدفه بخصوص “مجاهدي خلق” من خيبة المهزومين وإحباط الفاشلين.
Visited 2 times, 1 visit(s) today