الأرض المحروقة
فالنسيا – عبد العلي جدوبي
اعتبر العديد من النشطاء الحقوقيين الإسبان عبر الصحافة الإسبانية، أن اعتراف بلادهم بدولة فلسطين يدخل ضمن سلسلة التفاعلات الرمزية، وطالبوا من حكومة بلادهم بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ورأوا أن مثل هذا الاجراء لن يؤثر على علاقة مدريد مع الدول الأوروبية التي كانت حتى لوقت قريب تدعم الكيان الصهيوني، كما أن حراك الشعوب الأوروبية المنددة بغطرسة إسرائيل، دفعت أحزاب اليمين المتطرفة في أوروبا الى تغيير مواقفها إزاء إسرائيل بعد سلسلة من المجازر البشعة التي ارتكبتها في حق أهالي غزة.
ومما جاء في تعليقات المحللين السياسيين الإسبان بالصحف الإسبانية، أن على الدول الأوروبية المنحازة لإسرائيل العمل على إنهاء التواطؤ الذي يبيح لتل أبيب المضي في ارتكاب الجرائم في غزة .
والملاحظ أن إسبانيا كسرت جدار الاجماع الذي كان سائدا من قبل بجانب الكيان الصهيوني على المستوى الأوروبي، وتغير جزء من المواقف الأوروبية ودعم القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، ذلك أن إسبانيا بعد اعترافها بدولة فلسطين قررت الانضمام بشكل رسمي الى قضية جنوب افريقيا أمام أعلى محاكم الأمم المتحدة ، وفي هذا الصدد اعتبر رئيس الوزراء الاسباني أن مصلحة الاتحاد الاوروبي في الاعتراف بدولة فلسطين لوضع حد للصراع الفلسطيني _ الاسرائيلي الذي استمر طويلا ويجب أن ينتهي.
وللإشارة فإن اسبانيا لم تقم علاقات رسمية مع اسرائيل إلا في العام 1986، وعقب إعلان إسرائيل الحرب على لبنان العام 2006 ظهر رئيس الوزراء الاسباني انذاك خوسيه لويس رودريغيز بالكوفية الفاسطينية، وانتقد اسرائيل باستخدام القوة المفرطة ضد اللبنانيين! وخلال العام 2011 تبنى البرلمان الإسباني بالاجماع قرارا غير ملزم يدعو الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكانت إسبانيا من بين الدول التي عارضت خلال اكتوبر الماضي تعليق الاتحاد الأوروبي المساعدات المقدمة للفلسطينيين.
الحقيقه المؤكدة، أن موقف إسبانيا من القضية الفلسطينية ظل ثابتا ولم يتأثر بالتقلبات السياسية، وهو الموقف الذي يتماهى مع مواقف دول مثل البرتغال وبلجيكا، كما ينسجم مع نبض الشارع الاوروبي الذي اجتاحته المظاهرات الحاشدة المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، كما شهدت إسبانيا منذ استمرار العدوان الاسرائيلي على القطاع مظاهرات كل أسبوع في أزيد من مائة مدينة وبلدة إسبانية تنديدا باستمرار قتل الابرياء من اطفال وشيوخ ونساء غزة.
ومعروف إلى أن اسبانيا دولة قريبة في تعاملها مع العالم العربي وتبدي تعاطفا اتجاه قضاياه خصوصا القضية الفلسطينية، وطالما ناشدت بايجاد حل سياسي مقبول من قبل الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين، وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد اقترح تنظيم مؤتمر دولي للخروج من النفق المسدود إلى آفاق أوسع وأرحب..
هذا وخلال ندوات التي تبثها القنوات التلفزيونية الإسبانية، اعتبر محللون سياسيون سياسيون إسبان، أن الجيش الإسرائيلي ينهج سياسة الأرض المحروقة، فهو لم يكتف بعمليات القتل والإبادة الجماعية وتحطيم المباني فوق رؤوس ساكنيها وقنص كل من يتحرك فوق ركام غزة، وبعد تجريفه للأراضي الزراعية، وقصفه للمستشفيات ولكل المنشآت والبنيات التحتية في غزة، بدأ يستهدف الحاضر والمستقبل في حق الفلسطينيين على وجه التحديد عندما قام بتدمير الجامعات و مئات المدارس ومراكز البحث العلمي في غزة..
قال (ميكو بيليد)، الأستاذ بجامعة فالنسيا باسبانيا، وهو من أب يهودي كان واحدا من جنرالات الحرب الصهاينة الأوائل في إسرائيل، قال: “المطلب الحقيقي لنا هو تفكيك دولة الفصل العنصري الإسرائيلية إلى الأبد”.
Visited 50 times, 1 visit(s) today