الحبوب الأوكرانية .. والحظر

الحبوب الأوكرانية .. والحظر

د. خالد العزي

إتخذ مجلس وزراء بولندا قرارا بتاريخ 12 ايلول /سبتمبر2023.  دعا فيه المفوضية الأوروبية إلى تمديد الحظر على واردات الحبوب الأوكرانية إلى الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام، متوعدين الالتزام من جانب واحد بهذا الحظر، الأمر الذي سيلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الأوكراني. علما ان التوقعات اشارت الى ان التمرد قد يشمل بلغاريا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا ضد الاتحاد الأوروبي. 

وبالفعل انضمت سلوفاكيا والمجر الى بولندا في 16 سبمتبر ــــ ايلول في  فرض قيود على واردات الحبوب الأوكرانية “الجمعة” بعد أن قررت المفوضية الأوروبية عدم تمديد حظرها على الواردات إلى الدول الخمس المجاورة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي.

القضية خرجت  للعلن في الربيع الماضي حيث فرض تدول الاتحاد الأوروبي الخمس (بولندا وبلغاريا  ورومانيا والمجر وسلوفاكيا) حظرا على توريد بذور القمح والذرة وبذور اللفت وعباد الشمس إلى بلدانها من أوكرانيا. وقد عرف ذلك بأن الحبوب الرخيصة التي تصدرها كييف تدمر المزارعين المحليين.

تعتبر مشكلة نقل الحبوب الاوكرانية عن طريق  الممرات البرية  عائقا  فعليا بوجه العلاقات الأوكرانية ـــ البولندية التي تصر  على منع  المرور في اراضيها نحو الدول الغربية كونها  تشكل ازمة حقيقة  للمزارع البولندي الذي يتخوف من  بيعها على الاراضي البولندية بأسعار أقل بكثير من  الاسعار الوطنية.

خلال الفترة الماضية فشلت الحكومة البولندية في إحراز تقدم في المفاوضات مع المزارعين. ومما زاد من هذه المشكلة انسحاب الاتحاد الروسي من صفقة الحبوب.

فإن شحنات الحبوب الأوكرانية عن طريق البر تشكل الآن، وفقاً لوزارة الزراعية والأغذية الأوكرانية، أكثر من 60% من إجمالي صادرات الحبوب الأوكرانية. وبالنظر إلى أن المعروض من المنتجات الزراعية يكاد يكون الآن المصدر الوحيد للدخل للخزانة الأوكرانية، فمن الواضح لماذا اتخذت كييف وقيادة الاتحاد الأوروبي موقفاً صارماً: في خريف هذا العام، خلال فترة الحصاد، يجب رفع الحظر.

بالمناسبة لقد تم رفع الحظر بعد مفاوضات مع المفوضية الأوروبية. حيث وافقت على فرض حظر على توريد الحبوب الأوكرانية بقرارها الخاص. والفرق بين الإجراءين الحضريين أساسي: ففي الحالة الأولى، كان حظر الاستيراد ذا طبيعة غير محددة. وكان الحظر الذي فرضته المفوضية الأوروبية مقتصراً على 15 /9/2023. وكان من المفترض قبل هذا الوقت أن تتوصل حكومات الدول الخمس إلى اتفاق مع مزارعيها، الذين سيحصلون على إعانات جديدة، بما في ذلك من خلال الاتحاد الأوروبي. وكانت هناك آمال كبيرة على إستمرار صفقة الحبوب أي نقل المنتجات الغذائية الأوكرانية عبر البحر الأسود.

لقد نجحت بولندا  في  إجبار المفوضية الأوروبية على تمديد الحظر على واردات الحبوب من أوكرانيا بعد 15 \9\2023 وبخلاف ذلك، ستفرض بولندا الحظر الخاص بها على المستوى الوطني. وجاء في القرار الذي اعتمدته الحكومة البولندية بتاريخ  12 /9/ 2023، فإن الحظر سيظل ساري المفعول حتى تسوية العلاقات في القضايا الزراعية بين بولندا وأوكرانيا. ومن غير المرجح أن يتم سحبها. والآن ليس الوقت المناسب لتقديم تنازلات بشأن مثل هذه القضايا في بولندا. حيث ساعد البلاد انتخابات برلمانية في 15 \10\2023، وقد دخل موضوع تمديد الحظر على الواردات الزراعية الأوكرانية بقوة في ذخيرة انتخابات حزب القانون والعدالة الحاكم. بولندا لن تسمح لنفسها بإغراقها بالحبوب الأوكرانية”. وقد أوضح رئيس الحكومة أن بولندا، من خلال معارضتها أهم مصدر لتمويل ميزانية أوكرانيا، لا ترفض بالتالي دعم كييف في مواجهتها مع الاتحاد الروسي. لكن المساعدة في الحرب ضد روسيا شيء وحماية مصالح المزارعين البولنديين شيء آخر.

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني