ما هي أهمية غياب الرئيس الإيراني عن المشهد السياسي؟
أحمد مطر
يأتي حادث مقتل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية، وغيابهما عن مسرح الأحداث والأزمات الساخنة في المنطقة، ولاسيما منها ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية الإجرامية على قطاع غزة والحروب الثانوية المتفرعة عنها، وبالتحديد الدائرة في جنوب لبنان بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ليطرح جملة تساؤلات واستفسارات عن تأثير هذا الغياب في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة التي تمر بها المنطقة، ومدى انعكاسه سلبا أم إيجابا على مجرى الصراع الدائر حاليًا.
تعترف مصادر ديبلوماسية أن غياب رئيسي وعبد اللهيان عن المسرح السياسي في هذه الظروف الحساسة والهامة في المنطقة، سيترك فراغا ولو مؤقتا في السياسية الخارجية الإيرانية، وعلاقات طهران مع الخارج، وحتى الحضور الإيراني في الأزمات الإقليمية، ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في إيران وتعيين بديل للوزير عبد اللهيان، ويتسلمان مهامهما والملفات التي كانت في عهدة سلفيهما، وهذا لن يتم بين ليلة وضحاها، مهما كانت التحضيرات قائمة على قدم وساق، لاستمرارية السلطة وتجنب حدوث أي فراغ أو تباطؤ في متابعة هذه الملفات، وما يتعلق منها بالسياسة الخارجية، ومناطق النفوذ والتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، وتحديدا على صعيد الحرب الإسرائيلية على غزة وتفرعاتها باليمن وسوريا وجنوب لبنان.
وتكشف المصادر أن لبنان سينال نصيبه من التأثر بغياب رئيسي واللهيان معا عن السلطة في إيران، كون الأخير كان مكلفا بمتابعة دؤوبة لملف لبنان قبل حدوث عملية طوفان الأقصى، التي قامت بها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في شريط غزة، في السابع من شهر أكتوبر- تشرين الأول الماضي وبعدها، وكانت زياراته المتواصلة للبنان منذ ذلك الحين، والتي بلغت ثلاث زيارات بمبادرة منه ومن دون أي دعوات رسمية، تبرر هذه الزيارات، أو بسبب ملفات أو موضوعات على علاقة بين لبنان وإيران، بل كانت على علاقة مباشرة بحرب غزة وبمتابعة مجرى المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، ونقل توجيهات القيادة الايرانية مباشرة، استنادا إلى لقاءات وحركة الوزير اللهيان ومواقفه أثناء وجوده في هذه الزيارات المتتالية للبنان.
وفي اعتقاد بعض المصادر الديبلوماسية أن تأثر المواجهة المحتدمة في جنوب لبنان، ووضعية حزب الله جراء مقتل رئيسي وعبد اللهيان في حادث سقوط الطائرة، سيكون معدوما أو محدود الفاعلية على المدى القريب، على الصعيد العسكري انطلاقا من علاقات الحزب مع المرشد والقيادة الإيرانية ككل، إلا إذا كان حادث سقوط الطائرة يأتي ضمن الصراع على السلطة في إيران ومراكز القرار فيها.
وتوقعت أن يتأثر جزئيا ومرحليا على الاقل، موضوع المتابعة الديبلوماسية، لملف الوضع السائد في الجنوب اللبناني والمفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، للتوصل إلى اتفاق لإنهاء المواجهة الجارية حاليا، ومن ضمنها، على مستقبل وضعية الحزب عسكريا بالجنوب، وهو الملف الذي كان يتابعه وزير الخارجية الإيراني السابق شخصيا، لحين تولي وزيرالخارجية الإيراني الجديد لمهامه، وتسلمه لهذا الملف، أو إيكاله لأي شخصية أخرى تتولاه، وعندها يمكن تلمُّس اتجاهات وتعاطي الديبلوماسية الإيرانية مع هذا الملف.
ختامًا وفي سياق متصل، في غمرة حادثة الطوافة الإيرانية الرئاسية وتداعياتها، كانت سلطنة عُمان منشغلة بحوار أميركي إيراني غير مباشر يجرى في عاصمتها مسقط.
وفي موازاة ذلك، كان مرجع حكومي يتحدث أمام زواره عن أن لبنان هو أحد الموضوعات التي يتداولها فريقا الحوار الأميركي والإيراني في الدولة الخليجية. وتوقّع هذا المرجع أن ينقل أول اتصال من مسقط ببيروت معطيات هذا الحوار ذي الصلة بلبنان.
وقد جرى الاتصال، متمثلاً بمكالمة هاتفية تلقاها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي.
وفي هذا السياق، يمكن الربط بأن الاتصال ومضمونه المقتضب يأتيان في أعقاب طلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهمة ارتكابهما جرائم ضد الإنسانية، واحتمال أن يكون الرد الإسرائيلي مزيداً من التصعيد وتحديداً على الجبهة الجنوبية .
يعتبر البعض أن الرسالة العمانية هي رسالة أميركية. وبحسب ما عُلم تضمنت دعوة إلى مزيد من ضبط النفس والحد من التصعيد وملاقاة الجهود الدولية والعربية للوصول إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة، وأنه من مصلحة لبنان عدم الذهاب إلى عملية تصعيد واسعة.
إن الاتصال العُماني جاء بالتوازي مع رسائل تحذير جديدة وصلت إلى لبنان، مفادها أن حكومة الحرب الإسرائيلية ماضية في عملياتها العسكرية التصعيدية، وهي لن تتوانى عن تحويل منطقة جنوب الليطاني إلى غزة ثانية لجهة التدمير والأرض المحروقة، فهل هناك من يتبصر .
Visited 81 times, 1 visit(s) today