حرب زانية
عبد الرحيم التوراني
العساكر الذاهبون إلى الحرب العالمية الأولى بالأبيض والأسود، بعد ثوان سأحزن على إبادتهم الوشيكة. كما نال مني الحزن قبل لحظة، حين افتراس الغزلان والحمير الوحشية من قبل النمور والضباع، ليلا تحت الأضواء الكاشفة.
بعد فاصل قصير ستستأنف الحرب. يعرضون منتجاتهم الاستهلاكية ثم يعودون إلينا بحكاياتهم حول مصانع الدم قديما.
– لماذا لا تغيروا محطة “ناسيونال جيوغرافي”؟ يقول الأخ الأصغر.
– لنشاهد على قناة T.V.5 أحوال الطقس في باريس. تقترح أخته الطالبة.
– يبدو أن شلالات الدم لن تتوقف في الشرق الأوسط الجديد. يتمتم الوالد.
– ما رأيكم في فيلم كوميدي قديم على MBC وان؟ تسأل الأم.
– إنهم يعرضون الأن فيلم “اسماعيل يس في العسكر” على روتانا كلاسيك. تخبر الجدة.
ويحث الجد، بصوت خافت، على مواصلة الحرب:
– إلى الأمااااام.. أطلقوا النار… أشْهِروا الريموت كنترول صوب الصدر العريض لكل معركة ولدتها حرب زانية، أضيئوا شاشات الغياب بالنسيان، فإنما الأيام مثل السحاب.
وينخرط الجد المخمور في الغناء بصوت مجروح بالتبغ والنبيذ:
“ولا سماحة ليك يا ليام.. “…
يستيقظ الولد الصغير ليتبول، يكتشف أفراد عائلته نائمين فوق كنبات الصالون، بدا له المشهد في الأول كجثث لقتلى في الحرب العالمية الثانية. كما في برنامج قناة “الناسيونال جيوغرافي”. حك بطنه وعاد للنوم. تمدد جنب حمار وحشي أفلت من افتراس الضباع. كان الوقت فجرا، والجد يصلي بلا وضوء جالسا على كرسي متحرك في العتمة، تفوح من فمه روائح الشخير والتبغ والنبيذ المستورد. يدعو الله تعويض هزيمة الحرب بنصر من عنده.
Visited 18 times, 1 visit(s) today