كيف ينوي نتانياهو السيطرة على لبنان؟!

كيف ينوي نتانياهو السيطرة على لبنان؟!

سمير سكاف

       مؤتمر باريس فرصة إنسانية كبيرة للبنان، وفرصة سياسية ضائعة بسبب الموقف الإسرائيلي الرافض لأي نوع من أنواع الحلول الديبلوماسية!

100 مليون يورو فرنسية ستُضاف إلى مساعدات انسانية ودعم للجيش وللمؤسسات، مع دعم دولي آخر!

ومع ذلك، فالحرب مستمرة على لبنان، كما على غزة، مع انطلاق المؤتمر الفرنسي حول لبنان.

وستكون الحرب تصعيدية حتى تحقيق “النصر”! و”لا بديل عن النصر”! يقول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في المقابلة التي أجرتها معه بالأمس محطتا CNEWS وEurope 1 الفرنسيتان.

ويمكن حصر مقابلة نتنياهو في 18 عنواناً رئيسياً هم:

 1 – لا وقف للنار… حتى النصر!

لا يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وقف الحرب في لبنان! وبالتالي، كل من يبني نظرياته على وقف النار لتطبيق القرار الأممي 1701 هو واهم! فإن وقف النار يعني إعادة تسليح حزب الله” بحسب نتانياهو!

 2 – لا قيمة للقرار 1701! وهو حبر على ورق!

يعتبر نتانياهو أن القرار 1701 أصبح مجرد ورقة، وحبراً على ورق! فال 1701 واليونيفيل لم ينجحا، برأيه، بمنع حزب الله من التسلح ب 150.000 صاروخ. معتبراً أنه لا يمكنه الاحتكام من جديد إلى كتابة قرار يكون “حبراً على ورق“!

 3 – احتفاظ إسرائيل بحقها في دخول لبنان لحماية نفسها في أي وقت” أمر لا رجوع عنه!

ستحتفظ إسرائيل لنفسها بعد الحرب على لبنان بحق الدخول إلى أراضيه وإلى أجوائه لحماية نفسها عندما ترى حاجة أمنية لذلك، وفي أي وقت. وهذا أمر لا تراجع عنه! وهذا العنصر هو أبرز الإضافات إلى القرار 1701! فإسرائيل لن تتخلى عن حمايتها لنفسها لصالح أي كان. بحسب نتانياهو!

وهذا الطلب الذي يريد أن يفرضه نتانياهو بالنار هو المؤشر الأساسي لاستمرار الحرب حتى انكسار أحد الطرفين.

 4 – نتانياهو يريد كسر حزب الله لا التفاوض معه!

لن يقبل نتانياهو بأنصاف الحلول تجاه احتمال الخطر الذي قد يشكله حزب الله على أمن إسرائيل الآن أو في المستقبل. وهو ما يؤشر أيضاً إلى إطالة عمر الحرب حتى تاريخ حسمها في الميدان!

 5 – إعادة مستوطني الشمال إلى “بيوتهم وقراهم” بالقوة!

نتانياهو مصمم على إعادة مهجري الشمال الإسرائيلي إلى “منازلهم” و”قراهم” بالقوة، وليس بالتفاوض! فهو يدرك أن حزب الله سيقوم بالمستحيل لمنعهم من العودة من دون فرض شروطه، التي يرفضها نتانياهو جملة وتفصيلاً!

ولا يريد نتانياهو فقط عودتهم. بل يريد أن يضمن أمنهم. وأن يمنع حزب الله لاحقاً من أدنى إمكانية لتكرار 7 أكتوبر جديد تجاههم! ويريد بلوغ ذلك بالقوة!

نتانياهو يحاول بذلك إزاحة ضغط 60 إلى 80 ألف مهجّر من حوإلى 43 قرية ومستوطنة شمالية عن كتفيه… بالنار!

 6 – إسرائيل تقود محاربة الارهاب في العالم الحر!

يعتبر نتانياهو أنه يقود الحرب على الارهاب. وهو كرر مرات عدة في الحوار مع محاورته الفرنسية أن “حربنا هي حربكم. ونصرنا هو نصركم”! مشدداً أن العالم كله يجب أن يكون إلى جانبه. فهو أراح العالم من السنوار ومن نصرالله، كما قال!

 7 – خلاف جذري مع ماكرون!

لم يخفِ نتانياهو خلافه السياسي الحالي الكبير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حتى بعد حديثه معه، وأن ماكرون خيّب ظنه كثيراً! وهو قال له أيضاً “حربنا هي حربكم“!

 قال نتانياهو لمحاورته “لو استطاع هؤلاء (حماس وحزب الله…) قتلكم لقتلوكم” جميعاً! مذكراً بما تعرضت له فرنسا من عمليات إرهابية في الباتكلان وتولوز ونيس

وأكد لها أنه يحارب عن الجميع وبإسمهم، وأن فرنسا يجب أن تكون إلى جانبه وأن تدعمه في حرب “الحضارة” ضد “البربرية“!

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان يريد تأسيس ائتلاف لدعم إسرائيل، اتخذ مواقف مضادة لسياسة وأفعال نتنياهو. وهو أعلن مؤخراً مرتين أنه ضد تزويد إسرائيل بالأسلحة، وأن إسرائيل هي وليدة قرارات الأمم المتحدة وأنه يجب أن تلتزم بها!

 8 – محكمة العدل الدولية تحولت كالأمم المتحدة إلى “أضحوكة“!

يؤكد نتانياهو فعلياً أنه فوق القانون! وهو لا يتحمل فكرة أن محكمة العدل الدولية قد قارنته بالسنوار وبنصرالله، وأصدرت مذكرت توقيف بحقه؛ وهو الرئيس المنتخب ديمقراطياً في وجه قادة ميليشيات، على حد قوله!

وفي هذا الشأن، طلب نتانياهو من ماكرون انتقاد رأي المحكمة. فأحابه ماكرون إنه سينتظر قرار المحكمة ليبني موقفه. فاعتبر نتانياهو إجابة ماكرون طعنة له، وأنه في الديمقراطيات يجب انتقاد قرارات المحاكم “غير العادلة“!

نتانياهو كرر تشبيه قضية محاكمته بمحاكمة تشرشل مثلاً بعد الحرب العالمية الثانية بدلاً من محاكمة هتلر وغوبلز! وهو طالب الأوروبيين باتخاذ موقف قادة (Leadership)!

وذكّر نتانياهو ماكرون والفرنسيين بالقضية التاريخية الشهيرة التي كتب فيها الأديب الفرنسي إميل زولا مقاله “أنا اتهم” (J’accuse)!

ومن أخطر ما قاله نتانياهو أنه يعتبر محكمة العدل الدولية أنها قد أصبحت بالنسبة له كالأمم المتحدة مجرد “أضحوكة” (Joke)!

وبجواب على سؤال هل يخاف أن توقفه المحكمة الدولية خلال تنقلاته أجاب أن لا شيء سيثنيه عن متابعة المعركة حتى النصر! و”نصرنا سيكون نصركم أيضاً“!

 9 – تحرير لبنان من حزب الله وإيران!

ركّز نتانياهو هجومه في مقابلته التفزيونية على حزب الله بشكل أساسي، واعداً اللبنانيين ب “تحريرهم” من إرهاب حزب الله ومن إرهاب إيران. معتبراً أن مشكلة لبنان أنه محتل من إيران، وليس أنه محتل من إسرائيل!

وهو قال “وجدنا أنفاقاً بناها حزب الله على بعد 100 و200 متر بعيداً عن الحدود لمهاجمة إسرائيل. أنفاق تحوي على دراجات نارية وذخيرة وصواريخ… ” وتوعد بتدميرها.

 10 – قوات تضمن أمن إسرائيل بعد الحرب… لا احتلال للبنان!

لا يريد نتانياهو البقاء في لبنان بعد الحرب، كما قال. وليس هناك نية لإبقاء الحيش الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية بعد نهاية الحرب! ولكنه يريد قوات عسكرية تضمن فعلاً، على حد قوله، السلام وأمن إسرائيل!

 11 – اغتيال السنوار بداية النهاية في غزة!

اعتبر نتانياهو أن حماس تُذكر بالنازية، وأن اغتيال السنوار هو “بداية النهاية”، وليس نهاية الحرب. معتبراً أن قدرات حماس العسكرية تدمرت بشكل كامل. وإن ما واجهته إسرائيل هو أسوأ من الارهاب. وهو نوع من عودة إلى القرون الوسطى.

وعاد نتانياهو ليكرر في المقابلة مرات عدة مقولاته التسويقية السابقة إن حماس أحرقت في عملية 7 أكتوبر الأطفال وهم أحياء، وقطعت رؤوس الرجال، واغتصبت النساء وقتلت 1.200 شخصاً..!

وهو ذكّر المحاورة أن حماس قطعت رأس بروفسورين فرنسيين (دومينيك برنار، وباتي) وكاهن فرنسي كرملي في كنيسته.

نتانياهو أكد على “إنسانية” إسرائيل، التي تسمح بمرور شاحنات الطعام والمساعدات الانسانية وأن حماس تقوم بمصادرة بعضها وتمنع وصولها إلى أهل غزة!

 12 – لا استهداف لليونيفيل!

يؤكد نتانياهو أن الجيش الإسرائيلي لا يستهدف قوات اليونيفيل في جنوب لبنان على الاطلاق! ولكنه اتهم حزب الله أنه يتلطى بها، كما فعلت حماس في المدارس والجوامع في غزة!

 13 – الرد على إيران حتمي!

اعتبر نتانياهو الهجومين الايرانيين على إسرائيل بحوإلى 300 صاروخ باليستي هو الأكبر من نوعه بالتاريخ! وهو اعتبر أن مهاجمة واستهداف رئيس دولة منتخب في غرفة نومه عمل إرهابي كبير. وهو أكد حق إسرائيل بالرد على إيران.

 14 – تحرير الأسرى أولوية “مقدسة”. ولا إعلان للنصر من دون تحقيقه!

يعتبر نتانياهو أن تحرير الأسرى الإسرائيليين يبقى من أولوياته “المقدسة”. ذاكراً في المقابلة أن شقيقه مات في عملية تحرير للأسرى. وهو ذكر أن إسرائيل نجحت بتحرير 117 أسيراً أحياء. وأنها تريد إعادة الجميع، حوإلى 101 أسير إلى أسرهم أحياءًا أو أمواتاً (فيما يُظن أن حوإلى نصفهم قد قتلوا).

 15 – ضرورة التخلص من محور الشر!

تحدث نتانياهو عن علاقة إيران بأذرعها؛ من حماس إلى حزب الله إلى الحوثيين… والذين يشكلون محور الشر برأيه.

معركة الشرق الاوسط بالنسبة لنتانياهو هي الخيار بين ديكتاتورية محور الشر، وبين السلام والازدهار!

وبرأيه، يتساءل كثيرون من سيفوز؟ هل تفوز إيران أو تفوز إسرائيل؟ من يفوز بين محور الشر (الايراني) ومحور الحرية (الإسرائيلي)؟ وهو يؤكد على فوز إسرائيل في النهاية، وعلى القضاء على محور الشر الذي يهدد العالم!

 16 – محاربة معاداة السامية

معاداة السامية هي أقدم أنواع الحقد بحسب نتانياهو. وهي آفة عالمية وفي كل المجتمعات! وإيران وأذرعها يشجعون على ذلك. وهي برأيه استمرار للهتلرية التي نفذت “المحرقة“.

وقد تعجب نتانياهو من بعض الحركات المؤيدة لحركة حماس “الإرهابية” مثل “حركة المثليين مع غزة” Gays for Gaza! وسألهم هل تدركون من تدعمون؟! ألا تدركون أنكم لو كنتم في غزة لتمّ إعدامكم؟!

 17 – إيران تهدد العرب والغرب!

اعتبر نتانياهو أن إيران وأذرعها تهدد الدول العربية. وأن كثير من العرب يتصلون به، وملايين من الايرانيين يطالبونهم (أي الإسرائيليين) بالاستمرار بالحرب لتحريرهم! وهو قال لمحاورته: “إذا فازت إيران في الشرق الأوسط، فستكونون أنتم الهدف التالي“!

 18 – “لا بديل عن النصر! حربنا حربكم!”

كرر نتانياهو هذه التعابير مرات عدة خلال المقابلة لتأكيده على إرادته الاستمرار في الحرب حتى النهاية في غزة وفي لبنان… وصولاً إلى إيران!

كما ليؤكد ويشد على ضرورة دعم العالم الغربي له من دون حدود.

 خلاصة: نعي فرص السلام والديبلوماسية!

إن أبرز مؤشرات مقابلة نتانياهو هو نعيه أي فرصة حقيقية للسلام وأي نتيجة حالية الديبلوماسية للوصول إلى وقف النار على المدى المنظور!

وقد ذكّر نتانياهو محاورته الفرنسية أن حزب الله قتل 56 جندياً فرنسياً في مثل هذا الوقت بالتحديد (عملية دراكار)، وأن حزب الله نفذ عملية إرهابية داخل فرنسا.

Visited 23 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني