النداء الأخير.. وأزمة حزب الأصالة والمعاصرة

النداء الأخير.. وأزمة حزب الأصالة والمعاصرة

 فجري الهاشمي

       كتب خالد الحري، مدير النشر ورئيس تحرير يومية “الصباح” الصادرة بالدار البيضاء، افتتاحية في العدد الصادر يوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، عنونها بـ”النداء الأخير”. وهي في مضمونها دفاعا مبطنا عن (أبوغالي)، عضو القيادة الثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة (البام)، وقد تم تجميد عضويته. وفي نفس الوقت الإشارة إلى الدور الذي أصبح يلعبه شخص مثله في هذا الحزب، هو الذي لم يكن يملك شيئا وأصبح فجأة وبقدرة قادر، من الأثرياء، ومن المقررين في حزب (البام)..

 بعض الصحفيين، حين يحشرون أنوفهم في المشاكل الداخلية للأحزاب، لا يكون الأمر هكذا (في سبيل الله)، ولذلك فإن من يقرأ ما بين السطور، في افتتاحية خالد الحرى، سوف يفهم القصد والمقصود، خصوصا وأنه لم يتطرق إلى مسببات التجميد.

الشخص الذي أقحمه خالد الحري، والذي قال عنه إنه (لم يكمل تعليمه الثانوي)، كنت قد تحدثث عنه في ورقة سابقة، حيث سبق له أن كان في الشبيبة الاتحادية بمدينة أسفي، واحتضنته عائلة مناضلة معروفة في الدار البيضاء قبل أن يصبح عضوا في جهة مراكش مدعما، من طرف أحمد اخشيشن، وسطع نجمه حين لعب دورا كبيرا في صعود عبد اللطيف وهبي (وزير العدل في الحكومة الحالية).

لقد مر حزب الأصالة والمعاصرة بمرحلتين :

– الأولى، حين كان السيد فؤاد عالي الهمة  )المستشار الملكي) عرابه. وكان تأسيس هذا الحزب يهدف إلى ملء الفراغ الذي تركه تراجع الاتحاد الاشتراكي بعد إنهاكه. وكانت البداية هي تأسيس جمعية “حركة لكل الديموقراطين”، والتي ضمت في صفوفها عددا من اليساريين، وهي التي تقرر تحويلها لاحقا إلى “حزب الأصالة والمعاصرة”، وقد كان إدريس لشكر، لما كان عضوا بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ،  هو من أطلق على هذا الحزب اسم “الوافد الجديد”، في الوقت الذي كان لحزب عبد الإله بن كيران موقفا غير مرحب من هذا الحزب الجديد.

لكن فشل بعض اليساريين، الذين ترشحوا باسمه في انتخابات جزئية، جعل (البام) يغير من تكتيه لينفتح على الأعيان الجدد، فوحدهم القادرون على اكتساح الميدان. هكذا احتل حزب فؤاد عالي الهمة المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية لسنة 2009.

 التحاق الأعيان الجدد بالأصالة والمعاصرة شكل الموجة الثانية في تطور هذا الحزب. وهاته الموجة أدت إلى التحاق العديد من الوجوه التي ستتحول إلى مشكلة كبيرة بالنسبة لـ(البام)، خصوصا بعد اعتقال  سعيد الناصري وبعيوي.

إن علينا أن نتذكر أن “حراك 20 فبرابر سنة 2011″ هو من أوقف وألجم مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة، بعدما كان منتظرا أن يتولى الحكومة سنة 2012، لكن الرياح سارت باتجاه آخر مع موجة ماسمي بـ”الربيع العربي”.

 وعلينا أيضا أن نتذكر كيف طالب حزب بن كيران أكثر من مرة بحل حزب الأصالة والمعاصرة .

والخلاصة السريعة تقول: إن التقطيع الانتخابي الحالي فتح الباب أمام الأعيان الجدد، الذين يعتبرون الهدف من التواجد في المؤسسات ينحصر في خدمة مصالحهم الاقتصادية والسياسية.

والسؤال، هل الذين أسسوا هذا الحزب لم يكونوا يعرفون طبيعة هاته الطينة؟

أم أن هاجس قطع الطريق على “الإسلام السياسي” جعلهم يغضون الطرف إلى حين، في إطار لعبة التوازنات السياسية .

يبدو أن انكسار شوكة الإسلام السياسي، وانهيار ممثله المعتدل (حزب العدالة والتمنية)، سوف يطرح موضوع مستقبل  حزب (البام)، وقد نعرف في الانتخابات المقبلة رحيل عدد من “الباميين” إلى حزب أخنوش (رئيس الحكومة)، لكن مع ذلك فإن المقررين في سياسة هذا البلد يبدو أنهم غير مستعجلين، فقد يرفعون أيديهم، لكنهم ينتظرون ما سينجلي عنه غبار الأحداث وتقبات الأيام.

Visited 26 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

فجري الهاشمي

ناشط سياسي مغربي