محاولة جديدة لخلط الأوراق وتعطيل انتخاب الرئيس
أحمد مطر
تَجزم مصادر نيابية بأن المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من يناير-كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، ولم تسجل الحركة الرئاسية في هذه الفترة أي جديد على صعيد بلورة مواقف الكتل النيابية وترشيحاتهم. وبقي تبنِّي الحزب التقدمي الاشتراكي لقائد الجيش العماد جوزف عون في الاستحقاق الرئاسي هو الثابت. لم تصدر إشارات أخرى من القوى السياسية والنواب بشأن خياراتهم، في حين برزت أسماء قديمة في بورصة الترشيحات جرى تداولها منذ فترة ولكنها تنتظر حظوظ تقدمها على ما عداها. صحيح أن بكركي كانت على موعد مع زحمة شخصيات مرشحة أتت بهدف المعايدة، إلا أنها متمسكة بإتمام هذا الاستحقاق وتحترم خيارات الكتل النيابية في جلسة الانتخاب، وبالتالي لم تؤيد مرشحا أو تطلب دعم شخصية محددة حتى وإن كانت هناك أسماء مقربة من بكركي، وعودة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي للحديث عن الحياد الإيجابي تعدُّ مؤشرا على رغبة سيد بكركي برئيس يسير بهذه المعادلة. أما عدم الإشارة من القوى السياسية إلى الاتصالات المتعلقة بالملف الرئاسي يبقيه مفتوحا على عدة احتمالات .
حتى الآن ما من كلام رسمي عن تأجيل جلسة الانتخاب، ما يعني أنها قائمة في موعدها في التاسع من يناير-كانون الثاني المقبل، لكن الطبخة لم تنضج بعد.
تأرجحت المعطيات بين الإيجابية والسلبية، وما كان سائدا في الأيام الأخيرة من أجواء تفاؤلية تبدد في الوقت الراهن دون أن يميل إلى التشاؤم الكلي، وجاء عدم تسريب أي موقف من رئيس مجلس النواب نبيه بري حاليا حول الملف الرئاسي ليؤشر إلى ضرورة عدم المغالاة في التفاؤل بشأن الجلسة المقبلة، لكن مصادر سياسية مطلعة تفيد أن الاتصالات التي تتم ستستأنف بشكل متواصل وبجدية أكبر خصوصا إذا كان هذا الاستحقاق سينجز في هذه الجلسة، ولذلك تبدو الأيام المقبلة هي من ستحدد البوصلة بشأنه، وترى أن هناك من لا يزال يقر بوجود تعقيدات تتعلق بشكل خاص بتعدد المرشحين وعدم التوافق على شخصية أو شخصيتين ومنحهما فرصة التنافس، متوقفة عند قرار بعض الكتل في استئخار إعلان من تؤيد للرئاسة، ما يعني أن لا اسمًا جاهزاً بعد أو أنه جاهز وإنما الاعلان عنه مفاجأة، وفي السياق نفسه قد يكون الرهان على أصوات نواب كانوا متمنعين عن تبني أي مرشح في ترجيح كفة مرشح ما،خصوصا إذا لم يكن هناك من توافق في هذا الملف .
وتوضح هذه المصادر أن العودة للحديث عن أسماء وسطية مرده إلى جعل هذا الاستحقاق يمر بشكل سلس وقد يعتبر مؤيدوها أن فرص وصولها إلى قصر بعبدا مرتفعة، ومن هنا يعوِّل عليها البعض، لكن المشكلة تكمن في تحديد من يملك هذه الصفة، مشيرة إلى أن موقف الثنائي الشيعي بشأن هوية المرشح الذي يدعمه ليس واضحا بشكل كلي، وهناك معلومات تشير إلى إنجاز كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة غربلة للأسماء في أقرب وقت ممكن وبناءً على معطيات لدى رئيس المجلس، في حين أن التيار الوطني الحر لا يزال يدرس التوقيت المناسب لبق البحصة الرئاسية، وليس معروفا أي خط سيسلك. أما بالنسبة إلى فريق المعارضة فلم يحدد حتى الآن موقفه من أي مرشح ما يعزز التأكيد أنه في حال من الانتظار.
وتقول إن الحراك الداخلي قائم ويتوقع أن ينشط في الأسبوعين الأولين من الشهر المقبل، وقد تتحول عين التينة إلى قبلة للمرشحين الطامحين، أما الحراك الخارجي سواءٌ من فرنسا أو الولايات المتحدة الأميركية أو قطر فله مفاعيله أيضا وهذا ما قد يتظهر مع اللجنة الخماسية، معتبرة أن الملف الرئاسي غير محسوم بعد ومع اقتراب موعد جلسة التاسع من يناير- كانون الثاني ترتسم ملامحها وما قد يعقبها من خطوات أخرى والتي تحمل بصمات خارجية على أبعد تقدير خصوصا إذا تقاعس الداخل عن دوره .
مع انطلاقة ورشة تحضيرات في القصر الجمهوري منذ فترة، بات السؤال عن موعد وصول الرئيس إليه طبيعيا، وسواءٌ كان وشيكا ام لا فإن هذه الورشة لن تتوقف لأنها أساسية لمواكبته قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي .
ختامًا الأهم في هذه المرحلة أن يكون رئيساً بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على رأس الطائفة المارونية. رفيق الحريري الذي انتقل معه لبنان من الحرب الأهلية التي دامت خمسة عشر عاماً إلى مرحلة البناء وإعادة الإعمار بدعم عربي ودولي كبير، فكانت الإنجازات العمرانية حاضرة في المطار والمرفأ والأسواق التجارية، وفي الجسور والطرقات والمستشفيات الحكومية والصروح الجامعية والرياضية. ورفيق الحريري الذي كان رجل البناء والسلام والوحدة بين اللبنانيين دون تمييز طائفي، وكان رجل الدفاع عن أرض لبنان وجنوبه وشعبه، وهو الحريص على استقلال وسيادة لبنان ومستقبل أبنائه ومواطنيه المقيمين والمغتربين فهل من يتعظ .