ما هو الكوع الذي سيلي كوع الكحالة
حسين قاسم
الكوع حسب المعجم الوسيط هو طرف الزند الذي يلي الإبهام أو العظمة التي تصل بين الزند والإبهام وهي أطول عظام اليد، أما لفظ البوع فهو قليل الاستخدام ويدل بحسب المعجم الوسيط كذلك على العظمة التي تلي إبهام القدم مباشرةً.
ولكن الاستخدام الحالي لهاتين الكلمتين مقتصرٌ على المثل المعروف (لا يعرف كوعه من بوعه)، كما قد تجد الكثير من الناس يستخدمون كلمة الكوع للدلالة على مرفق اليد وهذا بالطبع خطأ.
اما “لسان العرب” فقالت وكاعَ الكلبُ: مشَى في الرمل وتَمايَلَ على كُوعِه من شدّة الحر. وكاعَ كَوْعاً: عُقِرَ فمشى على كوعه لأَنه لا يقدر على القيام. وقيل ايضاً كِعْتُ عن الشيء اي عجزت عن القيام به
وعن الباع والبوع قال النابغة: والرَّجُل يَبُوع بماله، إذا بَسَطَ به باعَه. قال: لقد خِفْتُ أنْ ألقَى المَنَايا ولم أَنَلْ من المال ما أَسْـمُو به وأَبُـوعُ، اي امدُ به باعي.
اللِّحيانيّ قال: إنه لَطَويلُ الباع اي نافذ، واضاف والمُخْرَنْبِق لينباع اي اللاَّصِق بالأرض.
ثم ان هناك كوع آخر في لبنان له مدلولاته هو ما يعرف باسم كوع سلام الراسي، يقع بالقرب من مخفر تل النحاس على الحدود مع فلسطين المحتلة، وهو يربط بلدة القليعة الجنوبية ببلدة الخربة والخيام بالقطاع الشرقي من لبنان.
بيد ان المتداول لا سيما بين العامة هو انه لا يعرف كوع يده من باع رجله.
ايضاً اشتهر كوع الكحالة في الحرب اللبنانية
ثم انه رغم الشرح الآنف والمتعدد المصادر يبقى اقل تعقيداً من مدلولات حادثة كوع الكحالة التي حصلت في العاشر من الشهر الجاري أثر انقلاب شاحنة اعترف حزب الله انها كانت تحمل سلاحاً له، تصدى لها اهالي الكحالة، سقط بنتيجتها قتيلان واحد للحزب والآخر للأهالي.
بيد ان الدوي الذي احدثته، ما كان ليأخذ هذا المدى لولا ارتباطها بما يجري في الاقليم، علماً انه تم تحميلها وزر قرارات بعض السفارات العربية والاجنبية المعتمدة في لبنان والتي طلبت من رعاياها اخذ الحيطة والحذر والمغادرة محذرة من اوضاع امنية مقلقة آتية الى لبنان، رغم ذلك فان مداها تخطى لبنان واكواعه كلها وصولاً الى المساعي الاميركية الجارية من اجل اقفال معبر البوكمال الذي يربط العراق بسوريا، في محاولة اميركية جادة لقطع طريق الامداد الوحيد الذي يربط ايران بالعراق وبسوريا وصولاً الى لبنان، تمهيداً لتقطيع أوصال الميليشيات الايرانية. وحزب الله الذي يقيس مخططاته بمقاييس عسكرية وأمنية قبل السياسية، لان سياساته تُقرر في طهران وليس في حارة حريك في ضاحية العاصمة اللبنانية ، فإنه يُدرِك تماماً اهمية معبر البوكمال واكواع لبنان ومعابره وضمناً كوع الكحالة وكوع سلام الراسي واكواع عيون السيمان والعاقورة وعكار وفي مختلف مواقع تلال سلسلة جبال لبنان الغربية، والحزب يعرف كوعه من بوعه وليس العكس، وبصفته المُخْرَنْبِق لينباع اي اللاَّصِق بالأرض، يُدرك جيداً انها معركته المصيرية وبذلك يتصرف على هذا الاساس غير آبهٍ بتداعياتها على الوضع اللبناني المأزوم، فهو يهتم بمصيره الذاتي وليس بالمصير اللبناني مهما بلغت أزمته، وكأني به يقول انه مرَّ عليه اخطر منها وتخطاها بفضل هذه السياسة، وليس بالضرورة ان يقرأ المتغيرات المختلفة كما يعتقد البعض.
فالحزب صاحب الباع الطويل، رغم طول المسافة بين كوع اليد وباع القدم، يعتقد ان الاحداث المتفرقة في دول الاقليم هي ارهاصات في الساحات، انما المهم ان يبقى ولي امر الساحات بخير، وهو يراه كذلك. لكن الشعوب لن تنتظر وباعها طويل ايضاً.