بولندا وبيلاروسيا .. وخطط المواجهة

بولندا وبيلاروسيا .. وخطط المواجهة

د.خالد العزي

استرعى اهتمام المراقبين الاحتفال بيوم الجيش البولندي في سلسلة من النشاطات اهمها العرض العسكري الذي جرى في 15 الشهر الجاري ووصف بأنه العرض الأكبر منذ عقود، وبدا واضحا ان بولندا استعرضت قوتها مع تصاعد التوترات على حدودها مع بيلاروسيا حليفة روسيا الوثيقة، واستعدادها للانتخابات الرئاسية بعد حوالي الشهرين.

وعشية يوم الجيش البولندي، اعتقلت وكالة الأمن الداخلي البولندي  روسيين بتهمة التجسس ونشر مواد دعائية من قبل شركة فاغنر  للتجنيد في وقت سابق، وأفادت وسائل الإعلام البولندية عن نشر إعلانات في كراكوف ووارسو تدعو للانضمام إلى صفوف فاغنر.

كانت كلمات رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو التي قال فيها أن عناصر فاغنر يستطيعون القيام “برحلة إلى بولندا” مستفزا، واعتبرته وارسو سببًا لحشد القوات في شرق البلاد.

تبين ان الشابين حلقة أخرى في تفكيك “شبكة التجسس”، التي انطلق منها 15 من مواطني الاتحاد الروسي وبيلاروسيا وأوكرانيا، والذين يُزعم أنهم مهتمون بالحصول على معلومات عن الوحدات العسكرية البولندية ومنطقة الحدود البولنديةـــ البيلاروسية، ولا زال هؤلاء المتهمين بالتجسس خلف أبواب التحقيق المغلقة، لدى  المخابرات  البولندية.

لا شك بان هناك كثيرين من الروس ومن الدول الأخرى يعيشون في بولندا ويتعاونون مع المخابرات الروسية ويقومون بتنفيذ مهام خاصة لها، وبولندا دولة مستهدفة حاليا من قبل روسيا، وقد ساعد ذلك برفع جاهزية مخابراتها التي تعتبر أي عمل مخالف للقانون البولندي سيكون لصالح روسيا وبالتالي رفعت قدرات ونشاط جهاز مكافحة الجاسوسية، وهو أمر ليس صعبا، وحتى اعتقال المجموعة قد يكون حقيقة او مجرد دعاية  لرفع معنوية الاجهزة الامنية والسياسية في ظل حرب جاسوسية ومعلوماتية تخاض من قبل الدولة البولندية ضد روسيا والعكس صحيح.

لكن هذه العملية التي تم تنفيذها من قبل الجهاز الأمني في 15 من الشهر الجاري لاظهار قدرات الجيش البولندي وقواته المسلحة، لا سيما انه يعتزم أن يصبح الأقوى والأكثر عددًا في أوروبا. وظهر ذلك في العرض العسكري الذي شارك فيه 2000 جندي وتم خلاله استعراض 200 نوع مختلف من المعدات العسكرية وما يقرب من مائة طائرة.

ويستعد السياسيون من حزب “القانون والعدالة” الحاكم بشكل خاص للمراجعة العسكرية، التي يعتبر موضوع الأمن فيها أحد القضايا الرئيسية في الحملة الانتخابية البرلمانية، فهل يقنع هذا التفكير الجمهور البولندي في الانتخابات القادمة ليصوت للحزب الحاكم؟ .

في الماضي ومنذ إنهاء الاحتلال النازي لبولندا كانت الاحتفالات بيوم الجيش الشعبي البولندي تجرى في 12 \10\2023 في ذكرى معركة لينينو على أراضي بيلاروسيا في عام 1943، حيث قاتل الجنود السوفييت والبولنديون جنبًا إلى جنب ضد القوات الألمانية، ليخطوا طريقًا مشتركًا نحو برلين، وبقيت هذه الاحتفالات حتى عام 1989 وبعدها توقفت لتعود من جديد بتاريخ 15 \8\1992، حيث تزامنت الذكرى السنوية للقوات المسلحة البولندية مع عطلة الكاثوليكية والأرثوذكسية “انتقال السيدة العذراء مريم”، فقد حصلت على وضع يوم عطلة، مما وسع بشكل كبير الاحتفالات المخصصة للجيش، بما في ذلك الدينية. حيث أولت وزارة الدفاع اهتمامًا كبيرًا لإجراء 70 نزهة عسكرية في جميع أنحاء البلاد، وفيها تحدث ممثلو مراكز التجنيد العسكري والوحدات العسكرية عن كيفية الانضمام إلى صفوف الجيش البولندي والتحول إلى جندي في الخدمة العسكرية التطوعية.

وبهذه المناسبة بات عيد القوات المسلحة البولندية، الذي يتم الاحتفال به بتاريخ 15 الشهر الحالي ويقام عرضا  عسكريا، منذ عام 1992 ،ليحيوا مجددا هذا التاريخ ليكون يوما وطنيا وذلك في ذكرى معركة وارسو عام 1920، بعد ان تمكن البولنديون من وقف تقدم الجيش الأحمر تحت قيادة ميخائيل توخاتشيفسكي.

والعرض العسكري وفقًا لوزير الدفاع ماريوس بلاشتشاك، كان مختلفًا عن العروض السابقة، وكان بالامكان رؤية ثمار تحديث الجيش، المعدات التي تم إنشاؤها في مصانع الأسلحة البولندية. من مركبات Borsuk القتالية للمشاة، والتي ستظهر لأول مرة في العرض، و Baobab minelayers، وناقلات الجند المدرعة Rosomak ، ومدافع Krab هاوتزر.  ودبابات أبرامز الأمريكية ودبابات K2 الكورية عبر ويسلوسترادا.

لقد وقعت وزارة الدفاع والمجموعة الصناعية العسكرية البولندية، عدة اتفاقيات لتزويد الجيش بمئات المركبات القتالية للمشاة وناقلات الجند المدرعة. وسيتم شراء 700 مركبة قتال ثقيلة للمشاة وطلبت ما يقرب من 400 مركبة استطلاع خفيفة. وهذا سيعزز الجيش البولندي من خلال تجهيزه بمعدات حديثة، وتتوقع بولندا توريد طائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي من الولايات المتحدة، التي ستعزز ،إلى جانب دبابات أبرامز  الدفاع.

باتت خطط المواجهة الفعلية بين الدولة البولندية (الناتو) وبين بيلاروسيا (روسيا) قائمة حيث تعمد الدولة البولندية الى نشر قوات متعددة على الحدود الشرقية للدولة بالاضافة الى اقامة جدار على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا؟” جدار يبلغ ارتفاعه 5.5 متر وطوله 186 كيلومترًا، وقد بدأ تشيده من قبل بولندا العام الماضي لمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين من الأراضي البيلاروسية.

Visited 11 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني