فرنسا.. زحف اليمين المتطرف

فرنسا.. زحف اليمين المتطرف

باريس _  عبد العلي جدوبي 
       في تطور مذهل هز أركان الساحة  السياسية الفرنسية، تصدر اليمين المتطرف المتمثل في حزب التجمع الوطني بقيادة (جوردان بارديلا) نتائج الدورة الأولى من الإنتخابات التشريعية المبكرة  في فرنسا بحصوله على 34% من الأصوات، وفق التقديرات الأولية لمركز استطلاع الرأي، وحسب المراقبين فإن أقصى اليمين المتطرف قد يصل الى سدة الحكم للمرة الاولى في ظل الجمهورية الخامسة، وبحصوله على الأغلبية المطلقة، سيكون له الحق في تعيين رئيس للوزراء والحكومة.
وكما هو معلوم تأتي هذه الإنتخابات المبكرة بعد قرار الرئيس الفرنسي (مانويل ماكرون) في الثامن من يونيو الماضي حل البرلمان، بعد صعود اليمين المتطرف للمرتبة الأولى في الانتخابات الأوروبية.
ويبدو الآن أن تيار التغيير يهب  بقوة في اتجاه معاكس حاملا معه  أصداء صعود مدو  لليمين المتطرف، ما يضع الرئيس الفرنسي أمام اختبار  يصعب فك تعقيداته!
وكما جاء في صحيفه (بوبليكو) الفرنسية، فإن مهمة ماكرون الآن تنحصر في التركيز على جهود وقف زحف  اليمين المتطرف، وقد لا تفيده التحالفات مع أحزاب أخرى، ومن المتوقع أن يفقد أكثر من نصف المقاعد في  البرلمان، كما أن وصول اليمين المتطرف الى السلطة في فرنسا تضيف الصحيفة المذكورة، يحمل في طياته تداعيات هائلة ليس على فرنسا فحسب، بل على أوروبا، فاليمين المتطرف كما هو معروف يتبنى في مواقفه المتشددة سياسة  مناهضة  للهجرة وللمسلمين، وقد يؤدي تصدره المشهد السياسي إلى تغييرات جذرية  في السياسة الخارجية لفرنسا.
لقد أصبحت الأحزاب السياسية المتطرفة  في فرنسا، قوة انتخابيه كبيره خلال العشرين سنة الماضية، وأيضا في عدد من الدول الأوروبية، وأصبحت مسألة مكافحة الهجرة  والتصدي للمهاجرين، هي الرسالة الأساسية  لهذه الاحزاب وتمجيد القوميه والرفض التام للمهاجرين، وتصاعدت هذه الافكار بفرنسا خاصه بعد استفتاء البريكست، وذلك لأن كثيرا من قوى اليمين الأوروبية أعلنت رغبتها في السير على نهج بريطانيا والتخلص من التكتل الأوروبي الذي ينخر اقتصادها كما ترى، فقد نشأت في ألمانيا حركة (بجيدا) والتي تعني وطنيون أوروبيون رافضون لأسلمة البلدان الأوروبية، وصعود حزب (البديل من أجل ألمانيا) الذي تمكن من التسلق التدريجي إلى مراكز القرار السياسي، كما هو الحال في فرنسا، مما يهدد حسب محللين سياسيين مستقبل الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تغيير الخريطة السياسية، خاصه في فرنسا بعد التقدم الملموس الذي وصل إلى المنافسة على السلطة بزعامة (مارين لوبين) ونجاحها في تقدم التجمع الوطني الذي يعد أكثر المتشددين في مواجهة المهاجرين..
لقد سجلت أحزاب اليمين المتطرفة في أوروبا زياده في عدد المقاعد، بحصولها على المركز الأول في إيطاليا وفرنسا والثاني في هولندا وألمانيا، محدثه زلزالا سياسيا، لكن دون الاخلال بالتوازن السياسي لحد الآن! وحسب مقال تحليلي لصحيفة (لوموند) الفرنسيه فإن فرنسا بعد الانتخابات مرشحة لأن تصير أزمتها السياسية أكثر تعقيدا، وأن الوضوح الذي يريده الرئيس ماكرون لن يكون في الموعد، والسيناريوهات المحتملة معقدة للغاية أمامه.
قالت نائبة في البرلمان الفرنسي أن اليمين المتطرف دخل المعركة الانتخابية  بمفرده، مما يعني غياب المنافسة الحقيقية بين الأحزاب المرشحة للانتخابات الأوروبية.. والسؤال المطروح الآن هو: هل التحالفات التي قد يقوم بها ماكرون في الدور الثاني يوم السابع من يوليوز الجري ستوقف زحف أحزاب اليمين، وتنجح في درء خطر “التجمع الوطني”؟!
Visited 39 times, 5 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي