نصائح المفكر عبد الكبير الخطيبي لـ”دفاتر الجديدة”
مبارك بيداقي
في إطار أنشطته المبرمجة خلال السنة الجارية، نظم المعهد الفرنسي بالجديدة يوم الجمعة فاتح مارس 2024 لقاء ثقافيا بمناسبة الذكرى الثلاثين لسلسة “دفاتر الجديدة” واحتفاء بصاحبها الكاتب المغربي المصطفى اجماهري وقد جرى اللقاء بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، وأدار النقاش الأستاذ عبد العالي الرهوني وذلك بحضور عدد معتبر من المهتمين المغاربة والأجانب ومن قراء “دفاتر الجديدة” الذين حضر بعضهم من الدار البيضاء وسطات وابن أحمد وسيدي بوزيد.
في بداية اللقاء ألقت الأستاذة هدى معتل، محافظة فضاء الذاكرة التاريخية، كلمة ترحيبية نوّهت فيها بمشروع “دفاتر الجديدة” ودوره في المساهمة في النبش في تاريخ المنطقة من أجل التعريف بمؤهلاتها الفكرية والثقافية. ثم تناول الكلمة بعد ذلك ذ. عبد العالي الرهوني فقدم فكرة مقتضبة عن هذا المشروع الذي استطاع الصمود ومواصلة الحفر في ذاكرة المدينة مدة ثلاثة عقود ومازال، علما بأن الأمر يتعلق بمشروع فردي وتطوعي يواجه، كغيره من المشاريع الكتابية الفردية، مجموعة من إكراهات النشر والطبع وضعف القراءة وتدني تداول الكتاب المغربي.
ولتنظيم النقاش اختار ذ. عبد العالي الرهوني محاورة الباحث من خلال عرض مجموعة من الصور عن مساره منذ فترة الدراسة ثم انخراطه في الكتابة وأعماله المنشورة ومشاركاته البحثية والصحفية.
وفي معرض رده، أجاب المصطفى اجماهري عن مختلف التساؤلات، كما سرد أبرز المحطات التي مر بها مشروعه البحثي، منوها بتعامل عبد الكبير الخطيبي الإيجابي سواء معه أو مع باحثين آخرين. وقال في معرض إجابته عن إحدى التدخلات بأن التوازن الذي حققه مشروعه على مستوى الانتظام يعود خاصة لكونه قد طبق نصائح الخطيبي الثلاث المعروفة، وهي:
- الاهتمام بالبحث في الهامشي والمهمش،
- الاشتغال في إطار مشروع محدد لما يتيحه من إمكانية العمل المنظم وتحقيق التراكم،
- تكوين قاعدة قراء مستهدفة.
وللتذكير فالمصطفى اجماهري يشتغل على “دفاتر الجديدة” منذ بداية التسعينيات. وقد شجعه وقتها على المغامرة بدخول هذا الحقل البحثي ثلاثة عوامل: الخصاص الملحوظ في الدراسات الثقافية التي تعنى بالمحلي، ثم لقاؤه بالسوسيولوجي عبد الكبير الخطيبي في ورشة “الكتابة والجهة”، ومن ناحية ثالثة، تكوينه في مجال الإعلام، بوصفه تكوينا منفتحا على كثير من التخصصات.
هكذا كان “واجب الذاكرة”، يقول المصطفى اجماهري، من بين الدوافع التي جعلته يطلق مشروع “دفاتر الجديدة”، وهو سلسلة كتابات حول التاريخ الاجتماعي لمدينة الجديدة ودكالة. مع التوضيح بأن هذه الكتابات لا تأخذ دائما شكل مؤلفات مطبوعة بل كذلك دراسات ومقالات ينشرها صاحبها أحيانا في الصحف والمجلات وبعض المواقع الإلكترونية.
واعتبر المصطفى اجماهري أن من حسن حظه أن مشروعه هذا لقي، وما زال، دعما صادقا بالتشجيع وبالتأطير من ثلة من المثقفين المرموقين مثل غي مارتيني، ونلسيا دولانوي، وفؤاد العروي، وغريغوري لازاريف، ومحمد الناجي، ومصطفى الكثيري، وفاطمة المرنيسي، وغيثة الخياط، ومحمد جبريل، وبوبكر بوهادي. كما لقي العمل تنويهات مختلفة من باحثين معروفين مثل عبد الله حمودي، وجامع بيضا، ومحمد كنبيب، وعبد الفتاح الزين، ومحمد نور الدين أفاية، ودال إيكلمان، ومن الناشر الراحل عبد القادر الرتناني.
وقد نوه غالبة الحاضرين في اللقاء بهذا المجهود الشخصي معتبرين بأن الكتابات التي أصدرها هذا الباحث قد ساهمت في إحداث تراكم معرفي عن المدينة والجهة. كما لقيت تجاوبا من القراء لأنها سدت بعض الفراغ الملموس في الساحة الثقافية، كما أنها استجابت لحاجة القراء في معرفة محيطهم القريب تاريخيا واجتماعيا. هذا التجاوب الفاعل من القراء المهتمين، يقول اجماهري، هو ما مكن مشروعه البحثي من الاستمرار.