الصراع الأذربيجاني ــــ الأرميني في كاراباخ وإنشغالات موسكو

الصراع الأذربيجاني ــــ الأرميني في كاراباخ وإنشغالات موسكو

 د.خالد العزي

لم يكن إنفجار الوضع في ناغورني كاراباخ أخيرا أمرا مفاجئا، إذ قامت أذربيجان يوم الثلاثاء الماضي بعملية عسكرية إستهدفت المواقع الأرمنية، وطالبت الأرمن بإلقاء أسلحتهم وحل الحكومة الانفصالية.

وبعد يوم واحد، وافقت سلطات ناغورني كاراباخ على المطالب، فيما تستمر المحادثات حول كيفية إعادة دمج الإقليم الانفصالي في أذربيجان، مع إعلان الانفصاليين أنهم يتفاوضون مع باكو على سحب قواتهم، وعلى إجراءات دخول المواطنين إلى ناغورني كاراباخ والخروج منها، حيث يعيش نحو 120 ألف شخص من أصل أرمني.

وفي وقت اشارت فيه وزارة الدفاع الروسية إلى أن الانفصاليين الأرمن في بدأوا تسليم أسلحتهم وعتادهم العسكري تحت إشراف قوات حفظ السلام الروسية، وأن الجماعات المسلحة سلمت ست مركبات مدرعة وأكثر من 800 وحدة أسلحة صغيرة وخمسة آلاف طلقة ذخيرة، مشيرة إلى رصد حالتي انتهاك لوقف إطلاق النار منذ إعلان سريانه، وأضافت أنه لم تقع أي إصابات جراءه.

ومنذ أكثر من ثلاثة عقود تشهد منطقة ناغورني كاراباخ صراعا بين البلدين الخصمين في القوقاز أرمينيا وأذربيجان منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

وفي عودة الى ما جرى من أحداث وتطور الصراع، طالبت أذربيجان بحل الهياكل العسكرية في ناغورني كاراباخ بتاريخ 18 ايلول /سبتمبر 2023، ونشرت وزارة الخارجية الأذربيجانية بيانا طالبت فيه بانسحاب العسكريين الأرمن وحل الهياكل العسكرية والحكومية في ناغورنو كاراباخ. وقالت الوزارة في بيان لها إنه في حالة تلبية المطالب، فقد يتم تطبيق عفو على ممثلي هذه السلطات.

وبدورها تتهم وزارة الخارجية الأذربيجانية أرمينيا بانتهاك الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقا وإثارة التوتر في المنطقة. وفي وقت سابق، قال مساعد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، حكمت حاجييف، إن قيادة البلاد تتوقع إبرام معاهدة سلام مع أرمينيا بحلول نهاية عام 2023.

تعتبر هذه الخطة من جهة أذربيجان تصعيدية ونقلة نوعية في طرح مشكلتها امام ارمينيا والراي العام العالمي بان مشكلة الحدود لا يمكن إغفالها إلا بعد إنهاء تواجد كاراباخ العسكري الذي يمنع من تنفيذ الاتفاقات ويخرق الهدن ويعكر الجو بين باك ويريفان وبالمناسبة يريفان التي تحاول احتواء أزمة  كاراباخ  لم تعترف يها رسميا بل يريفان تدير  أزمة فرضت عليها وبالتالي هي معنية بحماية التواجد الارمني .

واذا نظرنا في بيان باكو ومطالبتها أرمينيا “بالتوقف عن بناء القوة العسكرية، والامتناع عن الخطط الانتقامية، والتوقف عن تحدي وانتهاك سلامة أراضي أذربيجان وسيادتها، والتوقف عن رعاية الانفصالية والإرهاب في منطقة كاراباخ بأذربيجان”. والتشديد على أن “أكثر من 10 آلاف جندي أرميني من القوات المسلحة منتشرون الآن على أراضي أذربيجان“.

وفي المقابل في 9 ايلول/سبتمبر 2023 ، انتخب برلمان جمهورية ناغورني كاراباخ غير المعترف بها سامفيل شهرامانيان البالغ من العمر 45 عامًا رئيسًا. وهذه الانتخابات الرئاسية في كاراباخ بأنها انتهاك لدستور وقانون جمهورية أذربيجان. ورفض الاتحاد الأوروبي الاعتراف “بالإطار الدستوري والقانوني الذي” جرت الانتخابات من خلاله.

لقد تحدث نيكول باشينيان في 7 ايلول/ سبتمبر2023، عن تفاقم الوضع العسكري السياسي في ناغورني كاراباخ. ووفقا له، حشدت أذربيجان قواتها على طول الحدود مع أرمينيا والخط الفاصل مع ناغورني كاراباخ. وتنفي السلطات الأذربيجانية وجود أفراد عسكريين في منطقة كاراباخ.

وفي 12 ايلول /سبتمبر 2023، وافقت أذربيجان على فتح الطرق المؤدية إلى ستيباناكيرت عبر أغدام ولاشين في نفس الوقت. وقبل ذلك، أقامت السلطات الأذربيجانية نقطة تفتيش على ممر لاتشين. ثم زعمت باكو أن الطريق أُغلق بسبب قيام أرمينيا بتزويد ناغورنو كاراباخ بالأسلحة بشكل غير قانوني.

اذن من خلال التواريخ المشار إليها في الأعلى نرى بان مرحلة الصدام هي الاساس في اطار العلاقات بين الطرفين وخاصة بان يريفان قد سئمت من عدم الوصول الى حلول فعلية لانهاء الصراع الدائر من عقود حيث تحاول يريفان ايجاد شركاء يساعدون على ايجاد حلول خارج الدائرة القائمة مع روسيا لان  العلاقات الأرمنية الروسية ليست بأفضل أحوالها.

لذلك فان العملية العسكرية والانفجار الاخير كان متوقعا بعد ان فشل الحلول المقترحة لإنهاء الخلافات وربما يعود السبب بالدرجة الاولى الى ضعف روسيا حاليا في المنطقة وانشغالها بالحرب الاوكرانية التي طال أمدها وبالتالي عدم قدرة القوات في كاراباخ الدخول في حروب صغيرة عسكرية قد تؤدي بضياع حلفاء موسكو وسط المجتمع الارمني وخاصة بان يريفان باتت تنظر الى الخروج الجدي من قبضة روسيا  والتوجه نحو حليف يساعدها في الحلول دون حروب .

 

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني