الهند وفصامية الحداثة الجاهلة
كاركاسون- المعطي قبال
بعد أربع سنوات على فشل الهند إنزال مركبة غير مأهولة على سطح القمر، حطت أخيرا يوم الأربعاء 23 غشت / 2023، مركبة شندريار -3 الفضائية قرب القطب الجنوبي للقمر في منطقة تبقى نسبيا غير مكتشفة. هذا في الوقت الذي انفجرت فيها المركبة الفضائية الروسية «لونا-25». بهذا الاختراق أصبحت الهند أحد أعضاء النادي الفضائي المغلق، والذي يضم كلا من الولايات المتحدة، الصين وروسيا. وتضم شاندريان-3 جهاز الهبوط «فيكرام» والروبوت المتحرك «برغيان» لسبر مسطحات القمر. وقد شرع الروبوب ابتداء من 24 من هذا الشهر في إرسال سلسلة صور عن سطح القمر ومساحاته.إن أبدت الهند قوتها في مجال الفضاء وفي مجال الإخصاب، بحيث أصبحت أكبر دولة من حيث عدد السكان، 1,4 مليار نسمة، وكذا في المجال المعلوماتي، فإن ذلك يعتبر الوجه المشرق للبلد، الوجه الحداثي الذي يجعل من الهند، البلد الصاعد المنافس لكل من الصين والولايات المتحدة.
لكن تتحلى الهند بوجه تعس وبئيس يجعل منها دولة عنصرية، إسلاموفوبية بامتياز وبدون أي اعتبار للتسامح والمعاملات الإنسانية وبالأخص تجاه المسلمين. ولربما يغلب الوجه القاتم لهذه الصورة على ما عداه.
آخر فضيحة تم تسريبها على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بأستاذة قسم بمنطقة الأوتا براديش، أمرت تلامذتها بضرب وصفع رفيقهم المسلم البالغ من العمر 7 سنوات، موبخة الأطفال: لماذا تعنفونه برفق؟ اضربوه بقوة على الوجه».
بعد تسريبها على المواقع، تسببت اللقطة في استياء عارم بالبلد الذي يعرف توترات حادة بين الهنود والمسلمين. وقد أعلن والد الطفل عن نيته سحب ابنه من المدرسة.
يلخص هذا الحادث الأجواء الموبوءة التي يعيشها مسلمو الهند منذ تولي ناريندرا مودي عام 2014 السلطة بالهند. ويعتبر هذا الأخير أول من يخوض الجهاد الاثني ضد المسلمين. ويوكل لذراعه المسلح ملاحقة وتصفية المسلمين.
وللذكر فإن منطقة الأوتا براديش يسيرها منذ عام 2017 حزب بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي)، ويترأس الحزب يوجي أديتياناب، وهو قسيس بوذي من المحتمل أن يكون رئيسا للحكومة خلفا لمودي. أما رئيس المعارضة، راهول غاندي فقد اتهم حزب بهاراتيا جاناتا بتشجيع اللاتسامح وزرع سم الميز العنصري في عقول الأطفال الأبرياء، وتحويل المدرسة التي هي مكان مقدس إلى مكان لنشر الحقد.
كيف يعقل إذا أن البلد الذي يزخر بطاقات بشرية ذكية هائلة (مهندسين، علماء ذرة، حاسوبيين ورجالات سياسة مرشحين للرئاسية الأمريكية القادمة) يتغذى بالموازاة بالإسلاموفوبيا، بالعنف الهيكلي، والميز العنصري؟
الهند ضحية هذه المفارقة التي التي تعطي عن البلد صورة مجتمع فصامي وفريسة لجدلية يحكمها الجهل والعلم، الذكاء والبلادة. وسيفرز خزان العداء والحقد خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة عن ثرائه الغزير!