غزة والسياسات الخبيثة

غزة والسياسات الخبيثة

 فهد موسى جابر*

اهالي غزة يدفعون ثمن سياسات خبيثة لا علاقة لهم بها، لقد بدأت منذ سنوات عملية فصل غزة عن الضفة ونزع شرعية منظمة التحرير التي حازت على مقعد في الامم المتحدة واعتراف دولي بأكثرية اعضاء هيئة الامم المتحدة.

منذ ذلك الوقت وإسرائيل تماطل في موضوع اقامة دولة للفلسطينيين وتواظب على اضطهاد الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، وتم تقسيم القرار الفلسطيني بمساع خفية من اسرائيل وخلق مرجعية سياسية وعسكرية في غزة بأيديولوجية دينية، خوّنت كل اطياف الشعب الفلسطيني المعارض لها وصادرت قرار غزة بالكامل وبدأت صراعا مسلحا في الضفة لم تستطع ان تحسمه لصالحها، بالتعاون مع قوى سياسية عربية واقليمية نخص منها قطر .

وهنا يجب ان نتذكر أن منظمة التحرير قد اعلنت سابقا تخليها عن الكفاح المسلح لاستعادة فلسطين ووافقت على قرار التقسيم الذي ارادت اسرائيل عدم التقيد به عبر هجمتها الاستيطانية في الضفة وفي غلاف غزة ايضا . وبعد تغييرات الوضع المصري ورحيل الرئيس حسني مبارك ومجيء محمد مرسي وبصعود نجم منظمة الاخوان المسلمين العالمية عبر تركيا ومصر وانتشارها في تونس وليبيا وبعد أسلمة الثورة السورية وازدياد تغلغل ايران في العالم العربي وتفجّر الاوضاع عراقيا ويمنيا ومحاولة السيطرة على البحرين وبعد سقوط لبنان في يد حزب الله  عبر سلسلة اغتيالات وحرب ٢٠٠٦ التي أتت نتائجها كارثية على اللبنانيين ومكنت الطرف المسلح من فرض ارادته على لبنان بالكامل، والكل يعرف مجريات وتفاصيل ما حصل .

بعد سقوط مشروع (غزة الكبرى) الذي فشل مع ذهاب مرسي الى السجن وامساك الجيش المصري مجددا بالسلطة بقيادة عبد الفتاح السيسي .وبعد الضغوط التي تتعرض لها اسرائيل لاقامة دولة للفلسطينيين وثبات الموقف المصري والسعودي في هذا الطرح، كان لا بد من ان يتحرك كل المتضررين من قيام دولة للفلسطينيين ولو منقوصة السيادة تنهي تحكم القوى المختلفة بقضيتهم من عربية واقليمية او دولية، فكان الهروب الى الامام عبر افتعال هذه الحرب المعلنة على الشعب الأعزل الذي يتلقى الدمار الهمجي، في حين ان القوى الداعمة من قطر الى ايران وممانعيها  الى روسيا والصين، بعضهم يمثّل ادوار عبر لعبة بينغ ــــ بونغ تجري على الحدود اللبنانية ــــ الفلسطينية، او عبر اطلاق صاروخين من حدود الجولان، في حين تسارع الولايات المتحدة واسرائيل الى نفي علاقة ايران بما جرى وتقوم برفع العقوبات عنها يوم ١٨ تشرين اول .

كل ذلك لمنع اقامة دولة للفلسطينيين وافشال اي مسعى بهذا الاتجاه وطبع الصراع العربي ــــ الاسرائيلي والفلسطيني ـــ الاسرائيلي بطابع ديني بحت وكأنه صراع الهي وقال بيان حماس بالامس بأنه صراع سيستمر الى يوم القيامة ولن يتوقف قبل التخلص من اليهود .وهذا ما تريده اسرائيل بالضبط لكي تقف معظم دول العالم معها وتبرر لها همجيتها .

ان استمرار توجيه الاتهامات للدول العربية وكأنها خائنة او مقصرة او انه عليها اعلان الحرب على اسرائيل فورا وبأمكانياتها المتواضعة، فأنها لن تجني منه الا الخراب والدمار لشعوبها في ظل عدم جدية من دولٍ  كالصين وروسيا وغيرها في دعم تسليحها اذا تورطت في نزاع عسكري . نحن لم نعد بين معسكرين كما كان الامر منذ حرب السويس ٥٦ الى حرب تشرين ٧٣ .

ان تلك الهجمات الاعلامية على العرب والدول العربية، هي هجمات اعلامية مبرمجة للتغطية على فشل دعاة التهور دون احتساب ردود الفعل او الارتدادات المتوقعة لعملية سموها طوفان في حين تتجه الاراء لتسميتها تغرير واستدراج ووعود بالمساعدة زائفة تبين بالامس ان هدفها الامساك بقضية الشعب الفلسطيني والتفاوض على دمه لتحقيق مصالح دول وايديولوجيات دينية تتماهى مع بعضها البعض .

سيبقى الشعب الفلسطيني يدفع ضريبة الدم بسبب الاخطاء التاريخية التي دفعهم اليها المستعمرون عام ١٩٤8.

.. ويبقى كلام نوري السعيد الذي كان الوحيد الذي حضهم على القبول بقرار تقسيم فلسطين عام ٤٨.

كاتب ومحلل سياسي*

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة