ليبيا مأساة ما بعد المأساة .. مقابر جماعية في درنه والبحر يلفظ الجثث

ليبيا مأساة ما بعد المأساة .. مقابر جماعية في درنه والبحر يلفظ الجثث

السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير

تم اليوم دفن مئات الجثامين من ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية بمدينة درنة التي ضربها الإعصار دانيال واختفت على إثرها أجزاء كبيرة من المدينة. وألقى البحر بمزيد من الجثث إلى الشاطئ في شرق ليبيا ليزيد من محصلة قتلى العاصفة التي دمرت أحياء بأكملها على الساحل ومقتل الآلاف واعتبار آلاف آخرين في عداد المفقودين.

وفي صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، قام سكان درنة بإنشاء مقابر جماعية بعد تزايد أعداد الضحايا، وأجريت عمليات الدفن تحت إشراف الجهات المختصة من الوحدات العسكرية والهلال الأحمر. كما ساهم الليبيون في جمع الجثث التي جرفتها السيول إلى البحر.

وحذر المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي في تصريحات صحافية من احتمالية حدوث كارثة بيئية صعبة بسبب انتشار الجثامين في الشوارع، داعيا إلى إيجاد حلول في أسرع وقت. وأفاد بأن عملية البحث والإنقاذ مستمرة بسبب كثرة أعداد المفقودين.

وتم رصد عشرات الجثث الملفوفة ببطانيات على الأرض في ممرات مستشفى في درنة أو في الخارج على الرصيف، في محاولة ليتعرف الناس على أحبائهم المفقودين.

بينما أعلنت الحكومة الليبية أنها لم تصل إلى أحياء في درنة حتى الآن، و”سلمنا المدينة للجيش لتنظيم العمل بها، وعلى جميع السكان إخلاء درنة لمساعدة الجيش في البحث والإنقاذ”.

نزوح 

من جهتها، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نزوح نحو 30 ألف شخص خارج درنة جراء الفيضانات في البلاد. وأضافت أن العدد المعروف للنازحين في مناطق أخرى ضربتها العاصفة بما في ذلك بنغازي هو 6085 شخصا.

في غضون ذلك، قال الهلال الأحمر الليبي، إن أكثر من 3 أحياء دمرت بالكامل في درنة، ما خلف أكثر من 5300 قتيل حتى اللحظة، بحسب تصريحات رسمية.

ودمرت السيول، الناجمة عن إعصار قوي ليل الأحد أدى إلى انهيار سدين، نحو رُبع مدينة درنة على ساحل البحر المتوسط، وجرفت مباني متعددة الطوابق بالعائلات التي كانت تنام داخلها.

وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا هشام أبو شكيوات لـ”رويترز” عبر الهاتف “البحر يلقي عشرات الجثث باستمرار”.

وأضاف: “لقد أحصينا حتى الآن أكثر من 5300 قتيل، ومن المرجح أن يرتفع العدد بشكل كبير، وربما يتضاعف لأن عدد المفقودين يصل أيضا إلى الآلاف“. وتابع قائلا: “عشرات الآلاف من الأشخاص أصبحوا بلا مأوى، نحتاج إلى مساعدات دولية، ليبيا ليس لديها الخبرة اللازمة للتعامل مع مثل هذه الكوارث”.

وقال مسؤولون إن هناك مخاوف من فقد أو مقتل 10 آلاف على الأقل، لكن حصيلة الوفيات المؤكدة حتى الآن متفاوتة. وقال طارق الخراز المتحدث باسم سلطات شرق ليبيا، إنه تم انتشال 3200 جثة لم يتم التعرف على هوية 1100 منها.

من جهتها قالت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا اليوم في منشور على منصة إكس، إن ما لا يقل عن 30 ألفا نزحوا في درنة، المدينة الأكثر تضررا من العاصفة دانيال. وأضافت المنظمة أن العدد المعروف للنازحين في مناطق أخرى ضربتها العاصفة بما في ذلك بنغازي هو 6085 شخصا، ولم يتم التحقق من عدد الوفيات بعد.

وتابعت “المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها يقومون على الفور بالتجهيز المسبق للمواد غير الغذائية والأدوية ومعدات البحث والإنقاذ والأفراد للمناطق المتضررة”.

وأفاد مراسلون بأنه يوجد أكثر من 11,000 مفقود حتى الآن جراء الفيضانات في درنة، وانفجر سدّان هناك بعد ظهر الأحد، بعدما ضربت العاصفة، لتتدفق المياه في المدينة جارفة معها الأبنية وأي أشخاص بداخلها.

جانبها أفادت صحيفة “المرصد” الليبية بأن السلطات تبحث عن 40 جنديا في عداد المفقودين جراء كارثة السيول والفيضانات التي تعرض لها شرق البلاد. وأوضح المصدر العسكري الليبي أن الجنود كانوا مكلّفين بتنفيذ حظر التجول والمرور على طريق سد درنة قبل أن ينهار بهم.

وكان الاتحاد أعلن الثلاثاء أن ثلاثة متطوعين من الهلال الأحمر الليبي لقوا حتفهم وهم يساعدون ضحايا الفيضانات.

وتحيط تلال بالمدينة الواقعة على بعد 250 كيلومترا شرق بنغازي ويمر فيها مجرى نهر يجفّ عادة خلال الصيف، لكنه تحوّل الآن إلى تيار قوي من المياه الموحلة التي جرفت معها عددا من الجسور الرئيسية.

وكانت درنة تعد حوالي 100 ألف نسمة وانهارت العديد من أبنيتها متعددة الطوابق على ضفاف مجرى النهر فيما اختفى ناس ومنازلهم ومركباتهم في المياه.

وفيما يتفاقم القلق الدولي حيال الكارثة، قدّمت دول عدّة مساعدات عاجلة وأرسلت فرق إنقاذ لمساعدة الدولة التي تعاني من الحروب وتعصف بها ما وصفها مسؤول من الأمم المتحدة بـ”نكبة بأبعاد أسطورية”.

مساعدات دولية

وفي مناطق أخرى من شرق ليبيا، أعلن المجلس النرويجي للاجئين الثلاثاء بأن “قرى بأكملها غمرتها الفيضانات وتواصل حصيلة القتلى الارتفاع”. وأضاف “عانى السكان في أنحاء ليبيا من سنوات من النزاعات والفقر والنزوح. ستفاقم الكارثة الأخيرة حدة الوضع بالنسبة لهؤلاء. ستضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء”.

فيديوهات مفزعة

ونشرت منصات وناشطون ليبيون مقاطع فيديو مفزعة للبحر وهو يخرج ضحايا الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة وتسبّبت في مقتل وفقدان الآلاف، وتدمير البنية التحتية. وأظهرت اللقطات المصوّرة الأمواج وهي تدفع الجثث صوب الشاطئ، بينما تجمّع عدد من الأهالي على سواحل المدينة على أمل خروج جثث أحبائهم لدفنها، وآخرون تكفلوا بالتقاط وانتشال الجثث الملفوظة من البحر لنقلها إلى المقابر.

وواجهت السلطات المحليّة في مدينة درنة، صعوبات في دفن جثث الضحايا، بسبب أعدادها الكبيرة وقلّة المقابر، وتعذّر وصول خدمات الإغاثة إلى المدينة، وسط مخاوف من تعرّضها للتحلل والتعفن.

وبالإضافة إلى درنة، شملت السيول مدناً أخرى في الشرق الليبي، منها البيضاء وشحات وسوسة، حيث خلّفت أيضاً ضحايا وأضراراً مادية كبيرة.

ووصف رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ما تعرّضت له مدن شرق ليبيا بـ”الكارثة”، وقال إنها “أكبر من قدرات ليبيا”، مناشداً المساعدة الدولية. ودعا المنفي الليبيين إلى الوحدة وتكاتف الجهود لمواجهة الكارثة في الشرق الليبي، كما دعا القيادات السياسية وقادة المؤسسات إلى الابتعاد عن الاستغلال السياسي للكارثة.

تشييع 74 مصريا

وفي مصر وبموكب جنائزي مهيب شيع أهالي قرية الشريف بمدينة ببا محافظة بني سويف جنوب مصر صباح اليوم جثامين 74شخصا من أبنائها قضوا في فيضانات ليبيا. ونقلت سيارات إسعاف الجثامين فور وصولها إلى مقابر القرية، حيث أدى الأهالي صلاة الجنازة، ثم شيعوها لمثواها الأخير.

ونعى الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف الضحايا مقدما المواساة لأهاليهم وأبنائهم وأسرهم.

وكانت القرية قد استيقظت صباح الثلاثاء على فاجعة إنسانية بعدما استقبلت نبأ فقد 74 شخصا من أبنائها في سيول وفيضانات ليبيا.

وقال مروان الشاعري، مدير مكتب الإعلام والعلاقات العامة بأمن السواحل الليبية، إنه تم التعرف على جثامين 80 مصريا بمركز طبرق الطبي، من أصل 145 جثمانا وصلوا إلى المركز من بين ضحايا إعصار دانيال في مدينة درنة. وكشف أنه تم نقل الجثامين إلى مصر، وغالبيتهم من قرية الشريف ببني سويف.

ومن قبل، أكد أحد أهالي القرية أن نحو 3 آلاف شخص من أبناء القرية يعملون في ليبيا وبمهن مختلفة منذ سنوات وجميعهم أقارب وأبناء عمومة، مضيفا أن من بين الضحايا 3 أشقاء و7 من عائلة واحدة.

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية المصرية أنها تتابع على مدار الساعة الآثار المترتبة على الإعصار دانيال، الذي ضرب العديد من المناطق والمدن الليبية، وأسفر عن عدد من الضحايا والمفقودين من المواطنين المصريين.

 وذكرت الوزارة أنه تم فتح خط ساخن للتواصل بين الخارجية المصرية والقنصلية المصرية في بني غازي، والتي تقوم بالتنسيق مع الجانب الليبي للوقوف على آخر تطورات أوضاع المواطنين المصريين في المناطق المنكوبة وجهود البحث والإنقاذ.

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة