زمن الانقلابات بإفريقيا
كاركاسون – المعطي قبال
منذ عام 1952 عرفت إفريقيا ما لا يقل عن 152 انقلابا. عاشت الشعوب الإفريقية هذه الأحداث بنوع من الخوف ممزوج بالامتعاض واليأس لأنها جاءت لإجهاض تجارب ديمقراطية ناشئة كان من آثارها تعزيز نفوذ وسلطة الجيش. وهو بمعنى ما تأجيل للتحرر من سطوة الاستعمار.
غير أن سوسيولوجية الانقلابات الأخيرة التي عرفتها بعض الدول الإفريقية غيرت من تصورات الجمهور للجيش بحيث خرجت الجماهير إلى الشارع لمساندة الانقلابيين وإبداء استعدادهم لحمل السلاح في وجه معارضي الداخل والخارج. وللذكر فقد عرفت إفريقيا في السنوات الثلاث الأخيرة 8 انقلابات، آخرها الانقلاب الذي أطاع بالرئيس علي بانغو أوديمبا يوم الأربعاء 30 غشت مباشرة بعد إعلان فوزه بالرئاسية وبعد حكم دام 14 عاما، فيما حكمت سلالة بانغو بين الأب والابن البلاد لمدة 56 عاما.
يشار إلى أن الرئيس الغابوني الانتقالي بريس أوليغي نكيما تخرج من الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس. كما عين بعد وفاة الرئيس عمر بانغو ملحقا عسكريا بسفارة الغابون بالمغرب.
قبل ذلك بأسابيع وتحديدا يوم 26 يوليوز، أطاح انقلابيون من الجيش بالرئيس النيجيري محمد بوزوم الذي لا يزال رهن الاعتقال بالقصر الجمهوري. الخاسر في هذه الانقلابات التي ستضاعف من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين هي الإرهاصات الديمقراطية التي بدأت تنبثق في أكثر من منطقة أفريقية. حيث بدأ الحديث عن «إفريقيا كقطب اقتصادي ناهض».
من المعروف أن هناك تنافر بل تناحر بين العسكر والديمقراطية. ومن غير المستبعد أن يرتد الجيش على الجماهير التي خرجت مؤيدة ومساندة. تتمثل الخسارة الثانية في الإفلات من سيطرة فرنسا للسقوط في سيطرة روسيا أو الصين. الخسارة الثالثة هي التي قد تلحق بالغالبية الساحقة من المواطنين الأفارقة الذين يراودهم حلم واحد ألا وهو الهجرة في اتجاه الشمال أملا في الهروب من الجوع. هذا في الوقت الذي تزخر فيه هذه البلدان بثروات طبيعية هائلة من غاز، بترول، منغنيز، كوبالت وأراضي فلاحية وثروات سمكية. تعتبر بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا أن هذه الانقلابات قضمت سلطتها ونفوذها في القارة وأن الحلول السياسية لم تعد من دون جدوى. لذا فإن إمكانية انقلابات مضادة تعيد لها موقعها غير مستبعدة. وعليه فإن زمن الانقلابات بإفريقيا يوجد في بداياته الأولى.