سيناريوهات تنتظر غزة
سمير سكاف
يكشف التكتيك الاسرائيلي في عملية الدخول المحدد الى غزة عدة أمور أساسية:
أ – إن الجيش الاسرائيلي حذر جداً و لن يغامر بفقدان عدد كبير من الجنود.
ب – إن الحرب ستطول.
ج – إن عدد الضحايا سيكون كبيراً جداً، خاصة عند أهل غزة.
من جهة أخرى، لن يؤثر قرار الجمعية العامة في الأمم المتحدة الداعم للشعب الفلسطيني “غير الملزم” على سير المعارك، ولا على قرار الغزو البري لغزة! ومع ذلك، فإنه إقرار هام بحق الشعب الفلسطيني في الحياة. فقد بدأت العملية البرية من دون الغزو الكامل في محاولة لتدمير الأنفاق أو تعطيلها قبل الدخول الكامل. وذلك، مع توفير الغطاء الدولي للعملية، من دون خطوط حمراء أميركية أو دولية!
إن غزارة الحديد والنار مع القصف العنيف يزلزل المباني في غزة ويحصد الآلاف من أهلها، رجالاً ونساءاً وأطفالاً. فما الذي يوقف عدّاد الموت فيها من بلوغ أو تخطي ال 100.000 ضحية؟ وهو قد تخطى عملياً ال 10.000! خاصة وأن عدد الضحايا تحت الركام هو بالتأكيد أضعاف الأرقام المتوقعة! ما الذي يوقفه؟ هل هي رمزية الرقم؟ أم الرأي العام الدولي؟ أم أخلاقيات الجيش الاسرائيلي؟ على أي حال، فإن الحرب مستمرة بكثافة نيران “جهنمية”! وأبرز ما تواجهه غزة الآن هي الأمور التالية:
1 – لا سقف لعدّاد الضحايا! فقد تحول أهل غزة الى مجرد أرقام. وتحول أطفالها الى صور مؤلمة، بغطاء ضمير المجتمع الدولي!
2 – عجز مجلس الأمن عن إيجاد حلول للحرب ومخارج لها بسبب انقسامه الى معسكرين مع حق الفيتو لكل منهما.
– وهو عاجز عن التوصل الى قرارات “بسيطة” تنظم وصول المساعدات الملحة كالطعام والدواء والوقود!
– قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، على الرغم من شبه اجماع القرار الأخير لصالح أهل غزة!
3 – “اللا قرار” في مجلس الأمن يعطي غطاءًا كبيراً لاسرائيل لرفع منسوب العنف في ضرباتها وقصفها وحصارها، وتضييق المساعدات الانسانية المقررة الى القطاع من دواء ووقود ومواد انسانية وحياتية يومية.
4 – عجز جامعة الدول العربية السياسي والديبلوماسي لوقف النار يعمق في جراح غزة. فالمجهود الكبير، على حسناته، يبقى “غير ملزم”!
5 – ارتفاع فواتير القتلى والجرحى والخراب عند الطرفين يؤشر الى ارتفاع دوافع إطالة عمر الحرب، وبالتالي الى مزيد من الكوارث.
6 – اعتبار كل من الجيش الاسرائيلي وحماس أنهما قادران على النصر العسكري؛ الجيش الاسرائيلي بإنهاء حماس، وحماس بالصمود الميداني، يجر غزة الى حرب طويلة!
7 – قد تتحول الحرب على غزة الى حرب إقليمية، مع أي إنزلاق محتمل. ومن الصعب عدم حصول إنزلاقات كبرى في ظل المجازر بحق الأطفال والنساء وكبار السن في غزة، وفي ظل ضربات جانبية لا يحمد عقباها!
8 – اعتبار حماس “مسبقاً” أن دفع فاتورة مئات آلاف الشهداء هو أمر مقبول لديها (!!!) وبالتالي حجم الخسائر بالأرواح لا يهم! أي على طريقة ماو تسي تونغ حيث يموت النصف (جوعاً) ليحيا النصف الآخر! كذلك تخطي اسرائيل لقضية حجم الخسائر باعتبار الحرب وجودية. والأمران ينذران بمزيد من التصعيد والخسائر بالأرواح.
9 – إن مناقشة قضية التهجير القسري مطروحة علناً، وليس في الغرف السوداء فقط! ولكن ما هي الوجهات الممكنة؟ إذا كانت سيناء والأردن وجهتان غير مقبولتين من القيادة المصرية والأردنية، فهل يكون الترانسفير الى الضفة الغربية مطروحاً؟ وهل يمكن اعتبار هذا الترانسفير مفيداً أو مضراً بالمصالح الاسرائيلية؟!
10 – عدم اعتبار تبادل الرهائن والأسرى والمساجين أولوية يؤشر الى استمرار لا محدود بالحرب، على الرغم من عروض التبادل المعلنة. فبعكس الكلام العلني، لا يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتبر قضية الرهائن أولوية! بل هو أكد أنه يترك للاسرائيليين خيار تقرير أولويات معاركهم.
الغزو البري بالكامل لغزة يبدو أكيداً، على الرغم من كونه يُنفذ تدريجياً وبشكل غير مباغت! مما يترك كافة السيناريوهات مطروحة.