أفق: حكايتان والموت واحد
يكتبه: صدوق نورالدين
اختيرت الرباط عاصمة للثقافة العربية (2003). وبالمناسبة، نظمت وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب ندوة عن الرواية العربية أعادت للذاكرة مجد ندوة فاس. حضر مبدعون رسخوا تقاليد الكتابة الروائية العربية انطلاقا من نصوص روائية أسست إبداعا وإضافة صورة الأدب العربي الحديث.
كان من بين الروائيين السوري حليم بركات (1933/2023). وأذكر، في حكاية أولى، أني استأذنته في الجلوس إلى جانبه في الحافلة التي أقلتنا إلى مطعم من مطاعم العاصمة، فرحب بمودة كبيرة. حينها أخبرته بأني كتبت دراسة عن روايته “الرحيل بين السهم والوتر” (1979) نشرتها بداية في مجلة “أقلام” المغربية (أبريل/1982)، ثم لاحقا ضمت إلى دراسات أخرى في كتابي الأول “حدود النص الأدبي” (دار الثقافة/ 1984). والمفارقة أني وجدته قد اضطلع عليها مبديا ملاحظات لم يتنس نقاشها لما سقط خبر وفاة المفكر الفلسطيني إدوار سعيد (1935/2003)، حيث هيمن الوجوم علينا جميعا. وأستحضر قول الناقد والروائي السوري نبيل سليمان: “بوفاة إدوار سعيد يفقد العرب صوتهم في أمريكا”.
وأما الحكاية الثانية، فرواها في دورة من دورات مؤتمر اتحاد كتاب المغرب، الشاعر محمد أحمد حافظ الذي غاب اسمه عن المنابر الثقافية على قلتها. قال بأنه في أحد الصباحات سمع طرقا على باب بيته، فلما قام ليفتح فوجئ بالروائي وعالم الاجتماع حليم بركات، فلم يعرف بم ابتلي. ذلك أن الشاعر حافظ سبق أن أنجز بحثا جامعيا عن تجربة بركات الروائية، وفي إحدى زياراته للمغرب علم بالموضوع، وأصر بوسائله الخاصة على التعرف عليه.
غاب “طائر الحوم” منفيا (وهو من كتب كثيرا عن المنفى)، في دار من دور العجزة بأمريكا.