لبنان مهدد بالفوضى الشاملة

لبنان مهدد بالفوضى الشاملة

أحمد مطر
في خضم الغموض المتواصل حول مصير الجهود الخارجية للتوصل إلى اتفاق على انتخاب رئيس للبنان لم يعد لدىنا الكثير من الوقت قبل الانزلاق الى الفوضى الشاملة فالاحمال اصبحت ثقيلة وهامش المناورة ضاق كثيراً،بدءاً من الوضع المالي ومروراً بتدفق النازحين السوريين واخراً وليس اخيراً الاستقرار الامني الهش وسط تناطح القوى السياسية للاستحواذ على القوى الامنية والجيش بما يخدم مكتسباتها في لعبة الصراع على النفوذ.
وامام انعدام الحلول الداخلية كان من المنطقي التركيز على حركة دولية ضاغطة لفرض تسوية داخلية تحاكي التوازنات الاقليمية وهو ما اعتاد لبنان على حدوثه في مراحل تاريخية مشابهة . وعليه لا بد من متابعة محطات خارجية عدة سيكون للبنان حصة وازنة فيها .
وقد تكون النقطة الاهم في هذا المجال الموقف السعودي لناحية قرار الدخول الفاعل على ملف التسوية اللبنانية. حتى الآن ما يزال الدور السعودي تجاه الملفين اللبناني والسوري في اطار المراقبة والاطلاع والمتابعة وابداء الرأي، لكنه لم يصل بعد الى مرحلة الانخراط الفعلي ولذلك اسبابه، واهمها قرار الرياض بعدم الانتقال الى سوريا ولبنان إلا بعد تحقيق الخطوات المطلوبة في الملف اليمني. وهذه الخطوة بمثابة الضغط على واشنطن وغيرها من العواصم. وخلال الايام الماضية حصل تقدم كبير في الملف اليمني بعد قدوم وفد حوثي الى السعودية والبدء بمفاوضات التسوية وسط اعطاء تصاريح متفائلة. وخلال الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الايراني الى بيروت ابلغ عبد اللهيان قيادة حزب الله كما مسؤولين لبنانيين بما سيحصل، ووصول وفد حوثي الى الرياض هو تطور ايجابي جدا وامتداد لمفاوضات امتدت لأكثر من سنة برعاية الوسيط العماني.
وفي خطوة متزامنة عقد في بيروت في دار السفير السعودي وبدعوة منه لقاء مع معظم النواب السنة بحضور ومشاركة الموفد الرئاسي الفرنسي.
هي خطوة سعودية متقدمة من دون شك وتحمل عدة معان، لكنها لم ترق بعد الى مستوى الانخراط السعودي الفعلي والكامل في التسوية اللبنانية. ومن معاني المشاركة الفرنسية الاشارة الى التفاهم الفرنسي ،السعودي وهو ما ارادت باريس إظهاره بوضوح. ويتقاطع ذلك مع الرسالة الاهم التي حملتها الجولة الثالثة للودريان والتي تؤشر الى انتهاء مرحلة وبدء مرحلة جديدة. وجرى تدعيم ذلك بإشارة لودريان باستمرار مهمته من خلال ابلاغه اللبنانيين بأنه عائد بعد اسبوعين او ثلاثة الى لبنان.
الواضح ان لودريان يريد ان يقف فعلياً على الجديد الدولي في الامم المتحدة وهو ما سيظهر في ما يمكن ان يصدر عن لقاء اللجنة الخماسية. اضف الى ذلك الاجتماع الذي اعلن عنه بين رأس الكنيسة الكاثوليكية المهتمّ الى حد الالحاح بالملف اللبناني وبين الرئيس الفرنسي. هذا الاجتماع الذي سيليه بعد ايام وتحديدا في 25 ايلول الاجتماع الفاتيكاني بشخص امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين والفرنسي بشخص رئيس الخلية الديبلوماسية في قصر الايليزيه السفير ايمانويل بون والاميركي عبر موفد لم يتمّ تحديد هويته بعد حتى الساعة، والذي على الارجح سيكون موقعه تنفيذي وعملي. وفي هذا الاجتماع سيحتل لبنان مساحة اساسية على جدول الاعمال.
والى جانب ذلك هنالك الحركة القطرية والتي تعمل بالتنسيق الكامل مع السعودية وهذا ما يفسر الحدود المضبوطة للموفدين القطريين حتى الآن. فالحضور القطري يؤشر بوضوح الى الدور المستقبلي لقطر في لبنان وهو ما يظهر من خلال الشراكة في ملف استخراج الغاز من بحر لبنان.
صحيح ان الاسلوب القطري معروف عنه تحفظه وبعده عن الاستعراضات الاعلامية، الا ان لهذا التحفظ سببا اضافيا يعود الى ان التوقيت لم يسمح بعد بفتح العنان لكي تعمل محركاته بأقصى قدراتها، ولو ان المطلوب البقاء في الساحة وعدم ترك فراغات وملء الوقت بالاستطلاع ووضع التصورات الى حين قرب التوقيت المناسب. ولأن الظروف لا تحتمل ترف الانتظار طويلا وبالتالي عدم تجاوز نهاية العام الحالي بسبب مخاطر الوقوع في الفوضى الشاملة وخطر التفكك على الارض، فإن اشارات معبرة صدرت من الساحة اللبنانية وتنتظر من يلاقيها. كمثل الاشارة الاميركية البليغة من خلال صورة العشاء عند قائد الجيش والكلام البليغ الذي كتب تحتها، واللقاء المدروس بعد يومين بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والعماد جوزف عون والذي وضع في خانة الرد على الاشارة الاميركية. والجواب الاهم يأتي من التفاهمات الاميركية مع حزب الله وانجاز التسوية المطلوبة، والتي ستظلل المرحلة المقبلة خصوصا بعدما توضحت الحدود الاقليمية في الداخل اللبناني. ومن هنا لا يجب التقليل من اهمية زيارة المستشار الرئاسي الاميركي هوكشتاين، والرسائل التي حملها والتطورات حول الملف الحدودي اللبناني.
ختاماً ستظل المرحلة المقبلة خصوصاً بعدما توضحت الحدود الاقليمية في الداخل اللبناني ، ومن هنا لا يجب التقليل من اهمية زيارة هوكشتاين والرسائل التي حملها والتطورات حول ملف الحدود اللبنانية .

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني