ياليل ابعث سلامي للناس الطيبة.. (لقطات من سيرة ذاتية متلاشية)
عبد الله راكز
في الحقيقة لدي فكرة هي: أنه في تاريخ أي أمة أو مجتمع (سيان) توجد أحيانا منعطفات تاريخية تقدم فيها تضحيات معينة. وإزاء هذه التحديات قد يكون هناك خياران، مثلا في المجتمع العربي (ومنه المغربي طبعا) حصلت اندفاعة في السبعينات انتصرت فيها قوى محافظة، وإذا افترضنا أن الحادث يدمغ مقولة أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه في الإطار أو في مجرى المنتصر واشتراطاته في فترة من الفترات، ويُصبح بالتالي هذا الانتصار أو الاستجابة لتحدٍّ معين، وكأنه شيء جوهري بالنسبة للمجتمع.
1/ لقطة أولى:
من أمام مستشفى الأنطاكي (المعروف بالمامونية عند المراكشيين)، وبعد إخبارنا بتواجده هناك من لدن أحد الممرضين العاملين به، وذلك إثر إصابته بوعكة صحية جراء التعذيب الذي تعرض له بكوميسارية جامع الفنا. أتحدث هنا زمنيا في العام 74. اذاك لم يتجاوز عمري 14 سنة. بعد أن دلفت المستشفى، ترائى لي أحد حراس الأمن أمام إحدى القاعات. وجرى الذي جرى كالتالي:
– أنا: الله يجازيك الشاف.. هاد المعتقل اللي ف هاد القاعة را خويا بغيت نشوفو
– حارس الأمن: باش عرفناك خوه انت؟
– أنا: ها بطاقتي التعريفية
-حارس الأمن: صافي ماتصدعنيش. ادخل، ولكن ملي ندق فالباب خرج دغيا.
-أنا: احمد كيداير، الصحة بخير؟
– أحمد: هانتا كتشوف (معلق مع السرير بالأصفاد).كيدايرا امك.. وحليمة.
– أنا حليمة راه في مستشفى سيفيل، يالله ولدت ولد.سماتو خالد.
-دق الباب، فهمت انني يجب علي أن انسحب.
-أنا : مع السلامة
– أحمد: إلى جيتي غدا، جيب لي معاك نسخة من جريدة “المحرر”، والى اقتدرتي، جيب خالد انشوفو.
عدت في الصباح الموالي، حاملا نسخة من “المحرر” وفطور أعدته له الوالدة، لم أجده طبعا، فقد رحلوه إلى الدار البيضاء (كوميسارية درب مولاي الشريف). وانتهى الكلام.
لقطة ثانية:
قبل أن أغادره بالمستشفى (لم أنس هذا القول، فقط أرجئته لهذه اللقطة:
-أحمد: شوف سي عند عبد الغني القباج وأخبره أن اسمه ذكر في التحقيق (أنظروا مدى التعاطف الذي كانوا يحظون به؟؟)
-أنا الآن بحارة سيدي بلعباس، حيث يقطن والد عبد الغني. طبعا وجدتها بمشقة. لايهم:
-أنا: أدق على باب المنزل دقات متتالية.
-شكون أنت اللي كاتدق.
-أنا : أنا عبد الله خو راكز، إلى كاين عبد الغني يتكلم معايا لأمر يهمه.
-هو لا أعرفه: تسنى خويا (واخا،بحال إلى مابغى يعطيني شي هدية؟؟)
خرج عبد الغني من جحر الباب متخفيا وكأننا في انقلاب عسكري
-أنا: كاليك أحمد خوي البلاد ، راه اسميتك في التحقيق.
-هو: شكرا.
وانتهى الكلام،مرة أخرى.
ماهذا؟؟ماالذي وقع؟ وسيقع ؟؟ الله اعلم.
لقطة ثالثة: بويزكارن في 84:
– الشعبي الحسين: واراكز، نوض من النعاس، نوض راه الجدارمية كيتسناوك.
-أنا: انت غيب عليا راه سهران الليل كامل مع القراية.
-الشعبي: وانوض من النعاس راه الجدارمية كايتسناوك.
– أنا: اش بغاو دين امهم؟
-الشعبي: بغاو يديوك العرس
-أنا: بلاتي نشعل واحد الكارو بعدا
-الشعبي: أولد الحرام راه رمضان هذا
-أنا: كيعرفو هما شي رمضان؟
هاني خليت الكتوبا في البيت، ورقم تلفون، إلى مارجعتش اتصل. دي الكتيبات لشي مكان آمن.
الجدارمية: أنت الأستاذ راكز
-أنا : نعم.
الجدارمية: اسمح لينا عندنا تعليمات باعتقالك.
– أنا: مرحبا
وانتهى الكلام
لقطة رابعة: العبث
أنا بمنزلي بمراكش (طبعا منزل أبواي الذي ولدت فيه وترعرعت)، في وقت يقارب الساعة الثانية عشرة ليلا؛ قرعات على الباب متتالية..
-أنا:من الطارق؟؟
-شكون معايا الشريف؟
-هو: انا مبارك
-انا: شكون مبارك؟
-هو : امبارك الوساط
– أنا: واش بغيتي اخويا امبارك.راه الليل هذا.جامع كر..شوية.
– امبارك: راه شربت شوية، مابقاش عندي، نبات عندك حتى للصباح.
– أنا: سير لسيدي بولوقات بات فيه.وشكون بعدا للي دلك على العنوان؟
-هو: اللي يسول مايتلف، وزايدون، انتما عائلة معروفة بمراكش
– أنا: ماشي مشكل اسيدي، الصباح تفيق ضرك علي زلافتك؟
أدخلته، نام حتى الصباح، وانصرف نحو اليوسفية.مع السادسة صباحا.
(…)
للقطات بقية