غياب خالد خليفة
السؤال الآن ــــ متابعات
وداعاً أيها الطيب”، بهذه الكلمات نعى الكاتب والأكاديمي السوري سلام كواكبي وفاة الروائي والكاتب والشاعر السوري خالد خليفة عن 59 عاما. وكتب الروائي خليل صويلح “يا لفجيعتنا، سنتحمل موته الشاق وحدنا”.
ونعى فنانون ومثقفون وصحافيون سوريون وعرب، خليفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب ناشطين سياسيين داخل سوريا وخارجها.
وكان صديقه الصحافي يعرب العيسى الذي رافقه خلال الأيام الأخيرة، قد أفاد “لقد توفي داخل منزله وحيدا في دمشق (..) اتصلنا به كثيرا ولم يرد، وحضرنا إلى منزله فوجدناه ميتا على الأريكة”.
وقال الأطباء في مستشفى العباسيين بدمشق، إن تشخيص الوفاة هو أزمة قلبية.
وعُرف خليفة الذي ينحدر من بلدة مريمين في ريف عفرين شمالي مدينة حلب، في أوساط الثقافة السورية بعدة مسلسلات سورية كتبها مطلع التسعينيات ولاقت رواجا واسعا. كما ذاع صيته بعد تأليف روايته “مديح الكراهية” التي ترجمت إلى ست لغات، وجذبت اهتماما بالغا إذ وصلت للقائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الأولى العام 2008.
كما حازت رواية “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” العام 2013 على جائزة نجيب محفوظ للرواية، أحد أبرز الأوسمة الأدبية العربية، ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.
ومن رواياته المعروفة، “لم يصلّ عليهم أحد” العام 2019، و”الموت عمل شاق” في 2016، و”دفاتر القرباط” العام 2000، و”حارس الخديعة” العام 1993.
ومن أشهر المسلسلات التي كتبها “قوس قزح” و”سيرة آل الجلالي” الذي نقل تفاصيل مدينة حلب الاجتماعية والثقافية، إلى جانب مسلسل “العراب” وغيرها.
كما عُرف خليفة بموقفه المناهض للسلطات وانتقاده لسياساتها في مقالاته ومقابلاته الإعلامية، وكان اعتقل في أيار 2012 من قبل النظام السوري اثناء مشاركته في تشييع شهيد، ثم اطلق سراحه لاحقا.
نعاه صديقه الشاعر حسين بن حمزة بالقول: “أنعي قطعة من نفسي .. أنعي قطعة من تلك المجموعة من الأسماء التي خرجت من “معطف” الملتقى الأدبي لجامعة حلب. لم نخرج منه شعراء وكتّاباً فقط. خرجنا منه بتلك الصداقة الفريدة التي إذا مدّ أحدنا يده في أي لحظة سيجد يد واحد من هؤلاء. وكان خالد احيانا كثيرة أقرب هؤلاء وأكثرهم حماسة وضحكاً. اتخيل الآن أنه ربما اكثر واحد ضحك بيننا. كان يكتب الشعر مثلنا .. كان اسمه خالد عبد الرزاق، ثم صار خالد خليفة مع انتقاله الى الرواية.
خالد عبد الرزاق الذي كثيرا ما اجتمعنا في بيت اهله في حلب. تلك الشقة الصغيرة في “الأنصاري- مشهد” التي كانت تضيق بافرادها قبل أن تضيق بنا نحن الذين أحياناً كنا عشرة او خمسة عشر وأكثر. البيت الذي احتضن أصواتنا العالية ونقاشاتنا واغنياتنا المفضلة. البيت الذي تعرفنا فيه إلى إخوة خالد وإلى والدته أيضا.. الام الريفية البسيطة المبتسمة التي أتذكر الآن ان خالد لا بدّ ورث ضحكته منها .. الأم التي ضاقت بنا ذرعاً ذات يوم ونحنا مجتمعون بصخبنا العالي في بيت ابنها، فدخلت علينا ضاحكة، وتوجهت الى خالد وقالت: “لكْ بس بدي أفهم .. كم رفيق عندك انت!”.
خالد الذي عرف لاحقا أنه يحمل قلباً ضعيفا .. قلب كبير وواسع ولكنه ضعيف.. فراح يضحك اكثر .. يسهر اكتر .. يكتب اكثر.
يُخيَّل لي وهو يمضي الأن أنه ضحك عن سنوات قادمة لن يكون فيها بيننا .. نحن الذين بدأ عددنا بالتناقص مع رحيل عبد اللطيف خطاب أولا. والآن معك يا خالد! بخاطرك أبو الخلووود”.
ونعاه الفنان سميح شقير قائلا: “خبر صادم وحزين، رحيل مفاجئ للصديق الجميل الروائي المتألق خالد خليفة، خسارتك يا صديقي الغالي، كنا ننتظرك لتخبرنا كعادتك عن تفاصيل الحياة في البلد، ونراها بعينيك كم هي جميلة وكم هي متألمة وكم تشتاقنا، وانا متأكد ان اكتئابك وحزنك عليها هو من جعلك تغادرنا باكراً ،لعل قلبك لم يحتمل كل هذا الدمار للإنسان وللشجر والحجر، سأفتقد دفء طباعك وتعليقاتك الذكية وإنسانيتك وسأفتقد ان تفاجئني باتصال بالصوت والصورة وانت بين صديقاتك والاصدقاء تغنون لتقول لي انني واغنياتي حاضرين بينكم فيفيق اشتياقي لإلتمامنا في الشام ولضحكاتنا التي ننجو بها من قسوة الحاضر وبؤس الأيام ،وداعاً يا صديقي الجميل ومرة أُخرى لن يكون لي أن القي النظرة الأخيرة عليك كما كان مع ابي وامي واخي سلام لروحك يا خالد وعزائي للأصدقاء ومحبيك الكُثُر ووداعاً يا صديقي النبيل”.