أوروبا تضرب جدارا شائكا من حولها
كاركاسون- المعطي قبال
لم تنتظر بعض الدول الأوروبية اجتماع المجلس الأوروبي، المزمع عقده يوم الجمعة 3 نوفمبر، لتطبيق معاهدة الحد من الهجرة، وذلك بتعزيز ترسانة المراقبة والإبعاد درءا لتزايد طلبات حق اللجوء. وبناء على الإحصائيات التي قدمتها بعض الدول، عرف عدد المهاجرين إلى أوروبا ارتفاعا بمعدل 17 في المائة خلال التسعة أشهر الأخيرة. وتأتي ألمانيا على رأس الدول التي اختارت تعزيز شروط منح اللجوء، فيما تعكف فرنسا على إعداد قانون جديد في الموضوع سيعرض قريبا على البرلمان.
على أي سيتدارس الجمعة القادم المجلس الأوروبي في موضوع المعاهدة الأوروبية وموقفها من حق اللجوء، ومن المنتظر أن تعدل أغلبية من الدول 27 موقفها لتشديد بنودها مثل ما قامت به بعض الدول المحسوبة على اليمين المتطرف وبالأخص هنغاريا وإيطاليا.
وتضغط التنظيمات اليمينية المتطرفة على حكوماتها بغية سد الأبواب في وجه الوافدين الجدد من الخارج وطرد مهاجري الداخل من أولئك الذين يقيمون بصفة غير قانونية. يتذرع اليمين المتطرف كون الهجرة وباء يولد سلسلة أوبئة أخرى: الإرهاب، افتضاض الأمن، تلويث فضاء المدن… من هنا دعوتهم إلى تغيير القوانين مع الحد من سلطة القضاة الذين يرفضون التوقيع على قرارات الطرد والإبعاد.
من هنا أيضا الحرب الشعواء التي يشنونها على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحولت في نظرهم إلى منظمة غير حكومية. ويتحدث هذا الطرف عن «حكومة القضاة». لذا يدعون إلى مراجعة الدستور لكي تسترجع مجموع أوروبا سيادتها على هذا الموضوع الحيوي.
في الاجتماع القادم للمجلس الأوروبي هل سيتم الإجماع من حول أجندة موضوع الهجرة أم سيلعب الرئيس الهنغاري دور «الفارس المنفرد» ليعيد على مسامع حلفائه أن بلاده لن تسمح بدخولها لمزيد من المهاجرين. من بين الدول الأوروبية 27 ستكون ألمانيا البلد الذي سيدخل جرعة من الصرامة في سياسته تجاه الهجرة. فسياسة أولاف شولز هي النقيض المعاكس لسياسة إنجيلا ميركيل. فقد صادقت الحكومة الألمانية على قانون يقضي بتسهيل مرافقة المهاجرين إلى الحدود فيما طلبت من 255000 شخص يوجدون في وضع لا قانوني مغادرة البلاد هذا في الوقت الذي دخل ألمانيا 2300000 مهاجر سري منذ بداية العام.
الحل الوحيد الذي تطرحه الدول الأوروبية هو الحد من تدفق المهاجرين السريين الذين تسارعت وتيرتهم بعد انتهاء وباء كورونا. وحسب الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل، فرونتيكس، تزايد العدد بنسبة 17 في المائة خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2023.
يبقى أن تبعات الحرب بين إسرائيل وحماس قد تنعكس سلبا على الدول الأوروبية، إذ من المحتمل أن تدفع بآلاف الأشخاص في اتجاه أوروبا. وذلك ما حدث أثناء حروب الشرق الأوسط الأخيرة. لكن الفلسطينيين الذين شيطنهم الغرب لن تستقبلهم لا أوروبا ولا أمريكا بالترحاب.