هل عيّنت مارين لوبين ميشال بارنيه رئيساً لحكومة فرنسا؟
سمير سكاف
كيف تكون نهاية الحكومة الفرنسية المقبلة قبل تشكيلها؟! هل يكون بالاستقالة؟ بالإسقاط أو بالإقالة؟ أو بنهاية مرتقبة بعد حوالى العشرة أشهر؟!
فها هي فرنسا تؤكد مرة جديدة دخولها مرحلة الفوضى الحكومية التي ستستمر أكثر من 10 أشهر بقليل، بانتظار حل المجلس النيابي “الجديد”، والذهاب الى انتخابات نيابية جديدة مبكرة!
فكيف سيشكل ميشال بارنيه حكومته؟ وهل يمكن لحكومته أن تحكم فرنسا؟ وبأي أكثرية؟ بالتأكيد، لن يستطيع بارنيه أن يوحّد ويجمع ويمد اليد لليسار! وهو الذي رفض ما يُعرف بالجبهة “الجمهورية” لمواجهة التجمع الوطني في الدورة الانتخابية النيابية الثانية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتابع لعبته المفضلة: فرِّق تسد… وتحكم! وهو يلعب على تناقضات نتائج الانتخابات النيابية، التي لم يحصل بها أي طرف على الغالبية المطلقة، على الرغم من تصدر الجبهة الشعبية لهذه الانتخابات.
حاول ماكرون أن يقسم اليسار في الجبهة الشعبية، فاقترح لهم اليساري برنار كازنوف رئيساً للحكومة. ولكن كازنوف تمّ رفضه من اليسار بسبب رفض هذا اليسار أي مرشح يتابع سياسات ماكرون!
فاضطر ماكرون الخضوع ضمناً لفتيوهات مارين لوبين، التي اختارت بارنيه ( Par élimination) برفضها للعديد من المرشحين، وبعدم رفضها لبارنيه، غير المعادي “بقسوة” لحزبها. مما “اضطر” ماكرون عملياً أن يقترح “اليميني” بارنيه لرئاسة الحكومة!
والواقع أن الحزب الجمهوري اليميني، وهو “الأصغر” بين المجموعات الأربع الأساسية مع 47 نائباً من أصل 577 هو “بيضة القبان” (كما كنت ذكرت في مقالاتي السابقة) لحكم فرنسا، في وجه جبهة شعبية حصلت على 193 نائباً!
في الشكل، من 34 سنة الى 73 سنة لرئاسة الحكومة، بين غابريال أتال وميشال بارنيه. بارنيه هو رئيس الحكومة الأكبر سناً في الجمهورية الخامسة! بارنيه، الذي صوّت في السابق ضد المثلية الجنسية يخلف رئيساً للوزراء “مثلي”! ما يجعل اليسار يرفض أن بارنيه “العجوز” هو من يستطيع التجديد، ولو بأسماء وزارية غير معتادة!
حكومة بارنيه المقبلة، أياً تكن ستكون تحت رحمة مارين لوبين وحزبها، لمنع اليسار من إسقاطها. لأن أي تصويت للتجمع الوطني مع الجبهة الشعبية قادر على إسقاط الحكومة!
وقد لا تسقط حكومة بارنيه في المجلس النيابي، برحمة من لوبين، ولكن هل تستطيع أن تحكم فعلاً؟! وبأي سياسة؟ وبأي برنامج؟!
بارنيه، وزير وحليف ماكرون اليميني، لن يفرض على الرئيس “التعايش”! فهو صاحب خبرة دولية وأوروبية ومالية هائلة، ولكنه لا يملك سوى حفنة من النواب تدعمه!
سيمشي بارنيه مع ماكرون، ومع حكومته، التي لن يكون تشكيلها سهلاً، مع عدم مشاركة أكبر تجمعين سياسيين في فرنسا، سيمشي على حفة الهاوية منذ لحظة إعلان تشكيل الحكومة وحتى نهاية عهدها!
أكثريتان متناقضتان قد تستقطبان الحكم في المجلس النيابي، وتسحبه من الحكومة متى شاءتا، إذا ما توحدتا حول مشروع قانون ما! فهل ينتقل حكم فرنسا مع بارنيه من الحكومة الى المجلس النيابي؟
وصاية التجمع الوطني على الحكومة المقبلة سوف تحد بالتأكيد من قدرتها على الحكم! ولكن هل يقبل التجمع الوطني أن تستمر الحكومة، الى ما بعد العشرة أشهر؟! على الأرجح لا!
سيمشي بارنيه مع حكومته في حقل ألغام سياسي، بألغام يمينية ويسارية في الوقت نفسه، ومن غير المرجح أن ينجح بتجاوزه سليماً!
Visited 61 times, 1 visit(s) today