احتفاء دار الشعر بمراكش باليوم العالمي للغة العربية
متابعات:
لقاء استثنائي شهدته دار الشعر بمراكش، ضمن برنامج الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، وبحضور العشرات من رواد الدار وضمن فقرة جديدة من برنامج “نوافذ شعرية”، فتح الشعراء: محمد عزيز الحصيني وعبدالناصر لقاح والبتول محجوبي، والشاعرة نوال الوزاني (المقيمة في فرنسا)، ضيف الشرف لقاء نوافذ، شرفات شعرية جديدة في مديح اللغة ووجع الزمن وبلاغة الكتابة. هذا اللقاء الشعري والفني، والذي يأتي في سياق برنامج غني لدار الشعر بمراكش للاحتفاء باللغة العربية، أحيت حفله الفني الفنانة سكينة مويس برفقة العازف سمير البريقي، فيما أشرف على تقديم فقرته الشاعر بدر هبول.
اختارت الفنانة المتألقة سكينة مويس، بعضا من مقامات الطرب الأصيل في اختيار واع لقصائد وأغاني من ذاكرة الموسيقى العربية، حيث المقاطع الغنائية تنساب في استغوار القصائد الخالدة، وحيث أصوات رائدات الطرب العربي وهو يحتفون بلغة الضاد. وبين مقامات الطرب الأصيل، حلق الشعراء بين قصائدهم، إذ قرأت الشاعرة الوجدية البتول محجوبي نصا طويلا في استدعاء للوجع العربي، قصيدة تستعيد أوجاع الزمن براهنه حيث تشظي الذات وانسداد الأفق:
لصوت الشعر في قلبي حنين/ يسائل دمعتي وهو المجاب
تسامرني القصائد كل حين/ وتسألني كلاما لا يعاب
تقول تفيئي جنات حرفي/ سطورا ما تضمنها كتاب
اقول لها دعيني ياشجوني/ فبعض الصدق جنته يباب
وانتقل الشاعر عبدالناصر لقاح الى نصوص شعرية قصيرة، في مديح بلاغة اللغة والكتابة وحضور تيمة الحب والحاجة للآخر. عبدالناصر لقاح، الشاعر القادم من زمن الثمانينات الشعري المتدفق، حيث حفر من “اشتعال السرو” مسارا إبداعيا جمع خلاله بين الإبداع والترجمة والنقد:
من قصيدة موسى نقرأ؛
“وجاءته تسري على خفرِ/ مزيجا من النار والمطرِ
كأن خطاها إذا ما خطت/ تلاحين سالت على وترِ
رآها طيوفا من النعم/ تعدى بهاها بها البشرِ
فأدرك أن التي قد هوى/ علامة ما في الدنا الأخرِ
وأن الوصال بها يقتضي/ صلاة وصوما مدى العمرِ”
برنامج نوافذ شعرية، ظل منذ انطلاقته سنة 2017 (تاريخ تأسيس دار الشعر بمراكش) إطلالة إبداعية تنفتح على آفاق شعرية، في انفتاح بليغ على أصوات وتجارب وحساسيات من المنجز الشعري المغربي اليوم، يعبرون من خلالها على خصوبة المنجز الشعري المغربي، وغنى ما يطرحه من رؤى تغني أفق القصيدة المغربية الحديثة.
اختار الشاعر محمد عزيز الحصيني، الشاعر والمترجم المغربي والقادم من جيل الثمانينيات، في برنامج نوافذ شعرية قصيدته التي ظلت تحفر في جغرافية اللغة، حيث النص ينتصر للرؤية العميق للشعر والكينونة والوجود، وينفتح على أفق بلاغات الكتابة وأسئلتها:
ليس للشعراء فضائل على البشرية
هم يلوحون بالمنافض والرماد
ويكسرون الخواطر
يهددون بالشك الضروري في المدن والكائنات
بيوتهم في السحاب والمداخن..
الشاعرة نوال الوزاني (من مواليد الدار البيضاء)، شاعرة ومترجمة من اللغتين الاسبانية والفرنسية، وضيف الشرف نوافذ، اختارت نصا شعريا أهدته للحضور في أول لقاء يجمعها بالجمهور المغربي، ومنه تقلب عن “أنت في السر أبلغ من الخبر”: “قلبٌ في يدي/ يُحاكي الروحَ/ شوقه كبيرٌ للأسف/ أرجوكَ/ بحْ بالسر في التويج/لعل البوحَ يرضي الأنين، يرضي الوردةَ…”
التقى الشعراء الحصيني ولقاح والبتول في دار الشعر والشعراء بمراكش، في لحظة استثنائية عاشها رواد الدار، في تواشج بين القصيد والموسيقى، بين شجن الكتابة ووجع الراهن، بين الرؤى ومجازاتها وبلاغات الكتابة، بين الذات وأفق ما تكتبه وانجذاب نحو أفق الشعر. ولعلها نفس اللحظة، والتي تم إعادة التفكير فيها، في برنامج محاورات، والذي نظم اليوم الموالي ضمن فعاليات الموسم الثامن لورشات الكتابة الشعرية، في لقاء خاص مع مرتفقي ومرتفقات الورشات.
وتواصل الدار برنامج احتفائها باليوم العالمي للغة العربية في محطة ثانية في مدينة الصويرة، الجمعة القادمة 20 دجنبر، ضمن مواصلة كتابة سيرة برنامجها الثقافي والشعري للموسم الثامن، بانفتاح دائم على أفق معرفي وإبداعي يزاوج بين النهل من شجرة الشعر المغربي الوارفة، بأجيالها وحساسياتها وتجاربها، وأيضا من خلال الانفتاح على أسئلة وقضايا الشعر.