الرواية وتخييل الذاكرة

الرواية وتخييل الذاكرة

إصدارات:

       عن مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء، صدر الكتاب السنوي (العدد 7- 2024) والذي يحمل عنوان “الرواية وتخييل الذاكرة”، والذي يضم ثلاثة فصول تشكل، في مجملها، مقاربات نقدية للرواية العربية والمغربية بلغاتها المختلفة؛ العربية-الفلسطينية والمغربية المكتوبة بالأمازيغية والانجليزية، مع رصد تحولاتها وقضاياها وموضوعاتها وأشكالها الفنية، انطلاقا من علاقاتها بالتخييل والذاكرة، وسعيا إلى بناء معرفة جديدة بالذاكرة  وظلالها على الذات والإنسان والمجتمع.

الفصل الأول : سرديات الأرض والذات في الرواية الفلسطينية الجديدة:

سعيدة تاقي: أصل وفصل من النص الفلسطيني إلى نسق الكتابة الروائية.  محمد خفيفي: الخيمة البيضاء لليانة بدر جراح الذاكرة الفلسطينية. محمد علمي: الترميز والمعنى في رواية “الريحانة والديك المغربي” ليحيى يخلف. محمد زكرياء بنسالم: ذاكرة سجنية للمستقبل، قراءة في رواية ستائر العتمة للروائي وليد الهودلي.بلعيد جليح: “ربيع حار” لسحر خليفة، نقد الذات وفضح جرائم الاحتلال. محمَّد زكّاري: البُعدُ التاريخي والاجتماعي في رواية: «احتضار عند حافَّة الذاكرةِ» (2022) للروائي الفلسطيني أحمد حرباوي. عبد الجليل الشافعي: سردية الألم وتشظي الهوية في رواية “رواية منذ ساعة تقريبا” لناصر رباح. أنس هاشيم: الرواية الفلسطينية الصيغ الدلالية والجمالية في رواية “مديح لنساء العائلة”. سُفيان البرّاق: الرّواية والواقع: رواية “على درب مريم” نموذجاً.

الخامس غفير: مقاربة سوسيولوجية لرواية ” جريمة في رام الله” عبّاد يحيى. سكينة الروكي: صورة فلسطين في رواية بنت من شاتيلا لأكرم مسلم.

الفصل الثاني: الذات والهوية وتخييل الواقع في الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية:

مبارك أباعزي: الرواية الأمازيغية محطات التأسيس وقضاياه. الحسن زهور: السجن في الأدب الأمازيغي الحديث (الرواية).

زهرة لصفر: الأسطورة في رواية “إناكوفن” لمحمد أسوس: الأشكال والأبعاد. عبد الله زمزكي: الاستعارة والسرد في الرواية الأمازيغية “asawn s ozdar” بنيتاها السردية والدلالية. علي أيت لاشكر: استدعاء الموروث في رواية “Askʷti n tlkkawt” (التجليات،والوظائف). عياد ألحيان: هوية كتابة وكتابة هوية في بعض الروايات الأمازيغية المكتوبة باللغة الأمازيغية. فاضمة فراس: عندما تصبح ” argaz” موضوعا: صور الرجل – الآخر في الرواية النسائية المكتوبة بالأمازيغية.

الفصل الثالث: قضايا جديدة في الرواية العربية المكتوبة بالأنجليزية الاغتراب والهوية وتمثيلات الوطن:

محمد بطوي: الجرح وتقاطعات النوع ، والعرق والاغتراب في رواية فادية فقير (2007) My Name is Salma (اسمي سلمى).

مراد الخطيبي: سياسات الهوية في روايتي Hope and Other Dangerous Pursuits (الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى)، و  The Moor’s Account (ما رواه المغربي) للكاتبة ليلى العلمي. نوح انجار: ديناميات الهوية الجندرية في الشتات: التنافر، والتناقض في روايات المهاجرين العرب المسلمين: رواية West of the Jordan (غرب الأردن) للكاتبة ليلى حلبي كدراسة حالة. يسمين زروقي: صور الوطن، والانتماء، وعدم الانتماء في رواية Somwhere, Home (في مكان ما ببيتي) للكاتبة ندى أعور جر. الحسين خضيري: دراسة الأسر والعبودية الحديثة في الكتابة العربية البريطانية عن الشتات: رواية   Sold (2010)   للكاتبة زانا محسن كدراسة حالة. محمد زكريا لغمام: هوية الشتات وسياسات الذاكرة في رواية Crescent (2003)  (الهلال) لديانا أبو جابر.

والكتاب السنوي، هو مطبوع علمي يصدر منشورات مختبر السرديات والخطابات الثقافية  بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء – المغرب. وينشر الأعمال العلمية للباحثين في المختبر، من أساتذة وطلبة، ضمن دكتوراه تحليل الخطاب السردي وماستر السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية؛ كما ينشر أبحاث وترجمات للمشاركين والمتعاونين في ورشات المختبر. تخضع كل الأعمال المرشحة للنشر، للتحكيم التخصصي المتعارف عليه في الكتب والدوريات الأكاديمية.

ملخص الأبحاث الواردة في الكتاب:

جاء الفصل الأول من الكتاب “سرديات الأرض والذات في الرواية الفلسطينية الجديدة” مفتتحا بورقة نقدية للباحثة سعيدة التاقي بعنوانأصل وفصل: من النص الفلسطيني إلى نسق الكتابة الروائية”، ركزت فيها على دراسة نسق الكتابة الروائية في رواية “أصل وفصل” للكاتبة سحر خليفة، وذلك بالبحث في محورين اثنين، يرتبط أولهما بكشف معالم تمثيل الحكاية للفضاء الفلسطيني، ويتصل ثانيهما بكشف مناحي فرادة الخطاب الروائي، وتنطلق الدراسة في ذلك من فرضية كبرى تتمثل في كون مميزات الكتابة الإبداعية، التي انفرد بها هذا النص ضمن متن سحر خليفة الروائي، هي التي جعلت تلقيه يحيد عن النقد الروائي إلى المقاربات الإيديولوجية، وقد استعانت الباحثة في أجرأة كل تلك المداخل، بمفاهيم السرديات الوصفية والنقدية.

أما الباحث محمد خفيفي فقد تناول في مقالته الموسومة بـ: “الخيمة البيضاء لليانة بدر جراح الذاكرة الفلسطينية” موضوعتين رئيسيتين في الرواية، تتجلى الأولى في وضعية المرأة، أما الثانية فتتحدد في رصد مظاهر الانحراف الإداري والثقافي، علاوة على رصد الباحث للممارسات المشينة لجيش الاحتلال التي صورتها الروائية في روايتها، بعرضها لعدة مقاطع تشكل صورا لما يمارسه جيش الاحتلال تجاه أبناء الشعب الفلسطيني من ممارسات عديدة يطبعها الاستبداد والقهر والاستعلاء والتضييق الممنهج على المواطنين، وقد أكد الباحث من جهته على أن  الخيمة البيضاء نموذج لعدد من الروايات التي عانقت التحول في بنياتها ومضامينها، فهي تنسلخ عن خطاب القومية والجهادية والمقاومة، وتتشبث بخطاب الهوية والانتماء، كما تنحاز للذاكرة الفلسطينية الجريحة.

وفي مقالة للباحث محمد علمي:الترميز والمعنى في رواية “الريحانة والديك المغربي” ليحيى يخلف، سعى الباحث إلى فتْح أفق للتفكير في سؤال الذات، والانفتاح على مختلف العناصر الجمالية البانية لكينونة الإنسان العربي، وإلى البحث في انشغالاته وهمومه وهواجسه، وذلك من خلال الارتكان إلى الفعل الإبداعي بوصفه إنجازا خلاّقا هادفا إلى تشكيل عوالم موازية ومغايرة. وعلى هذا الأساس، عمل الباحث على تتبع تمثّلات الهوية العربية في هذا العمل الأدبي الذي يتأطر ضمن الإبداع الروائي الفلسطيني، وذلك من خلال تسليط الضوء على قضية جوهرية تتمثل في القضية الفلسطينية، دون إغفال البحث في الجماليات اللغوية والفنية التي قام عليها العمل السردي.

فيما قدم محمد زكرياء بنسالم ورقة بعنوان ذاكرة سجنية للمستقبل، قراءة في رواية ستائر العتمة للروائي وليد الهودلي، قسمها إلى محورين، الأول هو أحادية المكان وتعدد الدلالات حيث بين فيه قدرة المكان على توليد الأحداث من خلال الاشتغال على المكان الإطار/ نابلس والمكان المؤطر/ الزنزانة. بينما أبرز في الثاني وهو من المتناهي في الصغر إلى المتناهي في الكبر تناصات صغرى يتخللها النص الروائي ليخرج من النص الروائي المصغر إلى نصوص كبرى يتقاطع معها العمل في لوحة فسيفسائية متناهية في الكبر.

وكشف الباحث بلعيد جليح في مقالته “ربيع حار لسحر خليفة، نقد الذات وفضح جرائم الاحتلال” عن الأبعاد السياسية والاجتماعية التي شكلت الهاجس الأول لرواية ربيع حار، ذلك أن الرواية تمخضت عن انتفاضة الأقصى التي انفجرت أحداثها في ربيع سنة 2002، فأحداث الرواية مستوحاة من عمق هذا السخط الفلسطيني في وجه آلة الدمار والفتك الصهيونية الظالمة، وما خلفته من تحولات و ردود فعل وتصدعات في التركيبة السياسية والاجتماعية للفلسطينيين، وعلى رؤيتهم للمستقبل وللعالم من حولهم، كما ركز الباحث على ابراز الجانب الفني والجمالي للعمل الروائي الذي يقوم على استثمار الروائية في نسج الحكاية للخطاب التسجيلي وتوظيف اللغة العامية الفلسطينية.                                       

فيما اعتبر محمَّد زكّاري في مقالته البُعدُ التاريخي والاجتماعي في رواية: «احتضار عند حافَّة الذاكرةِ» للروائي الفلسطيني أحمد حرباوي أنَّ العلاقةَ بينَ الذاكرةِ ومجالها تتجاوزُ شروطَ الماديّ والواقعيِّ وتغوصُ في أبعادٍ رمزيةٍ تختزلُ تاريخ الأمّةِ الفلسطينيةِ في مرحلةٍ تاريخيَّةٍ حرجةٍ، وهو ما نجده حاضرا في الرواية المدروسة التي عملت على رسم ملامح المكانِ وعلاقتهُ بالذَّاتِ. باعتباره نتاج علاقةٍ بين الذاتِ ومحيطها، كما أشار الباحث إلى أن أحمد حرباوي حاول تقديمَ وصفٍ دقيقٍ لعلاقاتٍ احتضنتها فلسطين مطلع القرن العشرين، مضيفاً عليها بعداً إنسانوياً عميقاً، تذوبُ فيه الاختلافات وتنصهرُ عنده الفروقات، فصورت المقالة كيفية تعامل الروائي مع المكان الذي أعاد رسمه من خلال شخوصه.

ومن جهته اختار عبد الجليل الشافعي في مقالهسردية الألم وتشظي الهوية” العمل على رواية “رواية منذ ساعة تقريبا” لناصر رباح، باعتبارها أنموذجا للرواية الفلسطينية التي قامت على تسريد الهوية، حيث ركز على إيضاح مفهوم الهوية ومدلولاته وعلاقته بالذات الفردية والذات الجمعية، منطلقا مما تعرضه الرواية عبر أحداثها المختلفة وشخصياتها المتعددة. ليخلص في الأخير إلى استنتاجات مؤداها أن هذه الهوية تتميز بالتشظي وعدم الانسجام، سواء تعلق الأمر بالهوية الفردية، أم بالهوية الجمعية، وأن هذا التشظي تنعكس تجلياته على أكثر من مستوى، تتجلى فيما هو نفسي-وجداني واجتماعي وديني وغير ذلك من المستويات (…) كما استنتج أن الألم الذي سببته العوامل السياسية والتاريخية (الانتداب البريطاني ثم الاستيطان الاسرائيلي) على نحو رئيس، قد عزز من تشظي هذه الهوية، فكانت النتيجة أن الهوية الفلسطينية، حسب الرواية، هوية غير منسجمة، وأليمة.

وفي ورقته المعنونة بالرواية الفلسطينية الصيغ الدلالية والجمالية في رواية “مديح لنساء العائلة” للكاتب الفلسطيني محمود شقير، كشف الباحث أنس هاشيم عن أهم التمثيلات الجمالية والفنية للرواية، مع رصد أهم الأبعاد الواقعية والاجتماعية والتاريخية التي تطبع محكيات النص الروائي، في محاولة  للوقوف عند أهم الدلالات التي تحملها المرأة الفلسطينية، وكيفية تصوير الروائي لها ضمن قالب سردي، وقوفا عند محكي الاغتراب المهيمن على بنية النص من بدايته لنهايته ، ليخلص إلى أن هذا النص تجسيد وتمثيل لواقع فئة من الأسر الفلسطينية التي تخلت عن عروبتها وتقاليدها وأعرافها واتبعت نظاما غربيا بأبعاده الحداثية.

فيما سعى سُفيان البرّاق في ورقته  الرّواية والواقع: رواية “على درب مريم” لنادية حرحش نموذجاً إلى إبراز التقاطع الحاصل بين الرّواية والواقع، على اعتبار أنّ هذه الرّواية حملت على عاتقها تصوير الأعباء والأعطاب التي تنخر الواقع الفلسطيني بدءًا من الاستلاب الذي طال المرأة العربية، والفلسطينية تحديداً، والهضم المجحف لحقوقها، ثم العُدوان المخزي الذي مارسه المحتلّ الغاشم في حقّ الفلسطينيين، كما أشار إلى استدعاء الكاتبة الرمزية الدينية، والأحداث التاريخية التي عاشتها فلسطين، والمنطقة العربية عامّةً، المليئة بالإيماءات الرّمزية، إلى جانب تقديمه للمقوّمات الفنية والجمالية التي يتمتّع بها النّص من خلال العناية الواضحة باللغة وتضاريسها، ناهيك عن تسليطه الضوء على التقنيات السّردية الحديثة التي جنحت الكاتبة إلى توظيفها.

وفي مقاربته السوسيولوجية لرواية جريمة في رام الله” لعبّاد يحيى، ركز الباحث الخامس غفير على وظيفة الرواية ودورها في تجسير الهوة بين المجتمعات والحضارات وبناء القيم وتنمية الوعي بالحاضر وبانتظارات المستقبل، كما تناول الرواية بشكل “هرمينوطيقي” معتمدا في سبيل تحقيق ذلك على مجموعة من الحقول المعرفية المختلفة؛ وفي مقدمتها حقل السوسيولوجيا، إضافة إلى توصيف شخوصها، مبرزا بعض السمات والخصائص النفسية والاجتماعية المميزة لكل شخصية، وهو ما يعكس بجلاء طبيعة التحولات الثقافية والقيمية والفكرية  والسياسية داخل المجتمع الفلسطيني كما سعى في هذه المقاربة السيوسيولوجية إلى استحضار مقاربة النوع، بتجلية ذلك من داخل المتن الحكائي الذي يشهد على دور المرأة في المقاومة وصناعة الذات الفلسطينية، وفي إعداد رجالاتها بشكل لا يتعارض وبنية المجتمع الفلسطيني الأبيسية.

وفي آخر ورقة من هذا الفصل، توقفت الباحثة الروكي سكينة عند صورة فلسطين في رواية بنت من شاتيلا لأكرم مسلم، موضحة أن فلسطين في هذه الرواية صُورت كمكان له رمزيته المجازية المبتعدة عما يألفه القارئ، وباعتباره مكانا يحمل خصوصية قومية تعبر عن رؤية مكانية تذهب أبعد من ذلك، تتصل بجوهر العمل الفني المتجاوز للفرز الأجناسي إلى تجسيد معالم فلسفية وأنطولوجية للوجود الإنساني في المكان (الوطن)، لتكشف فلسفات في تشابك تاريخي ووجودي للذات بنظرة الآخر، إلى جانب إيضاحها للدلالات المرجعية للتاريخ التي أضفت على المتخيل واقعية.

الفصل الثاني، المعنون بـالذات والهوية وتخييل الواقع في الرواية المغربية المكتوبة بالأمازيغية، استهله الباحث مبارك أباعزي بورقة بعنوان: الرواية الأمازيغية محطات التأسيس وقضاياه، استعرض فيها المسار التاريخي للرواية الأمازيغية ابتداء من سنة 1963 مع مجموعة من الأسماء من قبيل بلعيد ءات علي، مرورا برشيد عليش صاحب الرواية الثانية سنة 1981، وبعده سعيد سعدي ومزداد أعمر وحمزة أعمر إلى جانب علي إيكن، ومحمد شاشا ثم تلاه محمد بوزكو وسميرة المراقي سنة 2001، وصولا إلى أبو القاسم ومحمد أكوناض سنة 2002، كما توقف عند مسار الرواية النسائية مع مجموعة من الكاتبات على رأسهن فاطمة بهلول وسعيدة فرحات وسميرة المراقي، إضافة إلى تجربة فاضمة فراس التي حازت قصب السبق بنشرها لسِت روايات وتجربة ملعيد العدناني وخديجة إيكن وزهرة ديكر وغيرهن.

فيما قدم الحسن زهور في مقالته السجن في الأدب الأمازيغي الحديث (الرواية أنموذجا) مجموعة من التجارب الأدبية الأمازيغية، التي اتخذت أدب السجن تيمة لها، حيث أشار إلى أن ملامح أدب السجون بدأت في الثمانينات من القرن الماضي مع ظهور الأجناس الأدبية الحديثة في هذا الأدب، ويمكن التمثيل له في القصة بالمجموعة القصصية لحسن إذ بلقاسم “ئماراين” 1988. إلى جانب تجربة محمد اكناض في الرواية سنة 2012، ومحمد أوسوس 2020 ، ولحبيب لكناسي وأكرسول وابراهيم أموري 2023، التي يمكن اعتبارها أبرز التجارب الروائية عالجت الاعتقال السياسي في الرواية الأمازيغية.

ومن جانبها، أوضحت زهرة لصفر في مقالتها  الأسطورة في رواية “إناكوفن” لمحمد أسوس: الأشكال والأبعاد أن استثمار أشكال وأبعاد الأسطورة في رواية “إناكوفن”، هو في حد ذاته استثمار  للجوانب الفنية والفكرية لمختلف الشعوب في الأعمال الأدبية، ولعل ربط الأدباء أعمالهم بهذه الأساطير هو تصريح بأهمية هذا المكون في إثراء الإنتاجات الأدبية إلى جانب اختلاف القراءات، وكذلك بينت أنه بالرغم من أهمية الأساطير في الأعمال الأدبية وقدرتها على الانزياح والمحاورة والتأويل، إلا أن الأديب في مرات عديدة يجد نفسه أمام تطويعها لتوافق رؤيته الفنية والفكرية  ليتمكن من الإمساك بأبعادها الرمزية والتاريخية والتفسيرية والاجتماعية وغيرها وتشكيلها بشكل يناسب تطلعاته وتطلعات متلقي عمله.

أما عبد الله زمزكي فقد سعى في ورقته التي خصصها  للاستعارة والسرد في رواية “asawn s ozdar” لخديجة الكجضا، إلى مقاربة اشتغال الاستعارة في الرواية عبر تحليل مجموعة من الاستعارات التصورية التي استثمرتها الكاتبة لغرض السرد في روايتها، باعتباره ملمحا بارزا من ملامح قوة الاستعارة في الرواية، موضحا أن الاستعارة في هذه الرواية تتسم بتنوع بنياتها التركيبية وأنماطها الدلالية، التي تتأسس في غالبها على التفاعل الممتد بين ذات الكاتبة المبدعة وبين محيطها الثقافي الأمازيغي، ومعظم هذه الاستعارات لا تكشف عن جمالية اللغة السردية فحسب، بل تكشف كذلك عن خصائص بنيوية تتعلق بتحديد مسارات السرد، وبناء الأحداث بناء منسجما، كما أنها تخلق أفقا متجددا للقراءة عبر دفع المتلقي إلى الانخراط الفعال في تفكيك بنيات الاستعارات السردية، التي من خلالها يمكن فهم دلالات الأحداث وربطها بسياقات معرفية وإيديولوجية وثقافية ثاوية في ثنايا النص.

فيما ركز الباحث علي أيت لاشكر في مقالته “استدعاء الموروث في رواية “Askʷti n tlkkawt” (التجليات، والوظائف)”، على رصد تجليات استدعاء الموروث في الرواية الأمازيغية، مع بيان أساليب ووظائف الاستدعاء، متخذا العمل الروائي الموسوم بـ”Askʷti n tlkkawt” للكاتبة فاضمة فراس متنا لها. وقد توصل الباحث إلى وجود ثلاثة تجليات كبرى هي: التجلي العقدي، والتجلي الفني، والتجلي الثقافي الاجتماعي، إلى جانب كشفه عن تعدد أساليب ووظائف الاستدعاء.

فيما توقف عياد ألحيان في مقالته (بالفرنسية): هوية الكتابة وكتابة الهوية في بعض الروايات الأمازيغية المكتوبة بالأمازيغية، على الهوية بمفهومها الشامل في علاقتها بالرواية الأمازيغية المكتوبة بتشلحيت، وذلك بالتركيز على الخصائص الهوياتية لهذه الكتابة من جهة، ورصد التحول الذي عرفته هذه الكتابة في بداياتها من جهة أخرى. كما تمحورت هذه المقالة حول إشكالية نشأة الأدب الروائي باللغة الام في سياق التعدد اللغوي والثقافي، هذا وقد حاول الباحث دراسة بعض الروايات لتوصيف شخصية الروائي والراوي والشخصيات وكذلك القارئ المضمن في النصوص، فيما خصص الشق الثاني من هذا المقال لدراسة تيمة الهوية بأبعادها المتعددة.

وفي مقاربة للرواية النسائية المغربية بالأمازيغية بعنوان “عندما يصبح “الأرغاز” موضوعًا: تمثيلات الإنسان الآخر في الرواية النسائية بالأمازيغية (التاشلحيت)، قدمت الباحثة فاطمة فرّاس (بالفرنسية) قراءتها لهذا المنجز الذي سعت فيه الكاتبات إلى تقويض سلطة المركزية الذكورية وإلى جعل الأنثى وتجاربها وإشكالات وجودها بؤرة اشتغالهن،  وذلك من خلال رصد بعض من هذه الصور/images انطلاقا من حضور الرجل في صورة الآخر الحامل للفكر البطرياركي والحارس لثقافة الحدود بتعبير المرنيسي، ثم الرجل الرافض لهذه الإيجيمونيا/hégémonie.

أما في الفصل الثالث المعنون بقضايا جديدة في الرواية العربية المكتوبة بالإنجليزية، الاغتراب والهوية وتمثيلات الوطن فيضم مقالات باللغة الإنجليزية، وقد افتتح بمقالة للباحث محمد بطوي بعنوان “الجرح وتقاطعات النوع، والعرق والاغتراب في رواية “اسمي سلمى” فادية فقير(2007) My Name is Salma” والتي تتناول التفاعل المعقد بين الجرح، الجنس، العرق، والاغتراب؛ حيث اعتمدت المقالة عدسة التقاطعية لتحليل كيفية تأثر سلمى -الشخصية الرئيسة-بالجرح من خلال تقاطعات جنسها وعرقها، والشعور بالاغتراب الذي يترتب على عيشها تجربة الشتات وذلك بالاعتماد على نظرية العنصرية النقدية، ونظرية النسوية، ونظرية ما بعد الاستعمار، وعمد الباحث من خلال  ورقته إلى المساهمة في فهم أعمق لكيفية تصوير الأدب لتقاطعات الجرح بين الجنس والثقافة والشتات والتعريف بالعرق.

وتناول الباحث مراد الخطيبي في مقالة معنونة: ” سياسات الهوية في روايتي Hope and Other Dangerous Pursuits (الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى)، و  The Moor’s Account( ما رواه المغربي) للكاتبة ليلى العلمي” سياسات الهوية في روايتي الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى ورواية ما رواه المغربي للكاتبة ليلى العلمي من منظور نظرية ما بعد الاستعمار. ويطرح المقال الأسئلة الأربعة التالية: أ) كيف تمت مناقشة مسألة الهوية في الروايتين؟ ب) ما هي القضايا الرئيسية التي تم تناولها في رواية ما رواه المغربي ؟ ج) ما هي القضايا الرئيسية التي تم تناولها في الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى ؟ د) هل يمكن تصنيف روايتي ليلى العلمي ضمن روايات ما بعد كولونيالية ؟ وقد كشفت الدراسة أن الرواية الأولى تناقش الهوية من منظور الهجرة حيث يسرد المهاجرون في رواية الأمل والمطاردات الخطرة الأخرى قصصهم الخاصة ويطرحون تصوراتهم المختلفة عن الذات وعن الآخر. رواية ما رواه المغربي هي رواية ما بعد كولونيالية تلقي باللوم على الآخر وتعيد الاعتبار إلى شخصية تاريخية مهمشة تدعى مصطفى الأزموري.

فيما ركز نوح أنجار في مقالته: “ديناميات الهوية الجندرية في الشتات: التنافر، والتناقض في روايات المهاجرين العرب المسلميـن: رواية “غرب الأردن”  West of the Jordan للكاتبة ليلى حلبي كدراسة حالة” أن رواية “غرب الأردن” لليلة حلبي هي مثال رائع للانعكاس الأساسي للتعدد المتزايد واللامركزية التي أصبحت تهيمن على المجتمعات العربية، التي تعيش نوعا من الشتات، حيث أوضح الباحث في مقالته كيف تكافح الشخصيات الرئيسية  الثلاث في الرواية مع الهويات العرقية والجماعية والجنسية، وتعيد تصوير منظورات مختلفة وغالبًا متضاربة لتجربة الشتات وتسمح بتفسيرات متنوعة للهوية والوطن والانتماء.

أما مقالة الباحثة يسمين زروقي “صور الوطن، والانتماء، وعدم الانتماء في رواية “في مكان ما ببيتي” Somwhere, Home للكاتبة ندى أعور جر”، فقد رصدت تعريفات المنزل في هذه الرواية، مؤكدة على أن فكرة المنزل تعتبر واحدة من أكثر المواضيع تكرارًا في كتابات النساء العربيات الناطقات بالإنجليزية، كما عملت على كشف القضايا المتعلقة بالثقافة والوطن والهوية، وأبرزت كذلك تأثير الحرب الأهلية اللبنانية على حياة العديد من الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة بلدهم بحثًا عن مكان هادئ للعيش فيه، ومع ذلك يجدون أنفسهم محاصرين في سعي مستمر للشعور بالانتماء.

من جهة أخرى تطرق الباحث الحسين خضيري في مقالته “دراسة الأسر والعبودية الحديثة في الكتابة العربية البريطانية عن الشتات: رواية  Sold (2010)   للكاتبة زانا محسن كدراسة حالة”، إلى التحيزات السياسية ضد المرأة في المجتمع اليمني، بالإضافة إلى التهميش الثقافي والنفاق الديني الذي يطارد النساء في اليمن، فالدراسة كانت بمثابة محاولة لإثبات مدى قدرة زانا محسن على المشاركة بوعي في المنافسة السياسية والاحتجاج ضد المؤامرات الدولية داخل البلاد، حيث هدف الباحث إلى مشاركة تجاربها القاسية من عنف، واختطاف، وتعذيب، وكذا الصعوبات التي تعانيها من الاغتراب. باستخدام نهج نسوي ما بعد استعماري، مما يجعل من مقالة الباحث تحقيقا نصيا للرواية يتضمن وصفًا وتحليلا وتفسيرًا للظواهر المختلفة للظلم والتفاوت والتحيز ضد المرأة في العالم العربي.

أما الباحث محمد زكريا لغمام في مقالته: هوية الشتات وسياسات الذاكرة في رواية” الهلال” Crescent (2003)  لديانا أبو جابر، فقد سلّط الضوء على تصوير الذاكرة في رواية “الهلال”، التي كتبتها ديانا أبو جابر، وهي امرأة أمريكية من أصل أردني، حيث أبرز الباحث مظاهر كشف النص السردي للشتات والسعي المعقد والدائم وراء الهويات الفردية والجماعية، ففحص بشكل نقدي سياسات الذاكرة، باستخدام الوسائط المرئية، التي تعتبر “مواقع ذاكرة” مثيرة للتأمل، من خلال هذا الاستكشاف المتعدد الأبعاد، كشف الباحث عن التفاعل الديناميكي بين الذاكرة والمأكولات والتفاعلات الاجتماعية داخل المقهى، نظرا لأهميتها في تعزيز تذكر التجارب السابقة.

Visited 14 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة