بعد عام على حرب المساندة ما هي النتائج؟

بعد عام على حرب المساندة ما هي النتائج؟

أحمد مطر

       عام كامل مرت على لبنان منذ شن حزب لله، ما سماها “حرب المشاغلة” ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، دعماً لحركة حماس والشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، ردا على عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها الحركة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في غلاف القطاع، واستطاعت قتل المئات من جنوده وأسر العشرات من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين والأجانب. 
أمور كثيرة كشفتها هذه الحرب المستمرة بضراوة أكثر من السابق، اولها الزج بلبنان، بمعزل عن إرادة أكثرية اللبنانيين، والحكومة، في المواجهة العسكرية مع إسرائيل منفردا، تحت عنوان المساندة، وانكفاء سوريا وإيران عن المشاركة، ما كشف عدم جدية وحدة الساحات التي لطالما استقوى بها قادة الحزب وحلفاؤهم لتهديد إسرائيل، والخصوم بالداخل والدول المجاورة.
أولى نتائج هذه الحرب، استمرار الحزب وحلفائه بتعطيل المسار السياسي الداخلي، وربط الحلول السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية، بانتهاء الحرب على غزة، ما أبقى الانتخابات الرئاسية معلقة، ولبنان بلا رئيس للجمهورية، والحكومة مشلولة، واستنزاف الوضع الاقتصادي والمالي.
بات واضحا أن مسار الاتصالات التي تقودها أكثر من جهة دولية مع إسرائيل توصلا لوقف لإطلاق النار في لبنان وعند الحدود الجنوبية، يصطدم بلآت متعددة من قبل العدو، حتى وإن بدت تصاريح بعض المسؤولين الإسرائيليين تؤكد أن لا نية في احتلال الأراضي اللبنانية، بقدر ما أن الهدف القضاء على حزب الله. فإسرائيل التي تعربد وتستبيح الأخضر واليابس وتحدث خرابا ودمارا وتقتيلا أينما حطت، تؤكد أن الدعم الدولي، وتحديدا الاميركي، فرصة ذهبية إضافية لا يمكن تفويتها على أبواب انتخابات رئاسية في أميركا. ويعتبر مراقبون كثر أن الظروف اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى تسوية سياسية في الشرق الأوسط على الرغم من قساوة المشهد العسكري التي يتعرض له لبنان وغزة. 
لم تنفع كل النصائح والمحاولات السياسية والخارجية بإقناع الحزب، بإجراء مراجعة واقعية، لوقف هذه المواجهة المحتدمة، التي بدأت تتمدد إلى مناطق بعيدة عن خط المواجهة، وتستهدف مواقع ومراكز حزبية وقيادات الحزب الميدانيين، بشكل مركزحتى وصلت إلى قلب العاصمة بيروت. 
أجهضت كل محاولات إنهاء المواجهة العسكرية الدائرة بين حزب لله وقوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، بمعزل عن حرب غزة، والتفاهم على وقف إطلاق النار، وإنجاز اتفاق نهائي لتهدئة الأوضاع وإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، وحل مشاكل الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، بالرغم من كل الوساطات التي بذلت في هذا الخصوص، ولاسيما من المستشار الرئاسي الاميركي أموس هوكشتاين.
تفاعلت تداعيات المواجهة العسكرية الدائرة بين الحزب وإسرائيل جنوبا، بعد تزايد التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، بحجة إعادة المستوطنين الإسرائيليين الذين هجروا من المناطق الحدودية المحاذية للحدود اللبنانية، جراء المواجهة العسكرية، وتحولت مؤخرا، إلى حرب اغتيالات لقادة ومسؤولي الحزب البارزين وبينهم الأمين العام لحزب لله حسن نصرلله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقصف جوي متواصل لمراكز ومواقع الحزب في كل المناطق، وتدمير وحشي ممنهج لأبنية الضاحية وتهجير سكانها، كما سكان القرى والبلدات الجنوبية أيضاً.
بعد عام من حرب المساندة، أصبح لبنان في وضع خطير جدا، في غياب سلطة سياسية متكاملة، يتعرض يوميا لحرب إسرائيلية وعدوان على مدار الساعة، وقرى وبلدات جنوبية مدمرة بالكامل ، وأكثر من مليون نازح إلى خارج أراضيهم ومنازلهم، والمواجهات محتدمة بين الحزب وقوت الاحتلال الإسرائيلي، في العديد من المناطق الحدودية، وإطلاق الصواريخ مستمر على الداخل الإسرائيلي، بالرغم من الضربات القاتلة والموجعة التي تلقاها الحزب، بينما الحلول الديبلوماسية تكاد تكون مقفلة حتى الساعة، بفعل رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لكل المناشدات والنداءات الدولية لوقف إطلاق النار والتفاوض، في محاولة لفرض شروط ومطالب إسرائيلية جديدة على لبنان تتجاوز ماكان متفاهما عليه سابقا، مستفيدا من غياب الدور الأميركي الضاغط، لانشغال الأميركيين بالانتخابات الرئاسية.
ختاماً، إن الحل يبقى مرهون بانسحاب حزب الله مسافة 10 كيلومترات عن الحدود، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية، والذهاب إلى مفاوضات بين الطرفين بإشراف دولي وأممي، إضافة إلى أهمية إعادة تفعيل اللجنة الرباعية الفرنسية – الأميركية – اللبنانية – الإسرائيلية، والتي أثبتت فاعليتها وقدرتها على وقف عملية عناقيد الغضب في العام 1996. إلا أن النيات والأجواء والمعادلات والموازين الدولية كلها تغيرت وتبدلت اليوم، وبات من الصعب جدا فرض شروط وشروط مضادة، خصوصا إذا كانت الجهة العارضة، فرنسا أو الولايات المتحدة، في موقع لا يخولها ضبط إيقاع المعركة. من هنا، فإن التقديرات تشير إلى أن كل الأجواء والتسويات التي تحاك في الغرف المغلقة قد يتم الإفراج عنها بعد الخامس من الشهر المقبل، موعد الانتخابات الأميركية، أيا يكن الفائز، المرشح دونالد ترامب أو المرشحة كاميلا هاريس. فكما قبل الانتخابات الأميركية لن يكون كما بعدها، وهذا أمر محسوم.
 
Visited 58 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني