رسالة اليمامة لقمة المنامة
عبدالناصر العبيدي
مــا لــلأشاوسِ فــي اللذَّاتِ قد مَكثوا
وفــي حِــمَانا يَــعيثُ الــقملُ والعُثَثُ
*
إلـــى مــتى وضِــباعُ الــليلِ تــنهشُنا
ونــحنُ نَــنْظُرُ حــتى يَــنضَجَ الحدَثُ
*
مــالي أراكــمْ وجــساسٌ غــدا أمــلاً
بــهِ جــميعُ كــبارِ الــقومِ قــد شَــبِثُوا
*
نَــمْ يــا كــليبُ فــما فــي تغلبٍ رجلٌ
عــنْ أخــذِ ثــأرِكَ كلُّّ القومِ قدْ رَبَثُوا
*
فــفي الــمنامةِ رهــطٌ قــيلَ منْ عَرَبٍ
لــم يبقَ في ضَرْعِنا مِنْ حَلْبِهمْ رَمَثُ
*
بِــضعٌ وعــشرونَ والأهــواءُ ظاهرةٌ
فــي كــلِّ أمــرٍ تــفانى القومُ وارْتَبَثُوا
*
عــنــهمْ نــأى ثُــلثٌ يــهوى صــهاينةً
ولــلأعــاجمِ يــســعى دائــمــاً ثُــلُــثُ
*
بــاقــي الــجماعةِ لا قَــولٌ ولا عــملٌ
الــنــومُ يــغــلبُهُمْ قــد مــازَهُمْ خَــوَثُ
*
ألــقابُهم لــمْ نَــعدْ نَــحصِي لــها عدداً
أقَــلُّــها رُســـلاً لــلــناسِ قــد بُــعِثُوا
*
أو نِــصْفُ آلهةٍ في الأرضِ موطنُهمْ
مــن قــبلِ آدمَ تِلكَ الأرضَ قد ورثوا
*
هَــمُّ الــرَّعَايا بَــعِيدٌ عــن تَــصوُّرِهمْ
الــحُــكمُ يَــشْــغَلُهُمْ والــمَالُ والــرَّفَثُ
*
نــدينُ نــشجبُ أقــوى مــا ســنسمعُهُ
إلــى مــتى يَــستَمِرُّ الــهَرْجُ والــعَبَثُ
*
لــقــد قُــتِلنَا ومــا اهــتزَّتْ شــواربُهُمْ
بــلً خَــلْفَ قــاتِلِنَا منْ رَكضِهمْ لهَثُوا
*
فــكــمْ سَــلَكْنَا بِــحَاراً سَــهلُهَا خَــطِرٌ
وخــانَــنَا الــرِّيحُ والــملاحُ والــرَّمَثُ
*
فــي غــزَّةِ الــعزِّ إخــوانٌ لهمْ ظُلِموا
الــموتُ يــحصدُهمْ والــفقرُ والغَرَثُ
*
أطــفالُ غــزَّةِ مِــثلُ الــغَرْسِ قد ذَبُلُوا
هــلْ مــرَّ بــالجوعِ فــردٌ مُتْخَمٌ فَرِثُ
*
ونــســوةٌ فـــي خــيامِ الــذُّلِّ لاجِــئَةٌ
قــدْ بــاتَ يــطعنُ فــيها التافهُ الخَنِثُ
*
يــاغــزةَ الــعزِّ لا تَــشْكي لَــهُمْ ألــماً
لنْ يسمعَ الصوتَ جِسمٌ ماتَ أو جَدَثُ
*
كمْ حُرَّةٍ صَرَخَتْ في سجنِ مُغْتَصبٍ
لــمْ يــسألوا أبــداً عــنها ولا اكــترثوا
*
لــو أنَّ عــاهرةً فــي الليلِ قد سَقَطَتْ
هَــبُّوا لــنجدتِها فــي الــحالِ مــالَبِثُوا
*
هــلِ الــعُرُوبَةُ أمستْ مَحضَ عاجزةٍ
قــد بــاتَ يــكْلؤُها الأخــيَافُ والرِثَثُ
*
كـــمْ أقــســموا أنَّــهم يــحمونَهَا بِــدَمٍ
لــكــنّــهمْ بــيــمينِ اللهِ قـــد حَــنِــثوا
*
كــأنَّــهمْ خُــشُــبٌ مــاتتْ ضــمائرُهمْ
لــمْ يَــستجبْ ســمجٌ مِــنهُمْ ولا دَمِثُ
*
مَــنْ يَــأْمَلِ السِّلمَ من صهيونَ معتقداً
بــأنَّهمْ عــنْ حــلولِ الــسلمِ قــدْ بَحثوا
*
فــعــقــلُهُ دونَ شـــكٍ فــيــهِ عَــائــقةٌ
فــمــا يــصــدِّقُ إلاّ الــهُــبْلُ والــلُّوَثُ
*
الــســعيُ لــلــفتنةِ الــبــلهاءِ غــايتُهُمْ
فــكــلَّمَا أُطْــفِــئَتْ نــارٌ لــها حَــرَثُوا
*
الــلٌّــؤْمُ شــيــمتهمْ و الــغدرُ دَيــدَنُهُمْ
و كــلَّــمَا عــاهدُوا عــهداً بــهِ نَــكثُوا
*
إنْ قــالَ مــنهمْ كَــذوبٌ قــدْ نُــصَدِّقُهُ
إنْ لــلعجائزِ عــادَ الــحيضُ والطمثُ
*
إن تَــذْكُرِ الــفُرْسَ تُصْبِحْ خائناً دَنِساً
عِندَ الذِّيُولِ التي مِنْ ضَرْعِهِمْ رَغَثُوا
*
لاتــأمنوا الــفرسَ فالأطماعُ حاضرةٌ
تَــغَلْغَلُوا فــي بــلادِ الــعُرْبِ وانْفَرَثُوا
*
لاتــأمنوا الــفرسَ فــالأحوازُ تُخْبِرُنَا
عــلى جــرائمِهِمْ قــد تَــشْهَدُ الــجُثَثُ
*
مِــنْ ألــفِ عــامٍ نُــعاني مِنْ سَفَالَتِهِمْ
الــحــقدُ يــسكنُهُمْ والــغلُّ و الــدَّعَثُ
*
لا تــأمنوا الــغربَ فــالتارحُ يُــخبِرُنا
هُـــمُ الــذيــنَ لــهذا الــسُّمَ قــد نَــفَثُوا
*
يــا قــومُ نــطلبُ أحــلاماً مُــزَرْكَشَةً
أمَّـــا الــحــياةُ فــفيها الــبُرُّ والــغَلَثُ
*
مَــنْ ظَــنَّ إنِّــي بــقولي كنتُ أقصدُهُ
كــانَ اعــترافاً صــريحاً أنَّــهُ الخَبَثُ
____________________________
المفردات
رَبَثَهُ عَنْ حَاجَتِهِ: حَبَسَهُ، مَنَعَهُ، صَرَفَهُ عَنْهَا
الرَّمَثُ (1): بقيَّةُ اللَّبَن في الضِّرع بعد الحَلْب
ارْتَبَثَ القومُ: تَقَرّقوا
الرَّمَثُ (2): الطَّوْفُ، وهو خَشبٌ يُشَدُّ بَعضُه إلى بعض ويُرْكَبُ في البحر
الغَرَثُ: أَيْسَرُ الجوع؛ وقيل: شِدَّتُه
الفَرِثُ: الشَّبْعان
رِثَث: جمع رِثّة الرِّثَّةُ :سَفِلة الناس وضعفاؤهم
اللُّوثُ جمع الأَلْوث، وهو الأَحمق الجبان
الدَّعَثُ: الدَّعْثُ : الحِقْدُ. والمطلبُ.والثأرُ.
الغَلَثُ: الترابُ المتلبدُ والحَبُّ الأَسودُ يخالطُ البُرَّ ونحوَه.