مهسا أميني وثورة نساء حولن شعار الاصلاح إلى اسقاط النظام
حسين عطايا
حلت الذكرى السنوية الاولى على ثورة النساء في ايران ، التي تفجرت إثر مقتل الشابة الايرانية مهسا اميني في احد مكاتب شرطة الاخلاق التابعة للحرس الثوري الايراني، بسبب مخالفة اخلاقيات الحجاب او اصول الحجاب، تلك كانت شرارة ثورة للنساء في ايران ، والتي اختلفت عن سابقاتها من انتفاضات او ثورات من حيث الشكل والمضمون .
فمن حيث الشكل كانت الاغلبية العظمى ممن يُشكلون عصب الثورة هن من النساء وخصوصا جيل الشابات ، بالاضافة الى الشباب الجامعي والذي ثار لمساعدة النساء الايرانيات وكذلك انضمام قطاعات كُبرى من المجتمع الايراني للثورة .
وبالتالي شملت الثورة معظم المناطق الايرانية ، وخلالها أُطلقت شعارات لم تكُن لتُرفع من قبل بأي من الاحتجاجات السابقة ، كما رافق انتفاضة النساء الايرانيات عمليات نزع للحجاب في الساحات العامة والشوارع واماكن اخرى كثيرة بما فيها الجامعات واماكن العمل، وهذا الامر غير مسبوق من ذي قبل ، كما انه شكل تحدي وعملية عصيان لكل منطلقات ادبيات نظام الحكم في ايران .
اما من ناحية المضمون، فشعارات وهتافات ثورة الجيل الجديد من شابات وشباب ايران خلال هذه الثورة كانت مفاجئة للنظام الايراني، حيث كانت تُرفع خلال الانتفاضات السابقة شعارات الاصلاح وغيرها من امور تهم المجتمع ولكن من ضمن ادبيات النظام الايراني، بينما في انتفاضة نساء ايران اختلف الوضع كلياً لا بل جذرياً، فكان شعار اسقاط النظام اساسياً وشكل شعاراً مرجعيا لكل التظاهرات التي رافقت تلك الثورة ، وما شعار الموت للخامنئي إلا احد تلك الشعارات، والذي شكل مفاجأة كبرى للنضام مما حمله على ممارسة شتى انواع القمع وبوسيلة مضطردة وشديدة القوة، لا بل مارس انواع القوة المفرِطة حتى حدود الهمجية التي يستعملها نظام لقمع شعبه .
كما ان عمليات الاعتقال التعسفية والتي مارستها السلطات الايرانية بحق الشابات والشباب لاسيما الجامعي منها ، وما تلاها من احكام وصلت الى حد الاعدام ، تحت حجج واهية، فقط لترهيب الثوار واخماد الثورة .
ثورة النساء الايرانيات، والتي كانت ايقونتها الشابة مهسا اميني، صحيح انها لم تنتصر وتُحقق اهدافها، لكنها خلقت دينامية جديدة في المجتمع الايراني والذي عاش لفترة طويلة ساكن ومتعايش مع نظام القمع الايراني وادواته في الحرس الثوري وغيرها من منظمات رديفة تُشكل ادوات النظام القمعية والوحشية بحق الشعب الايراني، ولكن الثورة الاخيرة حفرت عميقاً في وجدان الشعوب الايرانية لاسيما تلك الغير فارسية كالبلوش والكرد وعرب الاحواز وغيرها من قوميات وشعوب تعيش في ظل الحكم الفارسي الذي يُشكل الجمهورية الاسلامية الايرانية ، لا بل ادت في اماكن كبيرة خللاً في عمل النظام ، حيث ولليوم وبعد مرور سنة على انطلاقتها لازالت تردداتها تؤثر في المجتمع الايراني ولازالت عملية عصيان ارتِداء الحجاب مستمرة رغم ماتتخذه منظمات الحرس الثوري من اجراءات قمعية بحق المتمردات اللواتي لا زلنا ينتفضن على تلك السياسة والتي تنتقص من حقوق المرأة في ايران وحرياتها ، حيث لازالت هذه الظاهرة تؤثر بشدة على المجتمع وتخلق حالة من التمرد التي لازالت تقوم بها المرأة الايرانية، لا بل تقودها .
إذن، وبكلام أدق، ثورة النساء في ايران لم تنتهِ رغم وحشية اساليب القمع التي استعملتها السلطات الايرانية ورغم عمليات الاعدام والتي زادت عن الخمسمئة حكم بالاعدام ، والتي اظهرت وحشية لم تعرفها من قبل الانظمة الفاشية والدكتاتورية، وهذا الامر يؤشر الى حيوية المجتمع الايراني بمختلف تلاوينهُ العرقية والقومية ، والذي يؤسس لانتفاضة جديدة في المستقبل القريب .
صحيح ان الثورة لم تنتصر، لكنها خلقت بجسد الحكم الايراني جراحاُ عميقة يصعُب معالجتها والشفاء منها ، وستكون بمثابة الورم الذي سيعم جسد النظام الايراني ليصبح مع مرور الوقت مرضا لا شفاء منه إلا بتغيير النظام بعد تحلله وانهياره .