وَرِّينِي وَحْشَكْ يَا الْغَابَة

وَرِّينِي وَحْشَكْ يَا الْغَابَة

عبد الرحيم التوراني

     سألت المذيعة المواطن “مهماز” عن رأيه في برنامج الحكومة، وفي “المخطط الأخضر”.. فرد عليها بسؤال:

– لماذا كلما ارتفعت درجة الحرارة تنخفض معنوياتي درجات؟

– … وإذا ما انخفضت درجة الحرارة؟

– تظل معنوياتي منخفضة

– تريد القول إنه لا يناسبك إلا اعتدال الطقس إذن..

– حتى لما يعتدل الطقس تستمر معنوياتي باتجاه الحضيض..

– عجيب أمرك!

–  وأين يكمن العجب؟

– لأن حالتك لا تبشر بخير.. عليك أن تعرف أين يكمن الخلل يا ترى؟!

– هل لدى الحكومة تصور أو احتمال ممكن أن يشرح حالة أمثالي…؟

– لا نظن أن أمثالك موجودين..

– أغلبية المواطنين هم من أمثالي يا مذيعة..

– يتهيأ لك فقط.. ربما أصابتك ضربة شمس في هذا الطقس الحار.. لعل الخلل يكمن في الطقس، واللوم على الاحتباس الحراري وتحولات المناخ.. وعلى ثقب الأوزون…

– لا يا آنستي… أنا أدرى بحالي والأحوال، ثقب الأوزون بالنسبة لي أصغر من ثقبتي أنفي وثقبتي الأذن.. والاحتباس الذي في الرأس وفي القلب لا يقارن، أما عن تحولات المناخ فقد أصبحتُ كالمناخ، أو أنا المناخ.. وأصل المناخ هو الدرجة صفر.، والصفر هو الأصل والمبتدأ والخبر واليقين، وما دونه نسبي كالحقيقة.

– أوووه… كنت أظنك ستلقي باللائمة على ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وصعوبة الانسجام الذاتي مع الوضع العام في البلاد.

– مثل هذا التفسير.. مجرد وسواس كان يقهرني في السابق، وقد تخلصت منذ فترة من هذا الوسواس اللعين..

– قياسا على هذا التصريح إن معنوياتك لم تخذلك وقد نعتبرها بشكل من الأشكال معنويات إيجابية… فماذا تقترح على من حالاتهم تشبه حالتك..

– كنت سأقترح عليهم أن يضعوا أعصابهم في الثلاجة، لكني تذكرت أن الكهرباء بمنطقتنا تنقطع باستمرار، ومكلفة إذا توفرت، وكنت سأقترح عليهم أن يصفقوا للحكومة و”مخططها الأخضر”، وبما أنك أخبرتني قبل قليل أن حالتي فريدة وأمثالي غير موجودين فسأحتفظ برأيي..

– خوفا على أعصابك؟

– عن أي أعصاب تتكلمين يا ابنتي، لقد احترقت أعصابي من زمان وتبخرت…

– إذا.. وجدناها.. وجدناها.. هذا هو سر تحسن معنوياتك، والفضل يعود لبرامج الحكومة وسياستها الرشيدة التي تسعى لخير المواطنين.. ومواطنو بلدنا كما وعد رئيس الحكومة “يستحقون الأكثر”..

– أبلغي معالي رئيس الحكومة الرشيدة أني توصلت بمبلغ “الاستحقاق الأكثر”، فدعم 500 درهم أسعدني أنا وأطفالي، حتى أنه لم يعد يهمنا أن نبحث عن عمل، بل لم يعد يشغلنا أمر الاستمرار معكم في الحياة.. فوجودنا سيتعبكم ويقلق راحتكم، وقد ننقل إليكم عدوى انخفاض المعنويات واحتراق الأعصاب…  

– أنت خطير…!!

– ليس إلى ذلك الحد أيتها الحكومة الموقرة، أنا لست سوى نقطة في بئر عميقة تحت جذع شجرة عالية، لكن لا أحد في حكومتكم يعرف مكان البئر، ولا بإمكانه رؤية الشجرة التي تغطي الغابة.

– كيف تسمح لنفسك أيها الإرهابي بأن تنعت بلادنا العزيزة بالغابة؟

– أنتم من حولتم البلد بأكمله إلى غابة موحشة ومخيفة، ومارستم عليها إرهاب “المخطط الأخضر” وكل الأصباغ والألوان.. حتى أحرقتم كل يابس وأخضر.. وقد خسرنا المدن والمنازل “ولم نكسب غابة”.

انقطع الإرسال، ثم ظهرت المذيعة من جديد، وبابتسامة عريضة أخبرت المشاهدين عن الجهود التي بذلتها الحكومة من أجل الحصول على حقوق البث الأرضي والفضائي للألعاب الأولمبية في باريس 2024، وضمنها مباريات “أسود الأطلس”.. المنتخب الوطني لكرة القدم.

بعد فقرة الإعلان تواصل البث بأغنية من الربيرتوار الشعبي للمرحومة الشيخىة الحمداوية، عنوانها: “مَالْ الْغَابَة مْقَلْقَة.. وَرِّينِي وَحشَك يا الغَابَة”.

Visited 69 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد الرحيم التوراني

صحفي وكاتب مغربي، رئيس تحرير موقع السؤال الآن