حدائق الأبجدية تنفتح أمام حوار شعري مغربي سوري
متابعات:
حطت القافلة الشعرية لدار الشعر بمراكش في حديقة وريكا العطرية البيئية الحيوية، هذا الفضاء الساحر والذي يتميز بانجذاب طبيعي وتنوع نباتي يقع في وادي اوريكا، في قرية الاثنين. تضم الحديقة نباتات عطرية وطبية وبيولوجية متنوعة، الى جانب ما تقترحه من لحظة انجذاب لترويض الحواس. وتقع الحديقة على ارتفاع 840 مترا على سطح الأرض وتعكس هذا الثراء والتنوع البيولوجي، الى جانب امتدادها على فضاءات مراكش التاريخية وحدائقها الخالدة في التاريخ.
في هذا الفضاء الساحر، نظمت دار الشعر بمراكش فقرة جديدة من برنامجها “حدائق الأبجدية، وهنا توقفت المحطة الثالثة من تظاهرة “نزاهة شعرية” عند أسئلة التجربة الشعرية المغربية الجديدة، والتي تشكلت ضمن سياق تاريخي أساسي نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي، وتمثل تجربة كل من الشاعر والباحث عبدالدين حمروش والشاعر والمترجم والباحث محمود عبدالغني، نموذجا حيا ولافتا ضمن هذا السياق، بل يمكن اعتبارهما كوة للاقتراب من أسئلة جيل بأكمله.
لقد استطاعا، معا، أن يرسما مسارا متفردا على جدراية حيوات الكتابة الإبداعية والنقدية والترجمة، التزام صارم بالقضايا الإنسانية وبأسئلة الثقافة المغربية وبقضاياها، متابعة لأهم التحديات المطروحة اليوم على الأدب المغربي، وإصرار على قيم التربية والتكوين من خلال الدرس الأكاديمي، ورعاية جيل اليوم في تمثل لأهم قضايا أسئلة الشعر المغربي. واختار الشاعر عبدالدين حمروش أن يقرأ قصائد قصيرة، بنفس شذري أحيانا، للحب. قصائد تقربنا من عوالم شاعر “وردة النار”، الديوان المتوج بجائزة الشعراء الشباب لاتحاد كتاب المغرب مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومعه نكتشف صوتا شعريا متميزا حفر اسمه على جدارية الشعر المغربي.
وتوسطت قصائد الشاعرة والمترجمة السورية ريم السيد، المقيمة في باريس، ديوان “حدائق الأبجدية”، ريم الحاصلة على جائزة سيمون لاندري الفرنسية للشعر النسوي (2019)، والتي راكمت تجربة إبداعية متفردة ضمن مسارها الإبداعي الطويل، قرأت لوطنها سوريا وخطت بعدها نصوصا كان صوت الحب يعلو فوق سماء الخيبة. من ثلاثيتها الشعرية “سورياليزم” ومقامات الوجد، أطلت قصائد ريم السيد على رواد الدار في حدائق الشعر باوريكا، بين أشجار ومقامات نباتية وعطرية.
واختار الشاعر والمترجم والباحث محمود عبدالغني قراءة نص شعري طويل، من جديده، عودة الشاعر الى منبع تجربته الإبداعية. صاحب “حجرة وراء الأرض” اختار قصيدة عن هشاشة الكائن، حيث جدارية الإنسان اليوم في مسار مختلف.. عن وجع الحياة ووجع تمثل اللحظة الآسرة، تلك اليد وهي تكتب انجراحات الأفق الملتبس، في زمن تكالب فيه كل شيء ضد إنسانية الإنسان.
في ديوان “حدائق الأبجدية”، “شدت” الفنانة هاجر الجبراتي، بمعية الفنان مولود أعقا على آلة القانون، مقامات عربية ومغربية أصيلة بين سماوات الشعر والجمال. بين القصائد وأصوات الشعراء وزقزقة الطيور وحفيف أوراق الأشجار، ظلت أشعار الشعراء عبدالدين حمروش وريم السيد ومحمود عبدالغني تواصل رحلة الترحال، ضمن تظاهرة “نزاهة شعرية” في محطتها الثالثة، والتي ستحط رحالها بمدينة طاطا نهاية شهر يوليوز، ومعها تواصل دار الشعر بمراكش استراتيجيتها لتوطين الشعر في الجغرافيات البعيدة.